شهد الاقتصاد الأمريكي تراجعًا غير متوقع في أدائه خلال الربع الأول من عام 2025، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي انكماشًا بنسبة 0.3%، في أول انخفاض فصلي منذ عام 2022. وقد أثار هذا الانكماش حالة من القلق في الأوساط الاقتصادية والمالية، خاصة أنه جاء مخالفًا للتوقعات التي كانت تشير إلى نمو مستقر خلال هذه الفترة.
أفضل وسطاء الفوركس عبر الإنترنت
الأسباب الرئيسية للتراجع
أحد أبرز العوامل التي ساهمت في هذا الانكماش كان الارتفاع الحاد في الواردات، والذي بلغ أكثر من 41%، نتيجة تسابق الشركات الأمريكية على استيراد السلع قبل بدء تنفيذ موجة جديدة من الرسوم الجمركية. هذا الارتفاع الكبير في حجم الواردات انعكس سلبًا على حساب الناتج المحلي الإجمالي، كونه يُحسب ضمن المكونات السالبة في ميزان النمو.
كما ساهم انخفاض الإنفاق الحكومي في تعزيز هذا التراجع، في ظل تقليص الميزانيات الحكومية وتسريح عدد من العاملين في القطاع العام، مما قلل من مساهمة القطاع الحكومي في دعم النمو الاقتصادي.
مؤشرات إضافية مقلقة
رغم تسجيل ارتفاع في الاستثمار التجاري بنسبة تجاوزت 21%، خصوصًا في قطاع المعدات، فإن ذلك لم يكن كافيًا لتعويض التباطؤ في الإنفاق الاستهلاكي، الذي لم يتجاوز 1.8% خلال نفس الفترة. ويُعزى هذا التباطؤ إلى عدة عوامل، من بينها تراجع ثقة المستهلكين وظروف الطقس القاسية التي أثّرت على الأنشطة الاقتصادية.
من جهة أخرى، أظهرت بيانات التضخم ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغ مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي 3.6%، وهو ما يعكس تزايد الضغوط التضخمية التي قد تؤثر لاحقًا على قرارات الاحتياطي الفيدرالي بخصوص أسعار الفائدة.
أما على صعيد سوق العمل، فقد جاء نمو الوظائف مخيبًا للآمال، حيث تم تسجيل 62,000 وظيفة جديدة فقط خلال أبريل، وهو رقم دون التوقعات بكثير، ويعكس تباطؤًا واضحًا في النشاط الاقتصادي.
المخاوف من دخول ركود
أثار هذا الأداء الضعيف مخاوف كبيرة من احتمالية دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، خاصة في ظل استمرار السياسات التجارية التصعيدية وزيادة التكاليف على الشركات والمستهلكين. وتكمن الخطورة في أن يتواصل هذا الأداء السلبي في الربع الثاني، ما قد يؤدي إلى ركود رسمي في حال تم تسجيل انكماش اقتصادي لفصلين متتاليين.
نظرة مستقبلية
تترقب الأوساط الاقتصادية صدور القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي في نهاية مايو، والتي قد توضح ما إذا كان الانكماش الحالي يمثل بداية لتراجع أوسع أم مجرد تصحيح مؤقت في المسار الاقتصادي. وفي الوقت ذاته، تتزايد المطالب باتخاذ خطوات سياسية واقتصادية عاجلة من أجل دعم الاستقرار ومنع انزلاق الاقتصاد نحو ركود أعمق.