هوت مؤشرات الاسهم الامريكية من مستوياتها القياسية لتسجل أسواء أداء خلال أسبوع منذ الازمة المالية العالمية 2008-2009 وذلك مع وصول وباء كورونا المميت COVID-19 الى الاراضى الامريكية وأعتراف رسمى بذلك. الوباء تحرك الى خارج حدود الصين المصدر وصولا الى 60 دولة حول العالم مما يعنى بأن الوباء سيدفع النمو الاقتصادى العالمى الى الركود لا محالة. خاصة وأن التوصل الى لقاح لمعالجة المرض أصبح بعيد المنال وحسب منظمة الصحة العالمية التجارب على لقاحات قد يستغرق أسابيع. هيمن فيروس كورونا على معنويات المستثمرين حول العالم حيث لم يعطوا أهتمام كبير لمحركات السوق العادية مثل الانتخابات الامريكية ومفاوضات ما بعد البريكسيت.
تفشي الفيروس هز الأسواق المالية العالمية حيث تسبب فى أغلاق المئات من المصانع وإفراغ المتاجر وأحدث عقبات شديدة على السفر في جميع أنحاء العالم. حيث تحذر المزيد من الشركات المستثمرين من أن أموالهم ستتأثر بسبب اضطرابات سلاسل التوريد والمبيعات. وعليه تتخذ الحكومات تدابير صارمة بشكل متزايد لاحتواء أنتشار الفيروس.
وعليه فقد أرتفعت أسعار السندات مرة أخرى حيث سعى المستثمرون إلى الأمان وأصبحوا أكثر تشاؤماً بشأن آفاق الاقتصاد. وهو ما دفع العوائد إلى مزيد من المستويات القياسية. وقد انخفض العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات بشكل حاد ، إلى 1.14 ٪ من 1.30 ٪ ويعد هذا مستوى قياسي ، ويعد هذا العائد هو معيار للقروض العقارية والعديد من أنواع القروض الأخرى. وفى نفس الاداء هبطت أسعار النفط الخام العالمية بنسبة 4.9 ٪ بسبب المخاوف من أن السفر والشحن العالمي سوف يتعرضان لاضرار شديدة وبالتالى يضران بالطلب على الطاقة. وهناك مصدر قلق كبير لدى المستثمرين وهو أن مسار سوق الأسهم قد يكون له تأثير نفسي على المستهلكين ، مما يجعلهم يترددون في إنفاق الأموال والذهاب إلى الأماكن المزدحمة مثل المتاجر والمطاعم ودور السينما. وعلى سبيل المثال يمثل الانفاق الاستهلاكى نسبة 70 % من النشاط الاقتصادى الامريكى. وهو ما يزيد من الضغط على الاقتصاد العالمى.
كان أبرز الرابحين من الازمة هو سعر الذهب الذى قفز فى بداية تعاملات الاسبوع الماضى الى مستوى 1689 دولار للاونصة والاعلى له منذ سبع سنوات ولكن تهاوى السعر سريعا الى ما دون مستوى 1600 دولار ليصل الى 1568 دولار للاوقية بعد تلميح البنك المركزى الامريكى للتدخل للحفاظ على الاقتصاد الامريكى من تبعات فيروس كورونا خاصة مع الانهيارات المستثمرة فى أسواق الاسهم الامريكية.
فى العرض التالى سنلقى الضوء على أهم البيانات والاحداث التى تهم متداولى الفوركس خلال هذا الاسبوع:
من الولايات المتحدة الامريكية- الدولار الامريكى
فى نهاية الاسبوع الماضى جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في بيان " لا تزال أساسيات الاقتصاد الأمريكي قوية. ومع ذلك ، فإن الفيروس التاجي يشكل مخاطر متنامية على النشاط الاقتصادي. ويراقب مجلس الاحتياطي الفيدرالي عن كثب التطورات وتأثيراتها على التوقعات الاقتصادية. وسنستخدم أدواتنا ونتصرف حسب الاقتضاء لدعم الاقتصاد". وعلى الجانب الاقتصادى سيركز اداء الدولار الامريكى على استطلاعات مؤشر مديري المشتريات لمعهد إدارة التوريد (ISM) عن قطاعي الصناعة والخدمات في شهر فبراير ، وكذلك تقرير الرواتب غير الزراعية على الرغم من أن الحدثين يمكن التغلب علي تأثيرهم فى حال زادت الخسائر جراء فيروس كورونا التاجى.
وتشير التوقعات الى أستقرار ملحوظ في استطلاعات مؤشر مديري المشتريات الذي لن يكون من الصعب إحباطه. وفى نفس الوقت تتوقع الأسواق أن يوفر الاقتصاد الأمريكي ما مجموعه 185 ألف وظيفة جديدة في شهر فبراير ، وتراجع معدل البطالة إلى مستوى 3.5٪ مع نمو متوسط الأجور بالساعة بنسبة 0.3٪ على أساس شهري. ولا تزال الوظائف الحكومية آخذة في الارتفاع في العام الانتخابي ، لذلك يتم الحصول على إشارة أفضل من النظر إلى القطاع الخاص. وقد أضاف القطاع الخاص حوالي 160 ألف وظيفة شهريًا في عام 2019 وارتفع إلى 206 ألف وظيفة في يناير. ومن المرجح أن يعود إلى الاتجاه في فبراير. ومن المتوقع أن يتخلى قطاع التصنيع عن الوظائف للشهر الثالث على التوالي. وربما تكون الرواتب الحكومية قد زادت بنحو 35 ألف في فبراير بعد زيادة 19 ألف في يناير.
