التحرك التصاعدي الذي يمر به الدولار الأمريكي مؤخراً عزز نتيجة لعدد من العوامل: المؤشرات الإقتصادية المحسنة من الإقتصاد الأمريكي، نمو مستويات التوظيف في الولايات المتحدة، تراجع أسعار النفط، الضعف في بعض الإقتصاديات الأخرى (مثل منطقة اليورو و اليابان)، مما أدى إلى وضع الضغط التنازلي على العملات الخاصة بهذه المناطق (الأمر مرتبط بكلا الحالتين بالتيسير الكمي المستمر أو الجديد) و الإعتقاد بأن المعدلات الأمريكية سوف ترتفع قريباً.
فكرة أن معدلات الفائدة في الولايات المتحدة سوف ترتفع من مستوياتها القريبة من الصفر فسرت على أنها تعني بأن الدولار سوف يرتفع مع تدفق التمويل للإستفادة من العوائد الأفضل على المدخرات بالدولار. الكثير من الناس المراهنون قالوا بأن الإرتفاع، أو الإعلان عن الإرتفاع، سيكون إما في أبريل أو يونيو (لا أدري لماذا لم يقل أحد بأنه في مايو). و لكن أي إرتفاع سوف يكون تدريجي، ربما فقط بمقدار 0.1% بما أن التضخم ما يزال تحت المستهدف بكثير، و التعافي ثابت و لكنه بالكاد قوي و الزيادة الكبيرة من الممكن أن تقلل من التوسع في الأعمال التجارية. لذلك، كان السوق يترقب إجتماع البنك الفدرالي بشكل أكبر من العادة.
في هذه الحال، كانت الرسالة "ثابتة الخطى" مع إستمرار العروض بالحذر و الترقب من البنك الفدرالي، و لكنهم قاموا بتعديل اللغة قليلاً. الكلمة "صبور" (بشأن رفع معدلات الفائدة) أزيلت من بيان الإرشاد المستقبلي موفراً وليمة متحركة للمضاربين – رئاها البعض على أنها تبشر بزيادة في المعدلات و أخرين يعتبرون بأنها تؤجل مثل هذه الزيادة لفترة طويلة و يتوقعون الآن بأن تثبت المعدلات حتى شهر سبتمبر. الأمر الذي زاد الغموض، قالت رئيسة البنك الفدرالي "جانيت يللين": "مجرد أننا أزلنا كلمة صبور من البيان لا يعني بأننا لن نكون صبورين". مضت في هذا الوضع بطريقة تطمئن أي سياسي: "لا يمكننا توفير أي تأكيد و يجب أن لا نقدم أي تأكيد لأن التطورات الإقتصادية التي سوف تنتج غير مؤكدة". هل هذا واضح؟
يريد البنك الفدرالي بأن يرى المزيد من التحسن في وضع التوظيف في الولايات المتحدة قبل أن يتحرك في زيادة معدلات الفائدة. يلاحظ بأن النمو الإقتصادي "إعتدل نوعاً ما" منذ شهر يناير، مؤكداً على حقيقه أنه يعتقد بأن زيادة معدلات الفائدة من الممكن أن تعيق النمو، على الأقل على المدى القصير. كما هو متوقع، تقدمت الأسواق الأمريكية على خلفية الأخبار بأن المال الرخيص سوف يكون متوفراً لفترة أطول و تراجع الدولار من إرتفاعاته الأخيرة.