مع إستعداد المملكة المتحدة للتصويت يوم الخميس في إستفتاء تاريخي قد تكون له تبعات تصل إلى مناطق بعيدة حول العالم، تم بث "النقاش الكبير" الأخير بشأن هذا الموضوع على شاشة التلفاز مساء الأمس.
تحاول حملة المغادرة مناشدة ما يقولون بأنه القيم البريطانية الرئيسية مثل الديمقراطية والسيادة (السيطرة على الحدود وإنهاء الهجرة الحرة من الإتحاد الأوروبي إلى المملكة المتحدة) و لإستقلال و الأمل. هذا الأمر، كما يأملون، سوف يكون كافياً لخدع الشعب ودفعه لدعم قضيتهم في الوقت الذي فيه جميع الآراء الإقتصادية تقريباً تقول بأن خروج بريطانيا سوف يؤذي المملكة المتحدة وقد يتسبب في خسارة الوظائف والإستثمار الداخلي و خسارة حتمية للنفوذ (حتى لو كان ذلك على مستوى عملية إتخاذ القرار في الإتحاد الأوروبي).
لم يكونوا قادرين تماماً على تقديم نظرة واقعية للحياة بالنسبة للمملكة المتحدة بعد أن تخرج من أكبر و أنجح منطقة تجارية. من الناحية المبدئية فهم يختارون إلى عدم وجود إتفاقية رسمية بين الإتحاد الأوروبي و المملكة المتحدة قد تضمن إستمرارية وصول المملكة المتحدة إلى السوق الموحدة (الإنضمام إلى منطقة التداول الحر الأوروبية يحتاج إلى إستمرار المملكة المتحدة بالدفع للإتحاد الأوروبي و قبول قواعده، و الهجرة الحرة، و لكن من دون رأي في عملية إتخاذ القرارات). لم يقوموا بتفسير السياسة بشأن المهاجرين بعد مغادرة المملكة المتحدة (أكثر من نصف المهاجرين إلى المملكة المتحدة يأتون من خارج الإتحاد الأوروبي)، و لا يشرحون كيف أن العزلة عن شركائنا سوف يجعلنا دولة أكثر ديمقراطية و أكثر سيادة، و لم يفهموا بأن المملكة المتحدة ليست من ضمن دول الشينغين و بالتالي لديها بالفعل سيطرة على حدودها و نسوى بشكل مريح بأننا دولة جزيرة!
محافظ لندن السابق، بوريس جونسون، يدعي بأن الألمان (و ربما بقية الإتحاد الأوروبي) سوف يكونون "مجانين" بفرض الرسوم على المملكة المتحدة، مصراً على أن ذلك سوف يضر بمصالحهم. ربما تكون القواعد الأوروبية سوف تجبر وضع التعريفات ضد شريك تجاري من خارج الإتحاد الأوروبي و من دون أي إتفاقيات خاصة حالياً، و لكن الحقيقة السياسية هي أنه في حال سمح للمملكة المتحدة بالإستمرار بشكل طبيعي خارج الإتحاد الأوروبي و التمتع بنفس الوضعية التي لديها الآن بعد خروجها، في الوقت الذي سوف يكون بإمكانها قبول أو رفض السفر و العمل الحر لمواطني الإتحاد الأوروبي الآخرين (في حين يسمح للبريطانيين بالعيش و العمل حيث يشاؤون..) و عدم المساهمة في الخزينة الأوروبية، سوف يكون هناك فيض من المطالب الشعبية في الإتحاد الأوروبي مقابل الحصول على نفس الإتفاقيات و التي سوف تؤدي إلى إنهياره. الإتحاد الأوروبي – حسنا، ألمانيا، و إيطاليا و فرنسا و بلجيكا و هولندا على أي حال – لن تسمح بحدوث هذا الأمر. سوف يتم جعل المملكة المتحدة عبرة. أي شخص لديه ذاكرة قوية يمكنه تذكر بإن اليونان أجبرت على قبول التقشف، على الرغم من التعهد الشعبي، عندما أوضحت منطقة اليورو بأنها لن تسمح لليونان بتهديد العملة الموحدة. و قد أعطيت خيار قاس بين تنفيذ ما هو مطلوب منها أو الخروج من منطقة اليورو و ربما الإتحاد الأوروبي بالكامل.
كانت بريطانيا تقوم في بعض الأحيان بالنظر إلى الداخل، و لكن إن كانت حملة المغادرة تعتقد بأن الأمور سوف تستمر بشكل طبيعي إن إستيقضنا يوم الجمعة و وجدنا بأنهم قد فازوا، فإنهم (و البلاد) سوف يحصلون على مفاجئة غير سارة أبداً تسمى السياسة الحقيقية – و سوف تضع 27 دولة أخرى مصالحها أولاً و سوف يتهدد وجود الحلم الأوروبي بأكمله. إن لم يفهم "بوبو" هذا الأمر فهو أحمق، إن فهم الحقيقة السياسية، فمالذي يقوله هذا الأمر عن قدرته على الحكم و عن دوافعه؟