في خطوة تاريخية من شأنها أن تعيد تشكيل البنية التحتية الإقليمية في الشرق الأوسط، أعلنت المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية عن إطلاق المرحلة التحضيرية لمشروع "جسر موسى"، الذي يربط بين البلدين عبر مضيق تيران في البحر الأحمر.
المشروع العملاق، الذي كان قيد الدراسة منذ سنوات وتمت إعادة تفعيله ضمن إطار رؤية السعودية 2030 ومبادرات التنمية المصرية، يهدف إلى إنشاء جسر بري وبحري يربط بين منطقة رأس حميد في منطقة تبوك شمال غرب المملكة السعودية ومدينة شرم الشيخ في جنوب سيناء في مصر. ويمتد الجسر على مسافة تتراوح بين 7 إلى 10 كيلومترات، ويشمل ممرات للمركبات وخطوط للسكك الحديدية، إضافة إلى ممرات للمشاة ومرافق خدمية متكاملة.
هل أنت مستعد للتداول بناءً على توقعاتنا وتوصياتنا اليومية للفوركس؟ فيما يلي أفضل وسطاء التداول للعام 2025 للاختيار من بينهم.
يُتوقع أن يشكّل "جسر موسى" نقطة تحول في العلاقات الاقتصادية بين الرياض والقاهرة، إذ سيعزز من حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين والذي يقدّر حاليًا بأكثر من 10 مليارات دولار. كما سيوفر الجسر مسارًا بريًا مباشرًا لمرور البضائع والأفراد، ما يساهم في تقليص زمن الشحن والتكاليف اللوجستية بين قارات آسيا وأفريقيا.
من الناحية السياحية، سيفتح الجسر آفاقًا غير مسبوقة لتنشيط حركة السفر، خصوصًا خلال مواسم الحج والعمرة، إذ من المتوقع أن يتمكن مئات الآلاف من الحجاج المصريين سنويًا من الانتقال برًا بسهولة وأمان نحو الأراضي المقدسة. كما سيشكل المشروع جاذبًا استثماريًا للقطاع السياحي في منطقة البحر الأحمر التي تشهد بالفعل تطورًا غير مسبوق في مشاريع مثل "نيوم" و"ذا لاين".
تُقدَّر التكلفة الإجمالية للمشروع بما يزيد عن 5 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يوفر خلال مرحلة الإنشاء عشرات الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، مع تعزيز البنية التحتية في كلا البلدين. كما تسعى الحكومتان إلى جذب استثمارات أجنبية وخاصة للمشاركة في تمويل وتشغيل مرافق النقل والخدمات اللوجستية.
يرى مراقبون اقتصاديون أن "جسر موسى" قد يُعيد رسم شبكة الطرق التجارية الدولية، من خلال خلق ممر بري سريع يربط منطقة الخليج العربي بدول شمال أفريقيا، مما سيقلل الاعتماد على الموانئ التقليدية ويمنح المنطقة نفوذًا جديدًا في التجارة البحرية والبنية اللوجستية العالمية.
ومع توافق الإرادة السياسية والدعم الشعبي للمشروع، فإن "جسر موسى" لا يمثل مجرد إنجاز بنيوي، بل يعكس شراكة إستراتيجية متنامية بين دولتين محوريتين في الشرق الأوسط، تمضي قدمًا نحو تكامل اقتصادي ومصير مشترك أكثر ترابطًا.