تظهر الاحصاءات ان دخول صفقات الاتجاه خلال أشهر الصيف هو سعي غير مثمر مع توقع سلبي. يبدو أن الكليشيه القديم "بع خلال مايو وابتعد" لا يستند إلى حقائق ثابتة. ولكن لقد كان هذا الصيف مختلف تماماً وكانت هناك عدة اتجاهات قوية ومهمة في سوق الأصول الرئيسية التي استمرت خلال شهري يونيو ويوليو. دعونا نلقي نظرة على ما تحرك ومحاولة معرفة الأسباب وراء هذه التحركات.
الدولار الأمريكي
أظهرت الإحصاءات خلال السنوات ال 15 الماضية أن هذه العملة لديها ميل لتشكيل اتجاه الأقوى من أي شيء آخر. ولكن ليس خلال شهري يونيو ويوليو. يعتبر معظم الناس بأن "أشهر الصيف" هي يونيو ويوليو وأغسطس. ولكن في الواقع الأشهر التي يجب تجنبها هي يونيو ويوليو، وذلك لأنه خلال أغسطس يمكن ترك التجارة في وضع جيد للإقلاع نحو المزيد من الأرباح إذا بقيت طبعاً سليمة خلال سبتمبر.
لقد شهد هذا الصيف تحرك الدولار الأمريكي بمئات النقاط باتجاه المضاد للدولار النيوزلندي، الدولار الأسترالي والدولار الكندي، والتي كانت جميعها عملات ضعيفة.
هذا يثير الدهشة قليلاً، لأنه وعلى الرغم من أن الدولار الأمريكي كان قوي جداً خلال معظم عام 2014 وأيضاً أوائل عام 2015، إلا أن الكثير البيانات والتصريحات الاقتصادية من قبل البنك الاحتياطي الفدرالي لم تدعم بقوة هذا الاتجاه الصاعد، مع بضعة استثناءات فقط. برأيي استمر الدولار الأمريكي في الارتفاع لسببين رئيسيين: أولاً، على الرغم من أن الأسس قد لا تبدو جيدة 100%، إلا أن الأسس الاقتصادية للولايات المتحدة لا تزال تبدو أفضل من تلك في أي من بلدان العملات الرئيسية الأخرى. ثانياً، مخاوف انتقال عدوى الديون، خاصة فيما يتعلق اليونان، شهدت إقبالاً على الدولار الأمريكي كونه أصل ملاذ آمن نسبياً. أنا أعطي وزناً أكبر للعامل الأول من هذا الأخير.
المعادن الثمينة
علقت أحد المحللات اليوم قائلة بأن "المعادن هي اليونان الجديدة"، وقالت بأنها لا يعني فقط المعادن الثمينة. لقد تراجعت فئة المعدان خلال شهري يونيو ويوليو بشكل كبير للغاية مقابل الدولار الامريكي ومقابل سلة من العملات الاخرى بشكل عام.
لقد تراجعت أسعار الذهب مقابل الدولار الأمريكي منذ 1 يونيو بنسبة 8.32% وتراجعت أسعار الفضة بنسبة هائلة البالغة 18.75%، وتراجعت أسعار النحاس بأقل من 11%.
يتحير العديد من المحللين في أمر تراجع أسعار المعادن الثمينة الى مستويات منخفضة جديدة التي لم تشهدها السوق منذ عدة سنوات. فمن المتوقع عندما يكون هناك "تيسير كمي" واسع النطاق في عملات مثل الدولار الأمريكي أن ترتفع قيمة أي مخزن للقيمة وبالتالي من المتوقع أن ترتفع قيمة المعادن الثمينة مقابل مثل هذه العملات الورقية مثل الدولار الأمريكي واليورو. ومع ذلك، فإن العكس تماما هو الحال خلال هذا الصيف. كما ذكرت سابقاً بما يتعلق بالدولار الامريكي فقد كان هناك تصور بان الاموال ستتدفق إلى أصول السلامة، ولكن هذا يتناقض تماماً مع هذا التراجع في قيمة المعادن الثمينة.
ويعتبر التراجع الكبير في أسعار النحاس مقلقاً أيضاً للغاية لأنه ينظر بشكل عام إلى الطلب على النحاس كمؤشر على صحة التصنيع على مستوى العالم. ولقد تم تفسير الانخفاض الحاد في السعر بنسبة 11% تقريباً بالدولار الأمريكي كإشارة تحذير على انخفاض كبير وشيك في الإنتاج الصناعي، وتمت الإشارة إلى هذا الانخفاض كسبب للقلق من أن الصين على وشك مواجهة التباطؤ الاقتصادي الهائل.
النفط الخام
شهد النصف الثاني من عام 2014 والأسابيع الأولى تحديداً تراجع سعر النفط الخام بأكثر من نصف قيمته. عند حدوث هذا كانت الحكمة التقليدية بأنه هناك ارتداد كبير قريب. لقد تراجع السعر بالفعل بمقدار كبير (من حوالي 42 $ إلى 62 $). ومن ثم بدأ في التراجع بشكل حاد جداً مرة أخرى وانخفض سعره منذ يونيو بحوالي 20%. باعتراف الجميع، لا يشكل هذا تغييراً كبيراً مثل الارتداد صعوداً في وقت سابق من العام، ولكن مما لا شك أنه هذا تراجع كبير جداً خلال أشهر الصيف.
الأسهم الأمريكية
وأخيراً، دعونا نلخص أصل واحد أخير: مؤشر S&P 500، وهو الذي يمثل سوق الأسهم العالمية في أبسط أشكالها هنا، من خلال مؤشر واحد. ومن المثير للاهتمام ان هذا المؤشر يحكي قصة مختلفة تماماً: فسعر المؤشر بقي دون تغيير تقريباً منذ الأول من يونيو وبقي عند 2110 عند "الافتتاح" وحتى 2112 في وقت كتابة هذا المقال.
وعند إلقاء نظرة فاحصة على الرسم البياني أدناه، يمكننا أن نرى أن هذا التحرك كان في الواقع حركة هبوطية متسعة النطاق التي استمرت حتى تعافى السوق على مدى الأسابيع القليلة الماضية أو نحو ذلك.
على الرغم من أن معظم المحللين يتفقون على أنه كان هناك سوق فنية صاعدة قوية جداً في سوق الأسهم الأمريكية منذ حوالي أوائل عام 2012 أو نحو ذلك على الأقل، وعلى الرغم من عدة مؤشرات رئيسية معينة مثل "الصليب الذهبي" بقيت ثابتة منذ ذلك الحين، إلى أن زخم هذه المدة الطويلة من الارتفاع يظهر علامات على اقتراب نهايته.
تحليل عدة أسواق
ما نراه هو ما يلي:
1. انخفاض في أسعار السلع، بما في ذلك المعادن الثمينة، وكذلك الأصول الاقتصادية مثل النحاس والنفط.
2. انخفاض سعر عملات السلع مثل الدولار الكندي والاسترالي والنيوزيلندي.
3. سوق الأسهم الأمريكية مستقرة وربما تتراجع بعد الحركة الصعودية طويلة المدى والقوية جداً.
4. استمرار ارتفاع الدولار الأمريكي.
إذا كان هذا الجمع يدل على شيء فهو من فترة القادمة من بعض التقشف في النمو الاقتصادي.