بشكل مفاجىء وغير متوقع على الاطلاق قام بنك الاحتياطى الفيدرالى الامريكى بخفض معدل الفائدة بواقع 50 نقطة أساس قبيل الاجتماع المقرر له بأسبوعين فى محاولة من البنك للحفاظ على الاداء الاقتصادى للولايات المتحدة الامريكية فى مواجهة الكوارث الاقتصادية التى يحدثها وباء كورونا خاصة وأن المرض بدأ الانتشار فى الولايات المتحدة الامريكية وكان سببا وجيها فى تهاوى مؤشرات الاسهم الامريكية وسط مخاوف من أن يحدث للاقتصاد الامريكى ما حدث للاقتصاد الصينى. ورغم أيجابية البيانات الاقتصادية الامريكية مؤخرا والابرز منها أرقام الوظائف الامريكية لشهر فبراير والتى جائت بأفضل من التوقعات الا أن المستثمرين رأوا بأن تلك الارقام كانت قبل بدء تفشى المرض فى البلاد وأن الاهم الارقام الاحدث لشهر مارس وقت بدء تفشى الوباء COVID-19. خفض الفائدة الامريكية لم يفيد الدولار الامريكى ولا أسواق الاسهم الامريكية كثيرا مما يؤكد بأن البنك المركزى الامريكى قد يضطر الى تقديم خفض أضافى للفائدة الامريكية الشهر الجارى أيضا.
فيروس كورونا أصاب أكثر من 108 الف شخص حول العالم وتسبب فى وفاة أكثر من 3600 شخص. ومع تخطى الوباء حدود الصين المصدر أنتشر سريعا فى حوالى 90 دولة حول العالم. وعليه فقد خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هذا الأسبوع توقعاتها للنمو الاقتصادى العالمي لهذا العام إلى 2.4 ٪ من 2.9 ٪. وحذرت من أن اليابان والدول ال 19 الأوروبية التي تشترك في عملة اليورو ستواجه خطر الركود. وايطاليا قد تكون بالفعل فى حالة ركود لانها الاكثر تضررا. وتتوقع ايكونوميكس كابيتال أن ينكمش الاقتصاد الصيني بنسبة 2٪ في الربع من يناير إلى مارس وينمو بأقل من 2٪ خلال العام. وسيكون ذلك بمثابة أنطلاقة كارثية ومهينة لاقتصاد حقق معدل نمو سنوي يبلغ 9٪ من عام 2000 حتى العام الماضي.
وبشكل عام التوقعات القاتمة والشكوك المزعجة حول مدى حدة الضرر لهذا الوباء ستهز الأسواق المالية لفترة أطول. فعندما ظهر COVID-19 في الصين قبل بضعة أسابيع ، تصوّر العديد من الاقتصاديين بأنه يشبه ما حدث عندما أصاب السارس الصين وهونغ كونغ في عام 2003حيث حدث توقف قصير الأجل للنمو الاقتصادي الصيني ، وبالتالى لم يتأذى الاقتصاد العالمي كثيرا. ولكن حدث ما كان مفاجئا للجميع ، فقد أنتشر الفيروس الجديد بشكل أسرع وأوسع نطاقًا مما كان متوقعًا. فبين نوفمبر 2002 وأوائل أغسطس 2003 ، أصاب السارس 400 7 شخص في 32 دولة وإقليم وقتل 916. وعلى النقيض من ذلك ، فقد أصاب COVID-19 أكثر من 108000 شخص وقتل أكثر من 3600 في 90 دولة. وعدد القتلى والاصابات في تزايد.
