"صنع في الصين" هو عبارة شائعة نراها اليوم على الآلاف من المنتجات التي تباع و تشترى في الولايات المتحدة و حول العالم. و لكن كان هناك وقت قبل بضعة سنين عندما كانت الصين، كدولة شيوعية، تعتبر "شخص غير مرغوب فيه" و ألغيت كدولة موثوقة من حيث العمل معها.
قامت الدولة بخطوات هائلة منذ تحولها إلى التحرر في الربع الآخير من القرن العشرين و نشأت كثاني أقوى إقتصاد في العالم.
وفقاً لمحللي HSBC، نصف الإستثمار الصيني ما بين 1952 و 2013 جاء خلال السنوات الخمسة الأخيرة من فترة العقود الستة حيث كان الناتج القومي الإجمالي للبلاد أقل من ربعه في الولايات المتحدة.
و الآن، الدولة تمر في مشاكل. النمو المتباطئ خصوصاً في قطاع الشركات و الحماسة المفرطة في الإستثمار أدت إلى دخول الدولة في ديون كبيرة وصلت إلى أكثر من 100% من الناتج القومي الإجمالي بين عامي 2007 و 2014.
تحدي شيخوخة السكان
تساهم العوامل الأخرى بالإضافة إلى الديون في مشاكل الدولة. أحد هذه العومل هو التغير في الديمغرافية. خلال الأربعين سنة الماضية، الحوافز المالية و الضغط الكبير أدى إلى إنتقال مئات ملايين العمال من الزراعة إلى العمالة المدنية، مما أنشأ فئة عمالة صناعية هائلة و ساعد البلاد في النمو بشكل كبير، مضاعفاً الحجم في أقل من عقد من الزمان.
هذه الشيخوخة السكانية و تقلص قوى العمل عادت الآن لتؤذي البلاد و تعد من بين المشاكل التي تواجه بكين حالياً.
التراجع في الصادرات، و خصوصاً النفط، له تأثير حاد على الإقتصاد الصنين. وفقاً للأعداد في التقرير المعد من قبل قاعدة بيانات "التوقعات الإقتصادية العالمية من صندوق النقد الدولي"، فإن صادرات الصين خلال العام 2014 وصلت إلى 2.343 تريليون دولار أمريكي، بإرتفاع 48.5% منذ 2010. مع كون أن الناتج القومي الإجمالي وصل إلى 17.632 تريليون دولار عام 2014، فإن إجمالي الصادرات خلال نفس الفترة مسؤول عن حوالي13.3% من الناتج الإقتصادي الإجمالي في الصين.
تراجعت الصادرات الصينية بنسبة 8.3% في شهر يوليو، و هو التراجع الأكبر خلال 4 أشهر و أسوء بكثير من التراجع بنسبة 1.0% الذي كانت متوقعاً بعد الإرتفاع بنسبة 2.8% في شهر يونيو. الصادرات إلى الإتحاد الأوروبي تراجعت بنسبة 12.3% في نفس الفترة، في حين أن الصادرات إلى الولايات المتحدة تراجعت بنسبة 13%. الطلب من اليابان، و التي تعد شريك إقتصادي هام آخر، تراجع هو الآخر بنسبة 13%.
و الآن، الدولة تمر في مشاكل. النمو المتباطئ خصوصاً في قطاع الشركات و الحماسة المفرطة في الإستثمار أدت إلى دخول الدولة في ديون كبيرة وصلت إلى أكثر من 100% من الناتج القومي الإجمالي بين عامي 2007 و 2014.
من المفترض أن لا يكون المحللين قد فوجؤوا بالتحركات الصينية الأخيرة. بنك الصين الشعبي حرك معدل الفائدة الرسمي لليوم الثاني يوم الأربعاء، مما سمح للياون بالتراجع بنسبة 1.9% إضافية مقابل الدولار، و هو التحرك الأكبر في يوم واحد. عمليتي خفض القيمة مجتمعتية أعادت العملة الصينية إلىحيث كانت مقابل الدولار في أوكتوبر 2012.
يشير الإستراتيجيين إلى أن خفض قيمة الياون سوف يساعد في دعم الإقتصاد على المدى القصير، مما يجعل صادرات البلاد و الإستثمارات أكثر جاذبية و يدعم تدفق المال. يأملون بأن هذ سوف يقوي نمو البلاد.
ماسي تنظم لعلي بابا
في هذه الأثناء، تستمر الأسواق الصينية بكونها جاذبة جداً للمستهلكين الأمريكيين، و مجموعة علي بابا، و هي شركة تجارة إلكترونية صينية توفر خدمات تجارية بين الأشخاص و بين الشركات و بين الشركات و الأشخاص عن طريق الإنترنت، يبدو بأنها حددت المعيار لمثل هذه الإستثمارات مع الصين.
شركة Macy أحد أقدم و أشهر منافذ البيع في الولايات المتحدة كانت تبحث عن طرق جديدة لزيادة مبيعاتها و قام الآن بعقد شراكة إستراتيجية في الصين مع شركة Fung Retailing في هونج كونج، و التي سوف تبيع المنتجات في سوق مجموعة علي بابا العالمي.
ربما يكون المشروع الصيني قد جاء في الوقت المناسب بالنسبة لشركة Macy أو ربما لا. أسهم علي بابا تراجعت بشكل ثابت، و هبطت بنسبة 5.1% عند 73.40$ في تداولات يوم الأربعاء في نيوروك السهم و الذي إرتفع إلى 120$ في شهر نوفمبر، يقف الآن عند 7.9% فقط فوق سعر العرض العام الأولي الذي كان عند 68%.
تستمر أكبر شركة تجارة إلكترونية في الصين بكونها ذات شعبية بين المتسوقين على الإنترنت و الباحثين عن أسعار رخيصة، و يزداد توجه المستهلكين المحللين إلى علي بابا لشراء الإلكترونيات مثل الهواتف الذكية.
يعتقد العديد من المحللين بأن الصين قادرة على مواجهة جميع تحدياتها و يشيرون إلى الأسس الإقتصادية القوية التي من المفترض أن تساعد البلاد على تجاوز العاصفة. وفقاً لبنك الصين الشعبي: "البيئة الإقتصادية القوية في البلاد، و الفائض التجاري الثابت، و الوضعية المالية الممتازة و إحتياطات النقد الأجنبي القوية توفر كلها دعماً قوياً للبلاد لمعدل الصرف الحالي للياون مقابل الدولار".
و أضاف البنك يوم الخميس بأنه لا توجد أسس للمزيد من التراجع في قيمة الياون، و لكن من الممكن أن يكون هذا بهدف طمأنة الأسواق المالية العالمية المشككة بعد أن خفض قيمة العملة للمرة الثانية في وقتٍ سابق من الأسبوع.
مصادر أخرى ذات علاقة بعملية صناعة السياسة الصينية قالت بأن هناك أصوات قوية ضمن الحكومة تضغط من أجل خفض عام لقيمة العملة بمقدار 10% و أنها تدفع بالياون ليستمر بالهبوط بشكل تدريجي. بغض النظر عن النتائج النهائية للتحركات، فإن الصين سوف تستمر بالإحتفاظ بمكانة كبيرة في إقتصاد العالم عما كانت عليه قبل عقد أو عقدين من الزمان و نجاحها أو فشلها سوف يكون له تأثير حول العالم.