أنتهي الاتحاد الأوروبي من قمته التي وصفها رئيسيها شارل ميشيل بإنها "مهمة مستحيلة"، وذلك بالاتفاق أخيرا حول ميزانيته المقبلة طويلة الأجل لصندوق إغاثة دول الاتحاد الأوروبي المتضررة من تداعيات فيروس كورونا- كوفيد 19. ولقد واجه زعماء الاتحاد الأوروبي السبع وعشرون طريقا مسدودا ولحظات مشحونة ومفاوضات طويلة ومكثفة علي مدار خمس أيام بدلا من يومين كما كان مخطط لها. ومن المفترض أن ينعش صندوق إنعاش واغاثة الاتحاد الأوروبي من فيروس كورونا بحزمته الجديدة أوروبا اقتصاديا ويجعلها أقوى وأكثر مرونة، في ظل اعتماده لخطة الميزانية للسنوات السبع المقبلة بقيمة 750 مليار يورو والتي تتكون من 360 مليار يورو في هيئة قروض للبلدان الأقل تضررا علي أن تقوم بسدادها لاحقا و 390 مليار يورو في صورة منح تمنح لأكثر البلدان احتياجا وهي تمثل دينا مشتركا تلتزم الدول الـسبع والعشرون بسداده بصورة جماعية.
ولعل أحد الأسباب التي مدت من فترة مفاوضات لقمة لمدة ثلاثة أيام إضافية، الخلافات والمشددات التي دارت بشأن الخصومات، والتي يتم ردها إلى بعض الدول الغنية لمساهمتها المزعومة في الاتحاد. والتي أعرب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن أسفه عن الاحتفاظ بها في الميزانية الجديدة، وأضاف بأن الكتلة جميعها ستتأسف لاحقا هي الأخرى من الاحتفاظ بمثل تلك الخصومات. وأردف بأنه كان من الإمكان أن تكون المعركة مختلفة، إذا ضغطت الدول المؤيدة على هذه القضية.
وعلي جانب أخر، أثنت ميركل رئيس الوزراء ألمانيا على الوصول لمثل هذا الاتفاق ووصفته بإنه الرد المناسب على أكبر أزمة يواجهها الاتحاد الأوروبي منذ تأسسيه حيث تم تغييب المصالح الخاصة لإنقاذ الكتلة ككل. كما أعرب بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الإسباني خلال مؤتمر صحافي على هامش القمة عن ثنائه علي الاتفاق الذي توصلت إليه القمة واصفا إياها "خطة عظيمة لأوروبا" ومعتبرا بأنها "خطة مارشال حقيقية". بينما صرح رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال والذي ترأس مفاوضات القمة بأن المفاوضات كانت بالغة الصعوبة لجميع الأوروبيين، إلا إنها انتهت بأفضل ما يمكن أن تؤول إليه. كما أن رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي والذي كان من أبرز المتشددين في المفاوضات، أعرب هو الأخر عن ارتياحه للاتفاق علي كافة القرارات المتخذة حول حزمة الإغاثة الاقتصادية التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي حديثا. وأضاف إنها ستجعل الحزمة "أكثر مرونة" وقادرة علي مواجهة تداعيات جائحة كوفيد 19 التي أدت لانكماش اقتصاد الكتلة المكونة من 27 دولة بنسبة 8.3٪ هذا العام، وقضي علي حياة ما يقرب من 135.000 من مواطن أوروبي، وفقًا لأحدث التوقعات.
وعلي أثر حزمة التحفيز التاريخية لدعم الاقتصادات لقمة الاتحاد الأوروبي، ارتفت الأسهم الأوروبية اليوم الثلاثاء 21 يوليو/تموز 2020 لأعلى مستوى لها منذ أوائل مارس/آذار 2020. حيث قفز مؤشر ستوكس لأسهم منطقة اليورو بنسبة 1.1%، و مؤشر ستوكس 600 الأوروبي الأوسع نطاقا بمعدل 0.9%، وهو أعلى مستوى لهما منذ الخامس من مارس/ آذار الماضي. كما سجل اليورو ارتفاعا أمام الدولار ليصل لمستوي 1.1470 وهو أعلى مستويات له هو الأخر منذ مطلع مارس/ آذار 2020.