وفى أوروبا ، قالت أكبر شركة طيران في ألمانيا ، لوفتهانزا ، إنها ستخفض ما يصل إلى 50٪ من رحلاتها في الأسابيع القليلة المقبلة ، بعد أن تعرضت لانخفاض حاد في حجوزاتها. وقد أنهارت شركة الطيران البريطانية فلايبي المتعثرة الأسبوع الماضي. وتقوم الخطوط الجوية الفرنسية والخطوط الجوية الاسكندنافية حاليا بتجميد التوظيف وتقديم إجازات غير مدفوعة الأجر وساعات عمل أقصر حيث أنها تعاني من أنخفاض عدد المسافرين والبضائع.
أهم البيانات والاحداث التى تهم متداولي الفوركس خلال هذا الاسبوع:
من الولايات المتحدة الامريكية – الدولار الامريكى- سيتم المراقبة وبشكل دائم للارقام الجديدة لاعداد الاصابات والوفيات جراء وباء كورونا الذى أنتشر سريعا فى الولايات المتحدة وأجبر ثلاث ولايات على أعلان
حالة الطوارىء. وبالنسبة للاخبار الاقتصادية لهذا الاسبوع سيكون الابرز هو الاعلان عن مؤشر أسعار المستهلك الامريكى وبشكل عام لايزال التضخم الامريكي ضعيفا وبعيدا عن هدف بنك الاحتياطى الفيدرالى على الرغم من سوق العمل بمعدل بطالة هو الادنى منذ 50 عاما وزيادة فى الدخل والانفاق للمواطن الامريكى. وفى يناير سجل مؤشر أسعار المستهلك مكسبا طفيفا بنسبة 0.1% وكانت أضعف قراءة للاسعار منذ سبتمبر. ومن المتوقع أن يستمر الاتجاه الهبوطي، مع توقع تضخم المستهلك بنسبة 0.0 ٪ لشهر فبراير. ومع تهاوى أسعار النفط الخام العالمية مؤخرا بسبب المخاوف من ضعف الطلب العالمى عليه فمن المتوقع أن يظل التضخم الامريكى ضعيفا لفترة أطول. ويوم الخميس سيتم الاعلان عن مؤشر أسعار المنتجين ويتوقع له الانخفاض أيضا حيث ستبدأ المصانع الامريكية فى الضرر من أنقطاع سلاسل الامداد بسبب الصين وبسبب بدء تفشى الوباء فى الولايات المتحدة وبدء الاجراءات الاحترازية الصارمة لمنع تفشى الوباء فى المزيد من الولايات.
من منطقة اليورو – اليورو- تفوق اليورو على جميع العملات الرئيسية الاخرى بخلاف عملات الملآذ الآمن حيث واصل المستثمرون تصفية الرهانات السابقة باليورو كعملة تمويل على الأصول ذات المخاطرة العالية ، وهو اتجاه قد يستمر خلال الأسابيع المقبلة بغض النظر عن ما يقرره البنك المركزي الأوروبي (ECB) يوم الخميس المقبل. وستتفاعل العملة الاوروبية الموحدة مع بدء تعاملات هذا الأسبوع الجديد برد فعل السوق على التوسع الكبير في تدابير احتواء فيروس كورونا من جانب الحكومة الإيطالية ، والتي شهدت وضع ما يقدر بنحو 17 مليون شخص تحت "الإغلاق" في عطلة نهاية الأسبوع بحجر صحى لمنع مزيد من الاصابات ، وقد أمرت الحكومة الإيطالية في الساعات الأولى من يوم الأحد بإغلاق 14 مقاطعة ، والتي يقطنها حوالي ربع سكان إيطاليا ، دون أن يتمكن أحد من الدخول إلى المناطق المتضررة أو الخروج منها أو التنقل بحرية داخلها.