ويُنظر إلى بنك الاحتياطي الفيدرالي على أنه يتمتع بمجال أوسع لخفض أسعار الفائدة. ومع ذلك، وحتى نهاية شهر فبراير، وفي مواجهة التوقعات المتزايدة لاتخاذ إجراء، فإن مسؤولي مجلس الاحتياطي الفيدرالي لا يبدون سوى ميل قليل لتخفيف السياسة. ولكن قد تغير هذا في 28 فبراير. حيث أصدر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي باول بيانًا بينما كانت الأسواق لا تزال مفتوحة باستخدام إشارات الكلمات المستخدمة والتي كانت تشير في الماضي إلى خفض سعر الفائدة والسؤال بالنسبة للعديد من المستثمرين هو ما إذا كانت ستكون خطوة الخفض بمقدار 25 نقطة أساس أو 50 نقطة أساس. وفي الواقع، فإن منطق خفض الفائدة يشبه تحركات العام الماضي. فمع انخفاض معدل التضخم في الولايات المتحدة عن الهدف، فإن التأمين ضد الرياح المعاكسة العالمية رخيص نسبياً وبالتالى أمكانية الخفض ب 25 نقطة الاقرب. وأشار باول إلى أن Covid-19 يشكل "مخاطر متنامية على النشاط الاقتصادي".
من منطقة اليورو- اليورو
تفوق اليورو على جميع العملات الرئيسية بخلاف الين الياباني الذي يعتبر ملاذ آمن خلال تداولات الأسبوع الماضي ، وذلك مع أنهيار أسواق الأسهم العالمية وأبتعد المستثمرون عن عملات الأسواق الناشئة بأعداد كبيرة، ولايزال اليورو لديه مجال لمواصلة التفوق في الأداء على المدى القصير. وقد شهدت العملة الاوروبية الموحدة أكبر مكاسب لها أمام الدولار الأسبوع الماضي منذ أغسطس 2019 فى الوقت الذى أنخفض فيه اليوان الصينى إلى أدنى مستوى خلال عقد ، مما تسبب في خسائر فادحة لعملات الأسواق الناشئة الأخرى. وذلك مع تجاوز فيروس كورونا حدود الصين ، متعمقًا في إيطاليا وفرنسا وذلك مع ظهوره لأول مرة في العديد من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى ، ناهيك عن الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم.
سيتفاعل اليورو هذا الاسبوع مع الاعلان عن أرقام منطقة اليورو والخاصة بمبيعات التجزئة والتضخم ، على الرغم من أنه ليس من الواضح ما تأثيرها على أسعار الصرف. وتتوقع الأسواق عن استقرار عند 1.4٪ في فبراير ، مع تضخم أساسي عند 1.1٪ وسيتم الإعلان عن الأرقام في الساعة 10:00 يوم الثلاثاء في حين أن التوقعات تشير الى ارتفاع مبيعات التجزئة في منطقة اليورو بنسبة 0.6٪ في يناير عندما يتم إصدار البيان في تمام الساعة 10:00 يوم الأربعاء. وفي عهد دراجي ، والآن لاجارد ، ضغط البنك المركزي الأوروبي على الدول الاوروبية ذات المالية الضخمة لاستخدامها فى تحفيز أقتصادات الكتلة فى أشارة واضحة الى المانيا وهولندا.
من بريطانيا- الجنيه الاسترلينى
ستعلن المملكة المتحدة عن مؤشر مديري المشتريات لشهر فبراير- لقطاعات التصنيع والانشاءات والخدمات- ، ولكن الأهم من البيانات الاقتصادية للجنيه الاسترليني كانت تكتيكات طرفى البريكسيت قبل بدء المحادثات التجارية مع الاتحاد الأوروبي في الأسبوع المقبل. حيث حذر رئيس الوزراء جونسون من أنه في حالة رفض المفوضية الأوروبية لاتفاقية مماثلة كالتى ينفذها الاتحاد مع كندا او أستراليا، فإن المملكة المتحدة سوف تتراجع عن المحادثات في نهاية الربع الثاني. وفى المقابل فقد أوضح مفاوضو المفوضية الأوروبية أن مثل هذه الصفقة مع المملكة المتحدة سوف تتطلب مواءمة تنظيمية ، وهو ما لا تقبله المملكة المتحدة. وهذه المسألة تتعلق بالمحادثات التجارية التي كانت أيرلندا قد أبرمت معها اتفاقية الطلاق ، ومن شبه المستحيل حلها دون تجاوز الخطوط الحمراء.
وسيتم تسليم ميزانية المملكة المتحدة من قبل وزير الخزانة الجديد في 11 مارس. ومن المتوقع أن تقدم حكومة المحافظين حافزًا ماليًا بعد تجنب القيود السابقة. وهذا سيمنح محافظ بنك أنجلترا الجديد بيلي بعض المرونة. واجتماعه الأول للجنة السياسة النقدية سيكون في 26 مارس. وشهدت الاجتماعات القليلة الماضية معارضين ومؤيدين لخفض فوري للفائدة. ويميل السوق نحو خفض سعر الفائدة في الربع الثالث من العام الجارى.