خلال الحرب الباردة، تم الحفاظ على السلام عن طريق معتقد مقبول من قبل الطرفين يعرف بإسم "دمار متبادل مؤكد". علم كلا الطرفين أنه في حال إندلاع حرب نووية بأنهم لن ينجون منها. كانت بالكاد طريقة عاقلة لضمان عدم فناء البشرية، و لكنها ثبتت حتى إنحل الإتحاد السوفيتي و المنهجية الشيوعية إستسلمت للرأسمالية. في حين أنني لا أشير إلى المقارنة بين الإتحاد السوفيتي و الولايات المتحدة الأمريكية كمثيل للفروق المنهجية بين الحزبين الديمقراطي و الجمهوري، إلا أن الجرف المالي الذي يواجههم من الممكن أن ينظر إليه كمثيل لحالة "دمار متبادل مؤكد".
كادت الولايات المتحدة أن تستنفذ جميع أموالها تقريباً خلال صيف 2011، مع تجادل الديمقراطيين و الجمهوريين على الأوضاع اللازمة قبل الإتفاق على الرفع المؤقت لسقف الديون الأمريكية. تمت تسوية المأزق عند الساعة 11، و كان جزء من التسوية هو تأسيس الجرف المالي – إلا في حال تم التوصل إلى إتفاقية من الممكن أن تنتج قرابة 600 مليار دولار أمريكي تستقطع من الإنفاق الحكومي من خلال قطع بعض المنافع الضريبية و تخفيضات إجبارية في المصاريف مع حلول العام الجديد 2013.
النقاشات بين الرئيس أوباما و رئيس مجلس النواب الجمهوري "جون بوهنير" ما زالت مستمرة. و قد لان الموقف السابق للرئيس أوباما و الذي طالب فيه برفع الضرائب على الأفراد الذين يحققون أكثر من 25000$ في السنة، و الرقم الجديد أصبح 40000$ سنوياً. و يصر الجمهوريون على أن رفع الضرائب يجب أن يستثني أي أحد يحقق أقل من 100000$، و لكنهم عرضوا إغلاق الثغرات الضريبية. و هم على إستعداد لقبول الزيادة في عوائد الضرائب إلى 1 تريليون دولار (على 10 سنوات) إذا ما قابلها خفض في النفقات – كما أنهم سوف يضيفون زيادة على سقف الديون التي من شأنها أن تضمن تمويل الحكومة لعام آخر.
يبدو أن سياسة حافة الهاوية سوف تستمر حتى موسم الأعياد، و لكن من المؤكد بأن لا الحزب الجمهوري و لا الحزب الديمقراطي سوف يتحملون مبدأ "الدمار المتبادل المؤكد" الذي سوف يغمس الإقتصاد الأمريكي في الكساد و يدفع بالعالم نحو شتاء إقتصادي نووي- إليس كذلك؟