بقلم: خالد سرحان
ليست وظيفة وكالات التصنيف الإئتماني مساعدة الإقتصاديات الكبرى على الخروج من الحفر التي أوقعوا أنفسهم فيها، و لا عمل هذه الوكالات هو دعم عملة معينة على حساب عملةٍ أخرى. إلا أن عمل وكالات التصنيف الإئتماني هو أن تكون متقدمة في اللعبة بحيث تتمكن من تقديم تقييمات دقيقة و صريحة بشأن الإستثمارات في السندات السيادية.
من خلال قيام وكالة "مودي" للتصنيف الإئتماني بخفض التصنيف الإئتماني للديون الإيطالية من A2 إلى Aa2، فهي لم تساعد في أزمة الديون السيادية في الإتحاد الأوروبي، و لا في مصير اليورو. السبب الذي إستشهدت به الوكالة للتخفيض الحالي (و وضع إشارة سلبية أمام الإقتصاد الإيطالي) هو وجود "زيادة ملموسة في مخاطر التمويل طويل الأجل في منطقة اليورو، بسبب فقدان الثقة في ديون الحكومات الأوروبية". و أشارت الوكالة إلى أن "ميول السوق" تحولت إلى عكس اليورو.
في حين أن ميول السوق سوف تدفع تكاليف الإقتراض إلى الأعلى أو إلى الأسفل بالإعتماد على طبيعة هذه الميول، يجب أن لا تتدخل وكالة التصنيف الإئتماني في لعبة التنبؤات بعد حقيقة وجود تغير في الميول (المتصورة أو خلاف ذلك)، بل يجب أن يكونوا سابقين لهذه التغيرات. الخطر يكمن في أن خفض التصنيف الإئتماني بناءاً على التصورات الحالية سوف يؤدي فقط إلى زيادة تدهور الثقة، الأمر الذي سوف يؤدي إلى رفع تكاليف الإقتراض في المنطقة الأوروبية، و خفض قيمة اليورو. من المفترض أن لا تكون وكالات التصنيف الإئتماني طرفاً في لعبة كتابة نبوءات عن الذات.
الوضع الحالي حيال الديون السيادية في الإتحاد الأوروبي عبارة عن فوضى، و قد حان الوقت للقيادات السيادية أن تتخذ موقفاً حازماً تجاه المشكلة. يجب عليهم أن يقوموا بإتخاذ موقف واضح بأنه لن يسمح لأي دولة سيادية بأن تتخلف عن إلتزاماتها، و ذلك من خلال إجراءات دعم قوية من قبل مجموعة G20. و يجب أن يرافق هذا الأمر تعهد رسمي لإستعادة المنطق في مستويات الديون السيادية، بداية من أكبر الديون في اليابان و الولايات المتحدة الأمريكية. لا يسعنا إلا التفكير في الإمبراطور "نيرو" و كمانه عند إحتراق روما...