بريكست، إن حدث، فسوف يكون بداية عملية وليس نهاية قصة. اترك التفاصيل الكثيرة التي يجب أن تسوى بين الإتحاد الأوروبي والعضو السابق فيه بشأن، مثلاً، حقوق العاملين الدوليين في الخدمة المدينة والذين يعملون للإتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة أو نظرائهم البريطانيين الذين يعيشون ويعملون في أجهزة الإتحاد الأوروبي في إيرلندا أو في القارة الأوروبية، من حيث التقاعد والبدلات وحقوق الملكية وحقهم في البقاء في الدولة المضيفة. عندما تغادر المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي، يأمل داعمو بريكست تهيئة مهمة تشكيل اتفاقيات تجارية "قوية وجديدة وغامرة" مع الدول حول العالم. عوضاً عن كون هذا الأمر هو الموضوع الصغير الذي قام داعمو بريكست، مثل ليام فوكس، بالتلميح له (صفقة تجارة حرة مع الإتحاد الأوروبي سوف تكون الأسهل في التاريخ البشري، حسبما قال) فإن المفاوضات التجارية هي أمور طويلة ومعقدة تحتاج إلى خدمات الخبراء (نفس الخبراء الذين سخر منهم مايكل جروف خلال الإستفتاء، بالطبع). الرغبات السياسية بدلاً من الإقتصادية سوف تكون القوة المحركة لهذه العملية، وقد جرب داعمو بريكست تعقيد إرضاء الضرورات السياسية المتنافسة منذ النتيجة المفاجئة لتصويت عام 2016.
وعد داعمو بريكست بأن معايير الطعام سوف تبقى مقدسة بعد بريكست. هناك الكثير من عدم الإرتياح في أوروبا بشأن بعض الممارسات الزراعية الأمريكية: استخدام المضادات الحيوية في المنتجات الحيوانية واستخدام محلول تبيض مخفف لتعقيم الدواجن وزراعة المحاصيل المعدلة وراثياً، والكثير غيرها. هذه المخاوف موجودة أيضاً بين الجمهور البريطاني، مع هذا، فقط أوضح اللوبي الزراعي الأمريكي توقع التخلي عن معايير الطعام البريطانية من أجل التعامل مع استيراد منتجات أمريكية كشرط في أي اتفاقية تجارية. سوف يتسبب هذا الأمر بمشكلة بالنسبة للمزارعين البريطانيين لسببين واضحين: أولاً، واردات الطعام الأمريكية الرخيصة قد تقلل من تنافسية الإنتاج المحلي، وتهدد مستوى معيشة المزارعين البريطانيين (الذين عليهم حينها المنافسة مع المنتجات النيوزيلندية والأسترالية كذلك، على الأرجح). الأمر الثاني، والأقل وضوحاً، أن ذلك سوف يجعل تصدير المنتجات البريطانية إلى الإتحاد الأوروبي أكثر إشكالية (مع التناسي للحظة موضوع تعريفات منظمة التجارة الدولية) حيث أن الإتحاد الأروبي لن يكون قادراً بسهولة على ضمان أن منتجات الولايات المتحدة (أو غيرها) الزراعية، والتي لا تتطابق مع المعايير الصارمة للإتحاد الأوروبي، لا تدخل أسواقهم عن طريق المملكة المتحدة. الطريقة السهلة لمنع ذلك من الحدوث هو رفع الضرائب على المنتجات البريطانية إلى مستويات عقابية بحيث يكون تأثيرها صفرياً.
ولكن، اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة ليست ضمن قدرة الرئيس الأمريكي المفردة. أي اتفاقية من هذا النوع سوف تحتاج إلى المصادقة من قبل مجلس صناع القرار في الولايات المتحدة. بريكست بدون صفقة سوف يجبر وجود حدود بين الجمهورية الإيرلندية وإيرلندا الشمالية بسبب إلتزامات منظمة التجارة الدولية و (في النهاية) حماية السوق الأوروبية الموحدة. هذا الأمر سوف يهدد اتفاقية "الجمعة الجيدة" وفي النهاية يهدد استأناف "المشاكل" في إيرلندا الشمالية. قائد الحزب الديمقراطي في مجلس الشيوخ، نانسي بيلوسي، أوضحت بأنهم سوف يصدون اتفاقية تجارة حرة مع المملكة المتحدة في حال حدثت. الإتفاقية التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة تعتبر حيوة لآمال بريكست ويبدو بأنها في وضع حرج عند أول عقبة – حتى قبل أن تبدأ المفاوضات التجارية. للأسف، يبدو أن داعمي بريكست لا يحسبون حساب للتبعات السياسية والإقتصادية وحدود "إيمانهم الحقيقي".