بقلم: خالد سرحان
إستقال "سيلفيو بيرلوسكوني" كرئيس وزراء إيطاليا بعد تمرير إجراءات تقشفية عبر البرلمان. وتم إستبداله بسياسي، و لكنه أيضاً رجل إقتصادي و مفوض أوروبي سابق، و هو السيد "ماريو مونتي". رئيس الوزراء الجديد ليس عضواً منتخباً من البرلمان الإيطالي، و تتميز الحكومة التي قام بتشكيلها بعد إحتوائها على شخصيات سياسية، فهل من الممكن أن يكون هذا أول إنقلا تكنوقراطي؟
وجدت إيطاليا نفسها في مضيق، فقد أصبحت مركز الأزمة الأوروبية، و بكونها ثالث أكبر إقتصاد بين الدول الـ 17 في الإتحاد الأوروبي، فإن ثرواتها حرجة بالنسبة لمصادقية و حتى بقاء اليورو نفسه. تمكنت إيطاليا من تجميع ديون تقدر بحوالي 1.8 ترليون يورو، و هو رقم يعادل 118.3% من الناتج القومي الإجمالي الإيطالي.
مع أن إيطاليا كان لديها ديون ضخمة منذ فترة زمنية طويلة، فقد أفسدت بسبب ضعف النمو الذي يعني أن دفع الديون أصبح أمراً صعباً. أدت أزمة الديون اليونانية إلى تسليط الضوء على مشاكل الديون السيادية في أوروبا، و أصبحت الأسواق متوترة بسبب هذه الثقوب السوداء المالية الضخمة مما أدى إلى رفع تكاليف الإقتراض. مطلوب من إيطاليا تقديم عوائد بنسبة 7% على سنداتها العشر سنوية، في حين أن ألمانيا عليها تقديم 1.8% فقط للمستثمرين على سنداتها العشر سنوية.
التحدي الأول أمام السيد "مونتي" هو إقناع الأسواق بأن لديه خطة من شأنها أن تؤدي إلى السيطرة على الإقتصاد و الديون. إن تمكن من القيام بهذا الأمر، سوف تنخفض العوائد على الديون، مما يجعل من خدمة الديون الإيطالية أمراً أكثر إمكانية. فازت حكومته بدعم مجلس المستشارين، و هو الآن بحاجة إلى مباركة من مجلس النواب في تصويت ثاني للثقة. و قد وعد بتعديل الميزانية الإيطالية بحلول العام 2013، و تقليل الدين الوطني، و لكن، بالطبع، فإن الشيطان في التفاصيل. يأمل مونتي في معادلة الإجراءات التقشفية مع النمو الإقتصادي و أن يوفر "العدل الإجتماعي".
أهداف الإصلاح التكنوقراطي تتضمن نظام التقاعد و التهرب من الضرائب و النظام الضريبي و القيام بحملة على الجريمة المنظمة و إعادة إنشاء ضريبة العقارات المحلية. كما أنه يخطط لتحفيز توظيف الشباب و النساء بشكل خاص.
لمح "بيرلوسكوني" على أنه سوف يسقط الحكومة إن لم يعجبه مجرى الأمور، و لكن ربما وجود حكومة غير منتخبة يعني بأنهم غير معنين بموافقة التصويت كما هو الحال مع منافسيهم، كما أن هذا يعني بأن السياسين الإيطاليين يمكن أن يبعدوا أنفسهم عن ما هو محتم أن يكون القرارات الصعبة و الغير محبوبة التي يجب على التكنوقراطيين القيام بها.