الأزمة اليونانية الحالية كانت بسبب الفشل في الحكومة السابقة في الحصول على الموافقة على مرشحها الرئاسي ضمن المحاولات المسموح بها. الطريق المسدود في شهر ديسمبر أدى إلى إنتخابات في شهر يناير والتي نتج عنها فوز حزب "سيريزا" الإتلاف اليساري المتطرف، بالأغلبية البرلمانية وأعطاهم الحق في تشكيل حكومة. تولى هذا الحزب السلطة على أساس الوعود والتعهدات بإنهاء وعكس الإجراءات التقشفية، استعادة الكرامة اليونانية وإنهاء "الأزمة الإنسانية" والتخصيص وخفض ديون الدولة بمقدار النصف (على حساب المواطنين في دول منطقة اليورو الأخرى). هذه التعهدات كانت بالطبع محل شعبية في اليونان وغير مقبولة في حكومات منطقة اليورو الأخرى وصندوق النقد الدولي.
منذ شهر فبراير، والحكومة اليونانية تحاول أن تقدم عروض قيمة (من وجهة نظر الدائنين) تمكنها من إحترام إلتزاماتها المالية من دون الإخلال بتعهداتها الشعبية. مواضيع "تعويضات الحرب الألمانية" ومسامحة الديون ألقيت خارجاً حيث أن اليونان تسعى للحصول على الشريحة الأخيرة من أمول إنقاذ صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والتي يجب أن تحصل عليها مساء الثلاثاء، 30/06/2015 لتجنب التخلف السيادي. حتى إذا ما حصلت اليونان على هذه الأموال، لن يكون من المؤكد بأن قرضاً جديداً يجب أن يعطى لليونان من أجل مساعدتها على البقاء موجودة أثناء تعافي ثقة الدائنين في أسواق المال في حكومة سيريزا.
النقطة الرئيسية حالياً يبدو بأنها في حين أن اليونان قدمت نوعاً ما بعض التنازلات بشأن الـ VAT وتعرض بأن يدفع الأغنياء ضرائب أكثر، فإن الدائنين يريدون أن يروا خفض أكبر في الإنفاق العام (لا تكون إجراءات تقشفية إلا إذا سميناها بذلك!). بناءاً على أن اليونان لديها سمعة سيئة جداً في مجال التحصيل الضريبي الفعال لدخول مواطنيها وبأن الأغنياء على الأرجح أن يكونوا قادرين على حماية ثرواتهم واستغلال أي طرق قانونية لتجنب الضرائب، لن يكون من المفاجئ بأن الدائنين فاترين تجاه هذه الفكرة. في هذا الوضع، تزداد إحتمالية التخلف السيادي.
في حال تخلفت اليونان، فإننا سوف نكون في مياه مجهولة. هذا الوضع من المؤكد تقريباً أن يخرج اليونان من اليورو (إلا إذا ما تم التوصل إلى إتفاقية بشكل فوري تقريباً ولا يمكن تطبيقها في الوقت المناسب، وهو الأمر المحتمل حتى في أفضل الظروف). هذا الأمر يعد مشكلة بما أن فكرة الإنضمام إلى اليورو كانت من المفترض أن تكون دائمة وأن خروج اليونان من الممكن أن يقلل من الثقة في العملة. أتوقع بأن هذا الأمر لن يحدث. الدائنون أظهروا حجم كبير من ضب النفس في التعامل مع اليونان، وكان من الواضح منذ البداية بأنهم سوف يقوموا بكل ما يمكنهم القيام به لمساعدة اليونان على البقاء في اليورو. بشكل أساسي، سوف تخرج اليونان من اليورو لأنها غير مستعدة للقيام بما عليها القيام به للبقاء فيه – وهو أمر مختلف تماماً. حالياً، يساهم الناتج القومي الإجمالي اليوناني بمقدار 1/50 من قيمة الإقتصاد الإجمالي لمنطقة اليورو. بعد أن نجت من الأزمة المالية العالمية، فإن منطقة اليورو لن تنهار في حال غادرت اليونان. يحتاج الشعب اليوناني لليورو أكثر بكثير مما تحتاج منقطة اليورو لليونان. يجدر الإشارة بأنه حتى في أوج شعبية سيريزا التي أوصلته إلى الحكم، فإن موقفها (وموقف أغلبية الشعب اليوناني) هو أنهم يتمنون البقاء في منطقة اليورو. الإصرار على أن على الأخرين تغطية الديون اليونانية السيادية يضع هذا الأمر في خطر شديد.