سجلت عدد من عملات دول الشرق الأوسط والمنطقة العربية تراجعات قياسية خلال الربع الاخير من العام الماضي وحتى بداية العام الجاري. تصدر الجنيه المصري والليرة اللبنانية أكبر العملات المتراجعة بالتزامن مع تضرر الدينار العراقي، والريال الإيراني، والليرة السورية بالتبعية. اخيرًا سجلت الليرة التركية تراجعات ايضًا على مدار السنوات الماضية الا انها كانت مستقرة نسبيًا اذا ما تم مقارنتها بعملات الدول المحيطة. يذكر ان سعر الدولار الأمريكي قد تراجع عالميًا مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي، وذلك بعدما ان استوعبت الأسواق تحركات البنك الفيدرالي الأمريكي والذي رفع سعر الفائدة على مدار العام الماضي بأكمله قبل البدء في تخفيف سرعة رفع معدلات الفائدة.
تراجع الجنيه المصري وانهيار الليرة اللبنانية
شهد الجنيه المصري تراجعات قياسية على مدار حوالي 10 أشهر منذ اول تحريك لسعر الجنيه مقابل الدولار خلال مارس من عام 2022. حيث بدأ البنك المركزي المصري في تنفيذ اشتراطات صندوق النقد الدولي والذي فرض تحرير سعر الجنيه ضمن شروط اخرى للموافقة في صرف قرض جديد للحكومة المصرية. بدأ الجنيه المصري سلسلة من التراجعات منذ شهر مارس الماضي، وحتى يناير الجاري خسر الجنيه المصري نحو نصف قيمته بعدما تراجع من مستويات 15.5 جنيه مقابل الدولار وحتى مستويات 29.5 جنيه في الوقت الحالي. يذكر أن اغلب التوقعات لا تسير بشكل جيد بخصوص الجنيه المصري خلال العام الجاري مع ارتفاع الالتزامات الواقع على الحكومة المصرية.
في غضون ذلك، تواصل الاداء السيء للعملة اللبنانية مقابل الدولار، حيث استيقظت الأسواق على انهيار سعر الليرة خلال نهاية الأسبوع الماضي، لتسجل 55.000 مقابل الدولار. تعدد الأسباب وراء هذا الانهيار بداية من عدم الاستقرار السياسي، والاضطربات في الشارع اللبناني، وعدم الثقة في اداء مصرف لبنان المركزي، الامر الذى ادى لعدم استفادة البلاد من الدخل الحقيقي للبلاد من العملات الأجنبية والتي كان مصدرها الأساسي اما السياحة او تحويلات المغتربين في الخارج. تفاقمت الاوضاع بعد انفجار ميناء بيروت والذي قضى على إمكانية لتحقيق استقرار حقيقي في البلاد.
الدينار العراقي وتأثيره على عملات الدول المجاروة
على الرغم من اعتبار العراق من كبريات الدول المصدرة للنفط، والتي استفادت معظمها من الطفرة التي حقهها سعر النفط خلال العام الماضي، الا ان الدينار العراقي لم ينجو من تراجعات قاسية سجلتها العملة على مدار أشهر ماضية. حيث اقال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، محافظ البنك العراقي من منصبه لفشله في تحقيق الاستقرار لسعر الدينار.
ارجعت تقارير غربية تراجع سعر الدينار العراقي لنظام صرف جديد بدأت الادارة الأمريكية في تطبيقه فيما يخص التحويلات للعراق. كذلك تطبيق بعض العقوبات على البنوك العراقية والتي تسهل تحويل الدولارات بشكل غير شرعي. يهدف النظام الجديد لمنع تهريب الدولارات الخاصة بالعراق لدول الجوار والتي تعاني من نقص العملات الأجنبية حيث يستهدف نظام التحويل الجديد عدم تسرب العملة الأجنبية لإيران وسوريا. يذكر ان الاضطرابات في إيران توسعت بسبب ضيق سبل لمعيشة وارتفاع التضخم وتراجع قيمة العملة الإيرانية. وهي نفس الاعراض التي تعاني منها العملة السورية.