سعر النفط الخام دون مستوى الصفر لاول مرة فى التاريخ. كان الحدث الابرز الذى أدهش المستثمرون والاسواق المالية العالمية الاسبوع الماضى وهذا الحدث الهام كان أحد تبعات وباء كورونا القاتل COVID-19 والذى لايزال يدفع الاقتصاد العالمى الى الهاوية. زاد الذعر والقلق وهو ما دفع منتجى النفط للتدخل والاعلان عن جهود لخفض أعمق للانتاج العالمى حيث قارب التخزين العالمى الى الامتلاء الكامل خاصة وأن الطلب العالمى على الطاقة عند أدنى مستوى على الاطلاق والتوقعات لا تزال قاتمة. الاقتصادات العالمية بدأت فى تجاهل المحاذير الصحية وأعلنت عن خطط لاعادة فتح الاقتصاد العالمى وهو ما أوقف مسار الانهيار لاسعار النفط الخام حتى ولو بشكل مؤقت.
الاسواق المالية العالمية تراقب بكل حذر منحنى الاصابات والوفيات لفيروس كورونا بعد التفاؤل الاخير الذى أكد الوصول الى الذروة ولكن هذا التفاؤل لايزال حذرا حيث لم يتم التوصل الى لقاح يقضى على المرض حتى الان. سنعود الى نقطة الصفر من جديد لو حدثت موجة ثانية لتفشى المرض تزامنا مع توجه الاقتصادات العالمية لاعادة الفتح والخروج بشكل تدريجى من سياسة الاغلاق المتبعة لاحتواء الانتشار السريع للوباء. فيروس كورونا يصيب ما يقارب من 3 مليون شخص حول العالم وتسبب فى وفاة 200 الف شخص.
فى العرض التالى سنلقى الضوء على أهم البيانات والاحداث التى تهم متداولى الفوركس خلال هذا الاسبوع:
من الولايات المتحدة الامريكية – الدولار الامريكى: شهد مؤشر الدولار ضغوط بيع لجنى الارباح وكانت كافية لوقف الارتفاع المستمر منذ أسبوع. وقد استقر عند أدنى مستوياته (أدنى بقليل من 100.25) بعد أن اقترب من أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع بالقرب من 101.00. ومن المتوقع أن يكمل التصحيح لاسفل لحين الاعلان عن حزمة البيانات الاقتصادية والاحداث الهامة هذا الاسبوع. مستويات الدعم الاقرب للمؤشر DXY والذى يقيس أداء الدولار مقابل سلة من ست عملات منافسة قد تكون 99.60 و 98.80 على التوالى. وعلى الجانب الصعودى ستظل المقاومة 101.00 داعما لسيطرة أقوى للثيران على الاداء.
وبالنسبة للبيانات الاقتصادية الامريكية. التركيز الاهم سيكون الاعلان عن معدل نمو الاقتصاد الامريكى للربع الاول لعام 2020 فى ظل عصر الوباء القاتل ووسط الانتشار السريع له فى الولايات الامريكية والذى تسبب فى تصدر الولايات المتحدة الامريكية لاعداد الاصابة والوفيات العالمية من هذا المرض. ويتوقع أنكماش الناتج المحلى الاجمالى للولايات المتحدة الى -3.9% من نمو بنسبة 2.1% فى الربع السابق.
بعد ذلك ستتجه الانظار صوب جيروم باول حاكم بنك الاحتياطى الفيدرالى الامريكى وفريق عمله. الضغوط التى أحدثها فيروس كورونا غيرت كل ما هو معتاد ومنها مواعيد أجتماعات السياسة النقدية للبنوك المركزية العالمية وبعد عدة أجتماعات طارئة قام البنك المركزى الامريكى بأقرار الفائدة صوب مستوى الصفر لاول مرة فى تاريخه. وتزايد الضغوط قد تدفعه لاقرار الفائدة السلبية الامر الذى كان مستبعدا على الاطلاق فى مرحلة ما قبل الوباء. ومن أبرز البنوك المركزية العالمية التى تعتمد الفائدة السلبية البنك اليابانى والمركزى الاوروبى والمركزى السويسرى.
جهود مجلس الاحتياطي الفيدرالي المتتالية ساهمت فى تحقيق الاستقرار للاسواق المالية العالمية. وسوف يختتم اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة لمدة يومين في 29 أبريل. وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت ضد بنك الاحتياطي الفيدرالي بسبب تعديه على "الأسواق الحرة" أو "شراء كل شيء" أو تسهيل "المخاطر" ، وجد استطلاع أجرته مؤسسة جالوب بأن ثقة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي هي الأعلى منذ 15 عامًا ، وهي أكبر نسبة منذ جرينسبان. أولئك الذين لديهم "قدر كبير" أو "قدر لا بأس به" من الثقة في باول بأنه سيفعل أو يوصي بالشيء الصحيح وكانت النتائج أكبر للرئيس ترامب ووزير الخزانة منوشين.
من منطقة اليورو – اليورو: زادت الضغوط على العملة الاوروبية الموحدة وسط غياب أتفاق جماعى للقادة الاوروبيين لمواجهة الازمة وسط مخاوف الدول ذات المالية الضخمة مثل ألمانيا وهولندا من أنها ستدفع وحدها فاتورة جائحة الفيروس التاجى. وسجل اليورو 1.0725 دولار الادنى له خلال شهر قبل أن يتعافى حول مستوى 1.0820 . ولايزال مؤشر MACD و Stochastic البطيء أكثر نعومة ولكن لم يتم تمديدهما بشكل مفرط.