سيؤدي المرسوم الطارئ الصادر يوم الأحد إلى تعطيل كبير لاقتصاد أوروبا الأكثر هشاشة وقد يثير تساؤلات حول ما إذا كانت مثل هذه الإجراءات سيتم العمل بها أيضا في الاقتصادات الكبرى الأخرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ، التي تكافح أيضًا من أجل منع تفشي المرض. وجاء المرسوم بعد قرار صدر يوم الخميس الماضي بإغلاق جميع المدارس والجامعات الإيطالية حتى بعد 15 مارس. اليورو لم يتفاعل بشكل سلبى على الاطلاق مع تلك القرارات خاصة أمام الدولار. وزادت الرهانات فى السوق على أن اليورو الارخص للغاية للاقتراض بسبب سعر الفائدة السلبي للبنك المركزي الأوروبي. وهو ما دفع سعر اليورو / الدولار الأمريكي الى تحقيق مكاسب بأكثر من 3٪ في الشهر الماضي حيث أنهارت أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم وتهاوت عملات الأسواق الناشئة.
يعد ارتفاع اليورو مؤخرا بمثابة صداع آخر للبنك المركزي الأوروبي ، الذي سيعلن عن قرار سعر الفائدة في الساعة 12:45 يوم الخميس القادم ، وبالنظر إلى أنه يخاطر بتفاقم حالة الانكماش المزمن لاقتصاد منطقة اليورو. يمكن لارتفاع سعر الصرف أن يقلل من تكاليف الاستيراد وكذلك أسعار المستهلك ، وهو ما لن يكون موضع ترحيب على الإطلاق في البنك المركزي الأوروبي الذي خفض بالفعل سعر الفائدة على ودائعه إلى ما دون الصفر على أمل التسريع بالنمو اللازم لتحقيق هدفه بشكل مستدام لضمان التضخم "بالقرب من ، ولكن أقل من 2 ٪ على المدى المتوسط". والتوقعات تشير الى أن البنك المركزي الأوروبي سيترك جميع أسعار الفائدة دون تغيير على الرغم من أن البنك سيقرر خفض سعر الفائدة على الودائع ويعلن عن تدابير أخرى قد تتضمن تعديلات على برنامج التيسير الكمي أو جولة أخرى من القروض الرخيصة للبنوك لدعم الاقتصاد الأوروبي وهو ما سيكون ضد ارتفاع اليورو. لكن من غير الواضح أن هذا سيكون كافيًا لإيقاف تقدم اليورو فى سوق الصرف.
من بريطانيا – الجنيه الاسترلينى- كان أداء الباوند أقل من أداء جميع المنافسين الرئيسيين بخلاف الدولار الأمريكي وعملات السلع الأساسية خلال تعاملات الأسبوع الماضي ، وسيكون الاسبوع الحالى هاما جدا لمستقبل سعر الجنيه الاسترلينى حيث سيتم الاعلان عن تفاصيل ميزانية المملكة المتحدة فى وقت يعانى منه الاقتصاد العالمى من شبح الركود فى ظل تفشى وباء كورونا القاتل. بريطانيا ليست ببعيدة عن وصول الوباء اليها حيث تم عمل حجر صحى صارم لما يقدر بنحو 17 مليون شخص في منطقة لومباردي بإيطاليا ولحوالى 14 مقاطعة تضم ربع سكان إيطاليا تقريبًا وستظل خاضعة لقيود قانونية على حركة الأشخاص حتى 03 أبريل على الأقل. حيث يتطلب مرسوم الطوارئ الذي تم توقيعه ليصبح قانونًا في عطلة نهاية الأسبوع ألا يتمكن أي مواطن من الدخول إلى المناطق المتأثرة أو الخروج منها ، ولن يتمكن من التنقل داخل المناطق باستثناء ظروف معينة. وكانت الحكومة الايطالية قد عزلت بالفعل بعض البلدات والقرى في محاولة للسيطرة على وباء فيروس كورونا التاجى الذي تم اكتشافه قبل أسبوعين ، على الرغم من أن مرسوم نهاية الأسبوع يمثل توسعًا كبيرًا في العزلة القسرية.
