بقلم: خالد سرحان
كان دائماً ينظر إلى الحديث عن "القرية العالمية" على أنه حديث تافه، و لكن مثل الكثير من هذه الأفكار، فإنها تحتوي على شيئ من الحقيقة. هناك الكثير من الشركات الدولية التي شكلت إما عن طريق شراكات إستراتيجية أو من خلال إنشاء شركات تابعة في الخارج. هذه الشركات تعتبر في نزوة من الحظ في الدول التي تعمل بها، خذ مثلاً حقيقة أن الفيضانات التي تضرب تايلاند، تضر بالإنتاج الصناعي في اليابان لأنها أضرت في سلسلة التوريد للمصانع الموجودة في اليابان.
في العالم المالي، يوجد لدى الكثير من البنوك العالمية عمليات خارجية ، و تقريباً جميعها مستثمرة في المنتجات المالية و الأسواق الخارجية. هذا يفسر كيف أن أزمة الديون اليونانية أثرت في القطاع المصرفي الفرنسي، حيث أن البنوك الفرنسية إستثمرت في السندات اليونانية ، لذا، في حال تخلف اليونان، فإن المستثمر الفرنسي هو الذي سوف يتحمل القعبات (نوعاً ما). كأحد سياسات إدارة المخاطر، فإن للتنويع جاذبيته، و لكن هذه الطريقة حتماً تعرض الإستثمارات إلى إنتشار أوسع للمخاطر المحتملة.
تمتعت الولايات المتحدة دائماً بالعلاقات الإقتصادية و السياسية القريبة مع الإتحاد الأوروبي (على الرغم من حربين عالميتين)، و قد كان هناك دائماً إستثمارات مشتركة ضخمة. هذا يعني أن الازمة المالية في الإتحاد الأوروبي ليست مجرد مشكلة محلية، و كأن هناك داعي للتأكيد على هذا الأمر، قامت وكالة "فيتش" للتصنيف الإئتماني مؤخراً بإصدار تحذير بشأن إنكشاف القطاع المصرفي في الولايات المتحدة الأمريكية للديون الأوروبية. بشكل طبيعي، أدى هذا الأمر إلى خفض قيم البنوك الأمريكية، فخسر بنك "مورجان ستانلي" 8% من قيمته، و بنك "جي بي مورجان" و "بنك أمريكا" خسر كل واحد منهم 3.8% من قيم أسمهما. يجب أن لا يكون هذا الوضع مفاجئاً لأي شخص مهتم بقطاع الأسهم و قد قام بأدى حد من الإجتهاد بهذا المجال، إلا أن الأسواق تميل للتصرف بناءاً على الإدراك بدلاً من الواقع. سوف تصبح أسهم القطاع المالي مغرية للمستثمرين في وقتٍ قريب، و سوف يتم تعويض الكثير من الخسائر، و لكن بما أن هناك الكثير من الأمور التي يجب أن تمر بها هذه القصة ، فإن أسهم القطاع المالي من المرجح أن تتراجع بشكل إضافي قبل أن ترتد. في الإستثمار، كما هو الحال مع الكثير من الأمور الحياتية الأخرى، فإن الأمر يعتمد على الإستثمار.