السبق الصحفي الأخير بشأن صفقات شركة "موساك فوسيكا" في بنما و عملائها تستمر بالتسبب بأصداء حول العالم، و قد أدت إلى غضب عام بشأن تجاوزات بعض أغنى الناس في العالم و جهودهم لإخفاء ثرواتهم (التي حصلوا عليها بطرق غير شرعية أوغير ذلك) من المصالح الضريبية. مشكلة تحصيل الضرائب تنقسم إلى قسمين: التهرب الضريبي (الذي هو غير قانوني) و التجنب الضريبي و الذي يستخدم حرية العمل ضمن القوانين الضريبية في الدولة (أو بين الدول) لخفض العبئ الضريبي إلى الحد الأدنى. الغضب الشعبي يكون في الحالة الثانية، عندما تكون إستراتيجيات التجنب الضريبي ناجحة بشكل كبير بحيث أن كبرى الأعمال التجارية تدفق جزء صغير فقط إلى الخزينة على الرغم من النشاط التجاري الكبير جداً (و المربح جداً) في تلك المناطق (مثل الضريبة 4327 جنيه إسترليني التي دفعتها شركة فيسبوك في المملكة المتحدة).
لكي نعطي مؤشر على حجم المشكلة، فإن لجنة الحسابات العامة البرلمانية، تعتقد بأن خسائر الخزينة البريطانية هي 16 مليار جنيه سنوياً بسبب التهرب (ليس التجنب) الضريبي و الإحتيال. و هو قرابة سدس المال المنفق على النظام الصحي الوطني في المملكة المتحدة كل عام.
كان هناك إعلان من قبل وزراء المالية في كلٍ من الممكة المتحدة، و ألمانيا و إسبانيا و فرنسا و إيطاليا (أكبر خمس إقتصاديات في الإتحاد الأوروبي) خلال إجتماع صندوق النقد الدولي الربيعي، بشأن التعاون المتزايد من حيث مشاركة المعلومات المتعلقة بملاك الأعمال التجارية و الصناديق الإستثمارية. الهدف هو جعل الأمر أصعب على الأثرياء و الأعمال التجارية لتجنب الضرائب. تأمل الدول الخمسة بأن المبادرة سوف يتم تبنيها في مجموعة G20 في الوقت المناسب.
خلال كلمة له في صندوق النقد الدولي في واشنطن، قال وزير الخزينة البريطاني "جورج أوزبورن" : "اليوم، نتعامل مع ضربة أخرى تجاه من يخفون تهربهم الضريبي الغير قانوني في الزوايا المظلمة من النظام المالي. سوف تعمل بريطانيا مع شركائنا الأوروبيون الرئيسيون للتوصل إلى من يمتلك فعلاً الشركات و الصناديق الوهمية السرية التي تستخدم كقنوات للتهرب الضريبي، و غسيل الأموال و الإستفادة من الفساد. تقوم بريطانيا و شركائها الأوروبيون بتحديد وتيرة شفافية الملكية المفيدة ليس فقط بالنسبة للشركات، بل بالنسبة للصناديق كذلك التي لها تبعات ضريبية – و أتوقع بأن بقية العالم سوف يحذون نفس الحذو. يظهر الأمر منافع العمل المشترك. لا يمكن لدولة وحدها العامل مع التهرب الضريبي العالمي – و بريطانيا لا يمكن أن تخدع نفسها من خلال التفكير بأنها تستطيع القيام بذلك وحدها".
الأمر الواضح هو أن الحكومات الرئيسية لديها بالفعل القوى التشريعية لإغلاق العديد من الثغرات الضريبية التي تسمح بالتجنب الضريبي في مناطقها و عليها أن تقوم بسرعة بتقييم التشريعات الضريبية لضمان بأنها تستمر في كونها مناسبة.