على الجانب الاقتصادى. سيتم إصدار أول تقدير للناتج المحلي الإجمالي للربع الأول ، وكذلك الأرقام الأولية لمؤشر أسعار المستهلك لشهر أبريل. ومن المتوقع أن ينكمش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة - 3.5٪ ، على الرغم من أن الخطر يتمثل في تباطؤ أكبر. حيث أبلغت فرنسا وإيطاليا وإسبانيا عن أرقامها الوطنية ، ولا يتوقع أن يتقلص أي منها بأقل من 4 ٪. وستكون مخاطر الانكماش واضحة. ولايزال ضعف اليورو معتدل للغاية بحيث لا يمكن تعويضه عن السحب الانكماشي من الاقتصاد وانهيار أسعار النفط. ومن المتوقع أن يهوى مؤشر أسعار المستهلك الرئيسي الى نسبة 0.1٪ في أبريل ، وذلك وفقًا للتوقعات المتوسطة في استطلاع بلومبرج. ونظرًا للتأثير الأساسي ، سينخفض المعدل السنوي إلى 0.1٪ من 0.7٪. ومن المتوقع أن ينخفض المعدل الأساسي من 1٪ إلى 0.7٪.
بالنسبة لسياسة المركزى الاوروبى تحت قيادة كريستين لاجارد. وجد استطلاع بلومبرج بأن واحدًا من كل أربعة مستطلعين يتوقع أن يعلن البنك المركزي الأوروبي أنه سيعزز مشترياته من السندات ، مع بحث الكثيرين عن زيادة قيمتها 250 مليار يورو. ومن المتوقع أن يتخذ البنك المركزي الأوروبي خطوة بعد الصيف ويزيد عمليات الشراء بمقدار 500 مليار يورو أخرى. ونجد أنفسنا أكثر تعاطفًا مع الغالبية هنا حيث أن البنك المركزي الأوروبي لديه برنامج شراء طارئ للجائحة بالكاد يبلغ من العمر ستة أسابيع. وعلاوة على ذلك ، نشك في أن ما يتم شراؤه يمكن تنفيذه بشكل أكثر فعالية. فعلى سبيل المثال ، خلال فترة سابقة من التدخل ، يعتقد أن بنك اليابان قام بتغيير طلباته لشراء الدولار.
بشكل عام يبدو أن البنك المركزي الأوروبي يمر بوقت أكثر صعوبة. أولاً ، ارتفع Euribor لمدة ثلاثة أشهر فوق OIS من حوالي 5-7 نقطة أساس في معظم فبراير إلى 30 نقطة أساس في أبريل وهو أقل بقليل من هناك الآن. وكان Euribor حول ناقص 40 نقطة أساس في منتصف فبراير وانخفض إلى مستوى ناقص 50 نقطة أساس ، حيث قامت الأسواق بتخفيض سعر الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي. ومع ذلك ، وعندما أصبح من الواضح أن البنك المركزي الأوروبي لن يخفض أسعار الفائدة ، بدأ يوريبور في الارتفاع. كما عكست أيضا الإحجام عن الإقراض على أساس غير مضمون ، وقد تكون بعض البنوك ضعيفة بشأن الضمانات للعمليات مع البنك المركزي الأوروبي.
ويكافح البنك المركزي الأوروبي لمنع اختلاف أكبر في أسعار الفائدة. وقد يجتمع البنك المركزي الأوروبي في 30 أبريل. وحذر رئيس البنك المركزي الأوروبي لاجارد قادة الاتحاد الأوروبي من أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو يمكن أن ينكمش بنسبة تصل إلى 15٪ هذا العام وحذرت من اتخاذ إجراءات قليلة جدًا بعد فوات الأوان. وقضيتها الأساسية هي انخفاض الناتج بنسبة 9 ٪ ، في حين أن توقعات صندوق النقد الدولي الجديدة تشير الى انكماشًا بنسبة - 7.5 ٪. وقد تكون إحدى المبادرات التي قد تكون قيد النظر هي أن يقدم البنك المركزي الأوروبي خطوط المقايضة كما فعل مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
من بريطانيا – الجنيه الاسترلينى: الاسترليني خسر ما نسبته 1.1٪ أمام الدولار الأسبوع الماضي. ويتحرك الماكد والاستوكاستك البطيء هبوطيًا. ويتتبع بعض المحللين نموذجًا محتملاً للرأس والكتفين يمكن رؤية خط العنق الخاص به بالقرب من 1.2280 دولار ، وإذا تم اختراقه بشكل مقنع ، فقد يشير هذا إلى تحرك نحو 1.20 دولار أمريكي. وفى المقابل سوف يبدأ التحرك فوق مستوى 1.25 دولار في تغير التوقعات.
تخلو المفكرة الاقتصادية هذا الاسبوع من الاصدارات الاقتصادية البريطانية الهامة. وسوف يتفاعل الاسترلينى أكثر مع عودة بوريس جونسون الى عمله ومهام منصبه. ورد فعله من الاغلاق الاقتصادى البريطانى لاحتواء تفشى الوباء الى جانب مستقبل علاقات بلاده مع الاتحاد الاوروبى.