إيطاليا تواجه شبح الركود والتى تعانى منه بالفعل ونظرًا لأن إيطاليا هي واحدة من أفضل عشرة شركاء تجاريين للمملكة المتحدة ، فأن مثل تلك هذه الإجراءات قد يتعرض لها أقتصاد المملكة المتحدة والولايات المتحدة فى مواجهة تفشى الوباء. وتتعامل الحكومة البريطانية في الوقت الحالي مع عدد أقل بكثير من الحالات البالغ عددها 5888 حالة التي تم تأكيدها في إيطاليا حتى يوم السبت ، ويعود السبب في ذلك جزئيًا إلى اتباعها نهجًا أكثر نعومة في الاحتواء من إيطاليا ، ولكن ما حدث فى أيطاليا زاد من الذعر لمواطنى بريطانيا وبدأوا فى الاستعداد.
وفى ظل تلك المخاوف. قال بول داليس ، كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة في Capital Economics. "لقد بدأ الاقتصاد البريطانى هذا العام على نحو قوي ، ولكن الأمر لا يتطلب إلا وقتًا طويلاً قبل أن يستسلم لتأثيرات فيروس كورونا. حيث أن التدابير المتخذة للحد من انتشار الفيروس ستقلل من نشاط الأعمال والإنفاق من قبل الأسر ، وقمنا بمراجعة توقعاتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد لهذا العام من 1.0 ٪ إلى 0.7 ٪ ،ونتوقع الآن أيضًا أن يقوم بنك إنجلترا بتخفيض أسعار الفائدة من 0.75٪ إلى 0.50٪ قريبًا وأن يعلن المستشار في الميزانية في 11 مارس حزمة إضافية من التدابير للمساعدة في دعم الشركات والأسر". وفيروس كورونا في المملكة المتحدة ، أصاب 205 شخص وتسبب فى وفاة شخصين .
يعتبر الاعلان عن تفاصيل ميزانية البلاد يوم الأربعاء القادم هي أبرز أحداث هذا الأسبوع المؤثرة على الاسترلينى. وسوف يتطلع المستثمرون لمعرفة كيف تنوي وزارة الخزانة دعم الاقتصاد البريطانى فى مواجهة أثار فيروس كورونا. وتتوقع الأسواق تقديم حافز كبير في الميزانية التي كان الكثيرون يأملون في أن تكون كافية لتجنب خفض سعر الفائدة من بنك إنجلترا هذا العام بعد تباطؤ الاقتصاد في نهاية العام الماضى ، وكانت التوقعات المتعلقة بذلك هي المصدر الرئيسي لدعم مكاسب الجنيه في شهر فبراير.
ويراهن المستثمرون بشدة على إعلان بنك إنجلترا عن تخفيض سعر الفائدة بنسبة 50 نقطة أساس إلى 0.25٪ فى أجتماعه فى 26 مارس. وقد تضعف تلك التوقعات إذا كشفت ميزانية الأربعاء عن حافز مالي كبير. وقد صرح أندرو بيلي محافظ بنك إنجلترا الجديد الأسبوع الماضي بأنه يود الحصول على مزيد من الأدلة على تأثير فيروس كورونا على الاقتصاد قبل خفض أسعار الفائدة كما فعلت البنوك المركزية الاخرى.
وسيتم تسليم الميزانية في البرلمان من قبل المستشار ريشي سناك في الساعة 11:30 يوم الاربعاء المقبل، بعد ساعات فقط من نشر مكتب الإحصاءات الوطنية بيانات الناتج المحلي الإجمالي البريطاني لشهر يناير. وسط توقعات بنمو الاقتصاد بنسبة 0.2٪ في ذلك الشهر ، وهو معدل نمو أبطأ قليلاً من النمو القوي بشكل غير طبيعي والبالغ 0.3٪ في ديسمبر. وتغطي الأرقام النشاط في أول شهر كامل بعد انتخابات كانون الأول (ديسمبر) وستكشف ما إذا كان فوز بوريس جونسون الكاسح فى تلك الانتخابات قد قدم الكثير من الدعم للاقتصاد البريطانى.