تشهد الولايات المتحدة الأمريكية اتساعًا ملحوظًا في الفجوة الاقتصادية بين المناطق الحضرية المزدهرة والمقاطعات الريفية التي تعاني من الركود، وهو ما يلقي بظلاله على المشهد السياسي والاقتصادي قبل أشهر قليلة من الانتخابات المرتقبة.
أفضل وسطاء الفوركس عبر الإنترنت
تقرير حديث صادر عن صحيفة فايننشال تايمز تحت عنوان "قصة أمريكا المزدوجة" سلّط الضوء على هذا التباين اللافت بين منطقتين اقتصاديتين داخل الدولة ذاتها.
المدن الكبرى تواصل الصعود الاقتصادي
أظهر التقرير أن المدن الأمريكية الكبرى مثل نيويورك وسان فرانسيسكو وواشنطن العاصمة، التي تمثل قواعد انتخابية رئيسية للحزب الديمقراطي، تساهم اليوم بأكثر من 60% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة. وهذه المناطق تشهد نموًا في فرص العمل، وارتفاعًا في الدخول، واستثمارات كبيرة في قطاعات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والتعليم العالي.
وعلى الرغم من تحديات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، فإن هذه المدن استطاعت الصمود أمام التقلبات الاقتصادية، بل وتحقيق معدلات نمو تفوق المعدل الوطني، مدعومة بالطلب المحلي القوي، وتنوع القاعدة الإنتاجية، والبنية التحتية المتقدمة.
المناطق الريفية... تراجع وتهميش
في المقابل، تعاني المقاطعات الريفية، التي تميل سياسيًا نحو الحزب الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، من تباطؤ اقتصادي حاد. هذه المناطق، التي تشمل مساحات شاسعة من ولايات الجنوب والوسط الغربي، تمثل حوالي 86% من المساحة الجغرافية للبلاد، لكنها تساهم بما لا يزيد عن 38% من إجمالي الناتج المحلي.
التقرير أشار إلى أن هذه المناطق تشهد ارتفاعًا في معدلات البطالة، وضعفًا في فرص العمل، وتراجعًا في الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، إلى جانب ندرة الاستثمارات العامة والخاصة.
ويعزو خبراء الاقتصاد هذا التراجع إلى تركيز الاستثمارات الحكومية والقطاع الخاص على المناطق الحضرية، مما يساهم في تعميق الفجوة القائمة.
هل أنت مستعد للتداول بناءً على توقعاتنا للفوركس؟ لقد قمنا بإدراج أفضل منصات تداول العملات الأجنبية المختلفة لتتمكن من الاطلاع عليها.
التأثير السياسي والاقتصادي
تزايد التباين بين المناطق الحضرية والريفية يعكس واقعًا اقتصاديًا منقسمًا، ويمثل تحديًا حقيقيًا أمام الإدارة الأمريكية. فعلى الرغم من الشعبية الكبيرة التي يحظى بها ترامب في المناطق الريفية، إلا أن سياساته التجارية، خصوصًا تلك المتعلقة بالتعريفات الجمركية، أثرت سلبًا على المزارعين والشركات الصغيرة، مما أدى إلى استياء متصاعد في بعض هذه المجتمعات.
ويشير مراقبون إلى أن استمرار هذا التفاوت دون حلول ملموسة قد يؤدي إلى توتر اجتماعي وسياسي، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية. وفي الوقت الذي تحقق فيه المدن الكبرى مكاسب اقتصادية، تجد آلاف الأسر في المقاطعات الريفية صعوبة في تلبية احتياجاتها الأساسية.
مستقبل غامض وتحديات معلقة
يحذر الخبراء من أن تجاهل الفجوة الاقتصادية بين المناطق الأمريكية قد يؤدي إلى تعقيد جهود التعافي الاقتصادي على المستوى الوطني.
ويدعو بعضهم إلى اعتماد سياسة أكثر توازنًا في توزيع الموارد، وتحفيز النمو في المناطق الريفية من خلال برامج تنموية شاملة تشمل البنية التحتية، والتعليم، وتسهيلات ضريبية لجذب الاستثمارات.
كما يُتوقع أن يشكّل هذا الملف محورًا رئيسيًا في الحملات الانتخابية المقبلة، إذ يسعى المرشحون إلى تقديم حلول جذرية لهذه الإشكالية المتنامية.