ها قد بدأت ملامح تحوّل في السياسة النقدية تظهر بوضوح في المشهد الأوروبي، وذلك بعدما أعلنت بنوك مركزية كبرى، أبرزها البنك الوطني السويسري والبنك المركزي النرويجي، عن خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، في خطوة تعكس قلقًا متزايدًا من تباطؤ النمو الاقتصادي وتراجع معدلات الاستهلاك على مستوى القارة.
أفضل وسطاء الفوركس عبر الإنترنت
ويأتي هذا القرار في وقت حساس يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من التقلّب المستمر، حيث تتداخل عوامل عدة، أبرزها، ارتفاع أسعار النفط عالميا نتيجة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب تصاعد التوترات التجارية المرتبطة بالتعريفات الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين.
وقد أوضح البنك الوطني السويسري أن قرار الخفض جاء استجابة لتراجع التضخم دون المستهدف، بالإضافة إلى بوادر تباطؤ في قطاعات حيوية مثل الصناعة والخدمات. في المقابل، أكد البنك المركزي النرويجي أن هذه الخطوة تهدف إلى الحفاظ على استقرار النمو، في ظل ضعف الطلب المحلي وزيادة الضغوط على أسعار السلع المستوردة.
وعلى الرغم من التوجه الأوروبي نحو التيسير النقدي، لا تزال الولايات المتحدة متمسكة بسياستها الحذرة، إذ أبقى الاحتياطي الفيدرالي الأميركي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير، محذرًا من احتمال ارتفاع معدل التضخم إلى 3% بنهاية العام الجاري، نتيجة ارتفاع تكاليف الطاقة وتزايد النفقات الاستهلاكية.
تفاعل الأسواق مع هذه التطورات كان سريعًا؛ حيث شهدت العملات الأوروبية تقلبات ملحوظة، فيما ارتفع سعر صرف الذهب باعتباره ملاذًا آمنًا، وسط مخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة جديدة من عدم اليقين النقدي.
ويأتي هذا التحول في وقت تشهد فيه الأسواق المالية موجة من الحذر والترقب، إذ ينظر المستثمرون إلى قرارات البنوك المركزية الكبرى باعتبارها مؤشرات حاسمة على اتجاه الاقتصاد العالمي خلال النصف الثاني من عام 2025.