يشهد سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية USD/TRY خلال أكتوبر 2025 وضع معقد يجمع بين الضغوط التضخمية والسياسات النقدية غير التقليدية وتراجع حدة المخاطر السياسية، إذ واصلت العملة التركية تراجعها لتسجل مستوى قياسي تاريخي عند 41.9 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، بانخفاض سنوي يقارب 18 بالمائة منذ بداية العام الجاري. يأتي هذا التراجع في إطار سياسة الانخفاض المُدار التي ينتهجها البنك المركزي التركي لضبط وتيرة تراجع العملة دون السماح بتقلبات حادة في السوق، وهو ما يعكس تدخلات مباشرة وغير مباشرة للحفاظ على الاستقرار النسبي. وفي المقابل، تسعى الحكومة عبر ما تصفه بسياسة "التقدير الحقيقي" لإبطاء وتيرة الانخفاض الاسمي للعملة مقارنة بمعدل التضخم البالغ 33.29 المائة، بهدف تعزيز تنافسية الصادرات التركية رغم آثار ذلك على المستثمرين الباحثين عن الاستقرار.

تم انتاج الرسم البياني بواسطة منصة TradingView
على صعيد السياسية النقدية، استمر البنك المركزي التركي في سياسة التيسير رغم ارتفاع معدلات التضخم، حيث أقدم على خفض سعر الفائدة بمقدار مائة نقطة أساس في أكتوبر، وهو التخفيض الثالث على التوالي والأقل حدة ضمن دورة التيسير الحالية. هذه الخطوة، رغم توافقها مع توقعات الأسواق، أثارت مخاوف المستثمرين من استمرار الضغط على الليرة، خاصة أن خفض الفائدة وسط تسارع التضخم يعد مخالفة للسياسات النقدية التقليدية التي ترفع الفائدة لمواجهة ارتفاع الأسعار. ويؤدي هذا النهج لبقاء أسعار الفائدة الحقيقية سلبية بشكل حاد، مما يضعف جاذبية الأصول المقومة بالليرة ويزيد من خروج رؤوس الأموال الأجنبية الباحثة عن عوائد حقيقية موجبة، كما ويمكن متابعة أفضل شركات التداول الكبيرة في تركيا للمزيد.
أفضل وسطاء الفوركس عبر الإنترنت
على الصعيد السياسي، ساهم قرار المحكمة بإسقاط الدعوى ضد زعيم حزب المعارضة الرئيسي في تهدئة المخاوف السياسية مؤقتًا، وهو ما انعكس إيجابًا على معنويات السوق ومنح الليرة استقرار نسبي على المدى القصير. إلا أن النظرة العامة تبقى سلبية على المدى المتوسط، إذ من المتوقع أن تواصل الليرة التركية تراجعها التدريجي بفعل اتساع الفجوة بين التضخم المرتفع والسياسات النقدية الميسرة، مما يجعل أي دعم سياسي أو اقتصادي ظرفي غير كافٍ لعكس الاتجاه العام الهابط.
التفاؤل التجاري وتحركات التضخم يعيدان الثقة المؤقتة للعملة الأمريكية
على صعيد سجل مؤشر الدولار الأمريكي ارتفاعا اليوم الثلاثاء ليصل إلى أعلى مستوى له في أسبوع تقريبًا عند حدود 98.7، مدعومًا بتزايد التفاؤل بشأن قرب انتهاء الإغلاق الحكومي الذي يربك الاقتصاد الأمريكي. يأتي هذا الصعود في ظل مزيج من العوامل المتشابكة تشمل حالة عدم اليقين الاقتصادي الناجمة عن استمرار الإغلاق، وتوترات التجارة العالمية، وتباين التوجهات بشأن السياسة النقدية المقبلة. وقد تلقى الدولار الأمريكي دعم إضافي بعد تصريحات مدير المجلس الاقتصادي الوطني، كيفن هاسيت، الذي أشار إلى إمكانية إنهاء الإغلاق خلال هذا الأسبوع، ما رفع آمال المستثمرين بقرب استئناف النشاط الحكومي وتخفيف الأثر السلبي على الاقتصاد.
تحليل سعر صرف الدولار مقابل الليرة التركية
فنيا، يتضح لنا من تحليل سعر صرف زوج الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية (USD/TRY) استمرار الاتجاه الصاعد القوي الذي يسيطر على تحركات الزوج منذ بداية سبتمبر/أيلول الماضي، حيث يتداول الزوج في الوقت الحالي بالقرب من مستوى 41.95 ليرة تركية بعدما لامس قمة جديدة عند مستويات 42.05. يلاحظ أن السعر ما زال يتحرك ضمن قناة صاعدة مدعومة بمتوسطات متحركة إيجابية، رغم بعض التراجعات التصحيحية الأخيرة. كما يشير مؤشر الماكد لتباطؤ الزخم الصعودي مع تقاطع سلبي طفيف، بينما يظهر مؤشر Volume Oscillator انخفاض في حجم التداول، مما يعكس حالة من الحذر في السوق بعد تسجيل مستويات قياسية جديدة.
علي صعيد توقعات سعر صرف زوج الدولار الأمريكي مقابل الليرة التركية، استمرار الحركة التصحيحية المحدودة في حال فشل السعر في تجاوز المقاومة عند 42.05، حيث قد يتراجع الزوج نحو مستويات الدعم القريبة عند 41.68 ثم 41.37 في حال زيادة الضغوط البيعية. أما في حال تمكن السعر من الثبات أعلى مستوى 41.90 واستعاد الزخم الإيجابي، فقد نشهد إعادة اختبار القمة السابقة وربما محاولة لاختراق مستوى 42.10 باتجاه 42.20 ليرة تركية. بشكل عام، تبقى النظرة العامة إيجابية طالما ظل السعر أعلى مستويات 41.60، لكن أي تراجع دونها قد يشير لبداية تصحيح أعمق على المدى القصير.