لقد بدأت الدراما اليونانية - التي تم خفض درجتها من أزمة شاملة – عندما رفضت المعارضة دعم مرشح الحكومة لمنصب الرئيس للمرة الثالثة مما أدى إلى إجراء انتخابات عامة في يناير التي فاز بها سيريزا، رئيس "ائتلاف اليسار الجذري.". لم يكتسح حزب سيريزا السلطة بالضبط ولكنهم جمعوا ما يكفي من المقاعد لتشكيل حكومة ائتلافية والتي تهدف إلى إزالة تدخل "الترويكا" من الشؤون اليونانية. خفض الديون بمقدار النصف (عن طريق جعل صندوق النقد الدولي ومنطقة اليورو يدفعان الفواتير، استعادة الكرامة اليونانية، إنهاء "أزمة إنسانية" وجعل ألمانيا تدفع مبلغ كبير كتعويضات عن الحرب.
قبل سقوط الحكومة المنتهية ولايتها كان صندوق النقد الدولي ومنطقة اليورو على أعتاب صرف القسم النهائي البالغ 7.7 مليار يورو في إطار خطة الإنقاذ الثانية. لقد ادعت اليونان أنها لن تحتاج إلى خطة إنقاذ ثالثة متواضعة لأنها ستكون قادرة على الوفاء بالتزاماتها من خلال الادخار والعودة إلى أسواق المال (لقد ظنت ألمانيا أنه قد يكون هناك حاجة ل 10 ملايين إضافية) ولقد حققت البلد فائض اقتصادي صغير (المتنازع عليها في وقت لاحق). لقد كانت الأمور في المسار الصحيح.
بالنسبة للغالبية العظمى من الغرباء فقد كانت تعهدات سيريزا قائمة على أمنيات بسيطة وتشبه زيارة من الرجل الذي يرتدي الأحمر ويقضي معظم سنته في القطب الشمالي. لقد حصل سيريزا على تمديد لخطة الإنقاذ لثلاثة أشهر من أجل التوصل إلى ما سيوافق عليه الدائنين كخطط قابلة للتنفيذ بالنسبة للمستقبل الاقتصادي للبلاد. لقد مر كل هذا الوقت وكل ما تم تحقيقه على ما يبدو هو التوتر والإحباط من شركاء اليونان والدائنين.
وبعد ساعة من الاتفاق (حيث تبين كيف حرص أعضاء منطقة اليورو على الحفاظ على الكتلة ككل) بقيت المفاوضات عالقة حتى دعا الإغريق فجأة لاستفتاء الذي يسأل المواطنين رفض المزيد من التقشف - وهو ما فعلوه. ولقد قال سيريزا للشعب بأن التصويت ب "لا" سيؤدي الى اتفاق خلال 48 ساعة وسيسمح للبنوك بفتح أبوابها في غضون 24 ساعة. وبدلاً من أن يسبب التصويت ب "لا" أزمة بين ال 18 دولة الأخرى في منطقة اليورو الأخرى وتوسلها للتوصل إلى اتفاق على الشروط اليونانية، أصبح واضحاً فجأة لسيريزا أن شركائه يخططون لGrexit . ولم يناقش زعماء منطقة اليورو المسألة حتى يوم الأربعاء بعد التصويت الذي كان يوم الاحد.
وفي غضون أيام طلبت اليونان جولة الإنقاذ الثالثة (حوالي 86 مليار يورو) وتعهدت التقشف والإصلاحات التي تم طلبها في المقام الأول - التدابير الرامية إلى وضع الاقتصاد اليوناني على أسس مستقرة. ولقد تم رفع ضريبة القيمة المضافة إلى مستويات نموذجية داخل منطقة اليورو. وتم إلغاء ضريبة القيمة المضافة المنخفضة الخاصة في المناطق السياحية. وسيطلب من شركات الشحن اليونانية دفع ضريبة بدلاً من القيام بالتبرعات! ولكن صبر الاتحاد الأوروبي بدء ينفد في النهاية ولم يتم إجراء أي محادثات قبل وضع التدابير أمام البرلمان اليوناني والتصويت عليها لتصبح قانوناً. لقد تم هذا التصويت الثاني مؤخراً ومر، ولكن سيريزا ووزرائه كانوا رافضين علناً للإنقاذ الذي ذكروا أنهم لا يؤمنون به ولكنهم تقبلوا أنه احتمال أفضل من الضياع الاقتصادي. هذا الموقف لا يكاد يفضي لبناء الجسور، ولكن مع مرور التصويت الثاني يمكن بدء المناقشات بشأن خطة الانقاذ الثالثة.
في غضون ذلك تم منح 7 مليارا يورو لليونان كتمويل لتمكينها من الوفاء بالتزاماتها الحالية ودفع المستحقات المتأخرة لصندوق النقد الدولي. الدعم متوفر للبنوك اليونانية من خلال البنك المركزي الأوروبي الذي سمح لها بفتح أبوابها ولكن لا يزال السحب محدوداً تحت سقف متواضع البالغ 420 € في الأسبوع لكل مواطن، ولكن يمكن على الأقل سحب كل المبلغ مرة واحدة.
نحن لسنا تماما حيث كنا في ديسمبر، وقد أصبح الوضع أكثر سوءاً. لقد حقق الشعب اليوناني هدف ذاتي مؤلم في الوقت الذي بدا فيه وكأن المباراة ستنتهي لصالحهم. ولقد تآكلت بشدة الثقة بين الأمة وشركائها الرئيسيين ومن غير الواضح إلى متى يمكن للإدارة اليونانية الحالية البقاء على قيد الحياة قبل أن يدرمها الضغط الداخلي. يرى اليونانيون الآن بالتأكيد أنه بعد خمس سنوات من المعاناة عليهم تنظيم اقتصادهم، ضمان جمع فعال وعادل للضرائب والعيش في حدود إمكانيات البلد الوطنية. يقول معظم الناس بأن هذا كان واضحاً منذ عام 2010، إن لم يكن قبل ذلك بكثير.