قال ساموئيل جونسون: "أمرٌ يمكنك الإعتماد عليه، عندما يعلم الرجل بأنه سوف يشنق في أسبوعين، فإن ذلك سوف يركز في ذهنه بشكل رائع". هذا الأمر يدفعنا للتفكير بالنقاشات الطويلة بين اليونان و دائنيها الرئيسيين؛ صندوق النقد الدولي و الإتحاد الأوروبي. في حين أن لا أحد سوف يواجه عقوبة الإعدام في حال لم تتوصل اليونان و دائنيها إلى وضعية مشتركة يمكن الإتفاق عليها، فإن زوال اليونان من منطقة اليورو و ربما من الإتحاد الأوروبي نفسه، يعد خطراً حقيقياً.
حصلت اليونان من شركائها على تمديد لمدة 3 أشهر لخطة الإنقاذ الثانية من صندوق النقد الدولي و الإتحاد الأوروبي و التي كان من المقرر أن تنتهي بنهاية شهر فبراير. كانت النية هي أن يوفر هذا الأمر للحكومة اليونانية الجديدة مساحة للتنفس من أجل الوصول إلى مجموعة مقبولة (لدائنيها) من العروض لإستبدال شروط إتفاقية الإنقاذ بين اليونان و دائنيها و التي عدلت لإصلاح الإقتصاد اليوناني و التشريعات التوظيفية من أجل وضع البلاد على طريق المستقبل الإقتصادي الثابت، و لكنها تطلبت إجراءات تقشفية واسعة. حتى هذا التاريخ، فإن الهدف لم يتحقق.
وصل حزب Syriza للسلطة على أساس مجموعة من الوعود المعارضة للتقشف و الوعد بأنه سوف يجعل الدائنين يوافقون على خفض الديون اليونانية بنسبة 50%، و هو طبعاً موقف ذو شعبية في اليونان، و لكن مشكوك فيه خارج البلاد. في حين أن الحزب يدعي، مع مبررات، بأن لديه تعهد بإنهاء التقشف و تبني مجموعة من المبادرات المرغوب بها من قبل المجتمع، فقد فشل في فهم بأن آماله و تطلعاته لليونان لا وزن لها في الدول الأخرى حيث لا يعتقد الناس بأنه من المقبول الطلب منهم تحمل فاتورة التبذير اليوناني.
من دون دفع الدفعة الأخيرة بقيمة 7.2 مليار يورو و دعم منطقة اليورو و صندوق النقد الدولي، فإن اليونان سوف تجد من المستحيل الإيفاء بالإلتزامات الحالية و المستقبلية. المفاوضات مستمرة مع وشوك الوقت على الإنتهاء، و لكن من الواضح بأن اليونان لم تعد قادرة على الإيفاء بإلتزاماتها. البلاد تطير على البخار، و قد قامت بما تستطيع القيام به لإستدعاء الإحتياطات المالية من مؤسسات القطاع العام في اليونان، و إقترضت مقابل حسابها مع صندوق النقد الدولي من أجل ملاقاة الموعد النهائي للدفع المستحقة لصندوق النقد الدولي. يجب دفع مبلغ 300 مليون يورو لصندوق النقد الدولي اليوم مع دفعات بمجموع 1.5 مليار يورو مستحقة هذا الشهر. طلبت اليونان من صندوق النقد الدولي السماح لها بدفع جميع الأموال المستحقة نهاية هذا الشهر، مما يعطيها بضعة أسابيع للتوصل إلى صفقة. تحتاج اليونان لإعادة تمويل 5.2 مليار يورو على شكل قروض قصيرة الأجل نهاية يونيو و يجب أن تدفع قرابة 6 مليار يورو في يوليو.
لا أحد يريد لليونان أن تجبر على الخروج من اليورو، و بالأخص الشعب اليوناني نفسه، و لكن إن لم تقبل اليونان بأن عليها أن تكون أكثر مرونة في موقفها و ليس الدائنين الذين ساعدوها منذ البداية، فإن مثل هذا السيناريو سوف يكون محتملاً بشكل متزايد.