أهم نقاط المقالة:
- سوق الأسهم يضرب مستويات قصوى – للسياسة النقدية دورا أساسيا في هذا التقدم – لا الحصر.
- السيولة المالية في الأسواق العالمية تلعب دورا رئيسيا في تفسير هذه التحركات.
- تراجع منحنى العائدات لا يردع القوى الشرائية.
- نمو اقتصادي بدون ضغوطات تضخم قوية قد يكون لصالح سوق الأسهم ما زال هذا الأمر متواجد في الاقتصاد.
ضربت أسواق الأسهم الأمريكية مستويات تاريخية خلال الفترة الأخيرة وقد جلبت أنظار المستثمرين حول العالم. في الحقيقة، عند النظر على تحركات مؤشر الأسهم الرائد في الولايات المتحدة –S&P 500 يمكن مشاهدة المستويات المرتفعة مقارنة بالمستويات التاريخية. سيطرة القوى الشرائية على سوق الاسهم الامريكي منذ الازمة المالية الاخيرة التي ضربت الأسواق منذ 2008 و 2009 وما زالت الأطول – زمنيا – خلال العقود الأخيرة.
لا شك بأن القيمة السوقية للأسهم تحظى لكثير من الجدل بين المستثمرين. في الحقيقة، تلعب السياسة النقدية التي اتبعها البنك الفدرالي الأمريكي - وباقي البنوك المركزية العالمية - دورا أساسيا في تهيئة هذه الظروف لسوق الأسهم. عند النظر على الفترة التي تبعت الازمة الاخيرة، يمكن القول بأن سياسة التيسير الكمي الغير تقليدية أصبحت أكثر شيوعا في الأسواق. سياسة البنوك المركزية العالمية كانت الأكثر عزما في تحقيق مرادها وبالتالي هيئة مفهوم جديد من أجل توليد فكرة "النمو الاصطناعي في الأسواق". عند الحديث عن النمو الاصطناعي، لا بد من التذكير بأن السياسة النقدية التي عهدناها حاولت أن تلعب دور المصدر الرئيسي لتوليد هذا نمو وبالتالي كان لها عدة إسقاطات مثل: نفخ سوق الأسهم الذي استفاد من السيولة في الأسواق.
عند النظر على تحرك سوق الأسهم خلال الاشهر الاخيرة، يمكن القول بأن اجتياز شهر سبتمبر بسلام تاريخيا يشير إلى عائدات إيجابية خلال الأشهر التي تتبع هذا الشهر حيث يميل توجه سوق الأسهم شمالا، وهذا ما كان في الحقيقة حتى الآن. عند النظر على مؤشر الـ VIX، يمكن مشاهدة اجتيازه لمستوى الـ 16 خلال شهر سبتمبر الأخير وقد كان هذا الاجتياز الأول للمؤشر خلال عام 2017، هذا دليل على أهمية أخذ هذا الشهر بالحسبان من قبل المستثمرين. لكن، وكما هو الحال في الأسواق المالية، يبقى السؤال الكبير عن التوجه المستقبلي. إلى اين من هنا؟
عن النظر على "بيئة" السياسة النقدية الأمريكية، يمكن القول أن معدلات الفائدة ما زالت منخفضة مقارنة بالمستويات التاريخية.هذا الأمر يدعم السيولة وبالأخص سوق الأسهم وبالتالي دفع أرباح الشركات التي يتم تداولها في الأسواق المالية. في الأيام الأخيرة، تراجع منحنى العائدات بين سندات الخزينة الأمريكية لعشرة أعوام وسندات الخزينة قصيرة المدى. لا شك بأن منحنى العائدات يصلح بان يكون احد الادوات من اجل توقع الأزمات المالية رأسا. فعند النظر على البيانات التاريخية، يمكن القول بأن انقلاب المنحنى كان قبل الأزمات المالية الكبرى.
الرسم البياني التالي يشير إلى فارق العائدات بين سندات الخزينة الأمريكية ( عشرة أعوام وثلاثة أشهر)، وتقلبات سوق الاسهم الامريكي من خلال مؤشر الـ S&P 500 على نفس المحور الزمني:
في الرسم البياني أعلاه، يمكن مشاهدة تراجع فارق العائدات دون مستوى الصفر (أحمر - محور Y الايمن) قبل الازمة المالية التي ضربت الأسواق في عام 2000 وعام 2008-2009. قيمة مؤشر الأسهم الامريكي بالاسود – محور Y الأيسر.
تراجع منحنى العائدات خلال الأيام الأخيرة كان مهم في تفسير وجهة نظر الأسواق. كنا قد شاهدنا ارتفاع العائدات على سندات الخزينة الأمريكية قصيرة المدى وخمول العائدات على سندات الخزينة الأمريكية طويلة المدى ( 10 اعوام مثلا). بما أن منحنى العائدات يستخدم في توقع معدلات الفائدة المستقبلية (Term Structure) من الممكن فهم توجه الأسواق عن طريق هذا التحرك. ارتفاع العائدات على الأصول قصيرة المدة يشير الى ان الاسواق بدأت في زيادة المضاربة على رفع الفائدة قصيرة المدى في الولايات المتحدة، وخمول العائدات على الأصول طويلة المدى ينبع خصيصا نتيجة لتشكيك الأسواق في إمكانية ارتفاع التضخم الأمريكي خلال المدى البعيد. تراجع المنحنى دُعم أكثر بعد حديث محافظة البنك الفدرالي الأمريكي البارحة عن التضخم.
عند النظر على أساسيات الاقتصاد الأمريكي، يمكن القول أن المضاربة على انهيار سوق الأسهم خلال الفترة القريبة قد لا يكون السيناريو الأمثل في الأسواق. هذا الأمر نابع من بيئة معدلات الفائدة المنخفضة مقارنة بالمستويات التاريخية والذي يدعم السيولة في الأسواق راجع مؤشرBASI ناهيك عن عدم انقلاب منحنى العائدات وعند النظر على مستوياته التاريخية، لم تأتي الأزمة المالية ( لمتداولي الأسهم - تراجع المؤشر بحدة) فور انقلاب المنحى، بل استغرق هذا الأمر عدة أشهر بعد ذلك. توقيت الدخول لشراء سوق الاسهم – شراء القيعان- يبقى الأمر الأمثل للمتداولين في أسواق المال كل ما زالت معدلات الفائدة منخفضة.