حالة من التفاؤل الحذر سيطرت على أداء وتحركات الاسواق المالية العالمية ومنها سوق تداول العملات الفوركس. وحققت أسواق الاسهم العالمية مكاسب قوية وذلك بدعم من التوقعات بأن الاجراءات الصينية الاخيرة من تحد من تفشى وباء فيروس كورونا الذى أصبح حديث الساعة وفى العالم أجمع وليس فى الصين وحدها بأعتبارها ثانى أكبر أقتصاد فى العالم. حالات الاصابة والوفاة تخطت الحدود الصينية وأنتشرت فيما يزيد عن 20 دولة حول العالم. وذلك فى الوقت الذى لم يهنأ به الاقتصاد العالمى من توقف حرب التعريفات الجمركية ما بين أكبر أقتصادين فى العالم. ستظل خسائر كورونا المؤثر الاكبر على توجاه الاسواق ومعنويات المستثمرين لحين الاعلان رسميا عن التوصل للقاح ينهى هذا الوباء وحسب توقعات الخبراء فأن هذا سيستغرق المزيد من الوقت.
كانت أبرز الاصدارات الاقتصادية فى الاسبوع الماضى هو الاعلان عن تفاصيل تقرير وزارة العمل الامريكية ولاحظنا تباينا فى نتائج هذا التقرير ما بين زيادة فى أعداد الوظائف الغير زراعية بأقوى مما كان متوقعا وفى المقابل زاد معدل البطالة من أدنى مستوياته منذ نصف قرن من الزمان ووصل المعدل الى 3.6% من 3.5% فى السابق. متوسط الاجور هو الاخر زاد بأقل من التوقعات. ولكن فى مجمل النتائج لايزال سوق العمل الامريكى قويا. وصناع السياسة النقدية للبنك المركزى الامريكى يثقون فى الاداء الاقتصادى للبلاد فى ظل مسار سياسة البنك بقيادة جيروم باول. وفى هذا الاسبوع سيكون الترقب الاكثر لرد الفعل من شهادة باول على مدار يومين أمام لجان خاصة لتوضيح مسار الاقتصاد الامريكى فى ظل سياسة البنك وموقفه من المخاطر من تفشى فيروس كورونا.
فى العرض التالى سنلقى الضوء على أهم البيانات والاحداث التى تهم متداولى الفوركس:
من الولايات المتحدة الامريكية – الدولار الامريكى: تتمحور أهتمامات العملة الامريكية هذا الاسبوع بما سيرد من شهادة حاكم بنك الاحتياطى الفيدرالى جيروم باول أمام لجنة خاصة من الكونجرس الامريكى حول الوضع الاقتصادى للبلاد وخطط البنك لمزيد من أنعاشه الى جانب موقف البنك من أمكانية تباطؤ الاقتصاد من تفشى فيروس كورونا والذى أصبح تهديد قوى ومباشر للنمو الاقتصادى العالمى. وستكون الشهادة الاولى له يوم الثلاثاء. وأمام مجلس الشيوخ يوم الاربعاء. وخلال جلسة تداول الخميس سيكون الاهتمام بالاعلان عن أرقام التضخم الامريكية من خلال نتائج مؤشر أسعار المستهلك وسط توقعات بثبات مستويات التضخم فى هذا الاصدار وبشكل عام لاتزال أرقام الاستهلاك بعيدة عن هدف البنك المركزى الامريكى وهو 2% . وذلك على الرغم من الارقام الجيدة للوظائف الامريكية والاجور ومعدل أنفاق المستهلكين. مستويات التضخم الامريكية ذريعة للادارة الامريكية للهجوم المستمر على جيروم باول وفريقه من أجل خفض أكبر لمعدلات الفائدة.
ويوم الجمعة سيتم الاهتمام بالاعلان عن أرقام مبيعات التجزئة الامريكية وسط توقعات بتراجعها بعد الزيادة الاخيرة وتشهد مبيعات التجزئة نمواً بمعدل شهري ثابت قدره 0.3٪ ، على الرغم من أن النمو في المقياس الأكثر أهمية "الأساسي" من المتوقع أن يكون قد انخفض من 0.7٪ في ديسمبر إلى 0.1٪ في الشهر الماضي. وكما هو الحال في البلدان الأخرى ، يواجه القطاع الصناعي الأمريكي المزيد من الرياح المعاكسة. ضع في اعتبارك أن الناتج الصناعي انخفض في أربعة من الأشهر الستة الأخيرة من عام 2019. وفي الواقع ، انخفض فى العام الماضي بنسبة 0.1٪ تقريبًا في الشهر بعد ارتفاعه بمعدل 0.3٪ في عام 2018. وبدأ العام الجديد ببداية نشطة. ويتوقع متوسط التوقعات في استطلاع بلومبرج انخفاضًا بنسبة- 0.3٪ وهو ما يتوافق مع تقرير ديسمبر. كما انخفض إنتاج الصناعات التحويلية بمعدل 0.1٪ في العام الماضي ، لكن أداءه كان أفضل قليلاً مؤخرًا ، حيث ارتفع بنسبة 1.0٪ و 0.2٪ في شهري نوفمبر وديسمبر. ومن المتوقع أن تكون قرائته ثابتة ، ولكن يبدو أن المخاطر في الجانب السلبي. حيث فقد قطاع التصنيع 12 ألف وظيفة في يناير ، مسجلاً الانخفاض الثالث خلال أربعة أشهر.
من منطقة اليورو – اليورو: يوم الثلاثاء سيكون هناك تصريحات مرتقبة لحاكم البنك المركزى الاوروبى كريستين لاجارد ولاتزال الاسواق تنتظر مفاجأة من البنك بخطط جديدة لانعاش أقتصاد منطقة اليورو الذى يعانى. العملة الاوربية الموحدة شهدت خسائر قوية فى ظل قوة الدولار الامريكى ومقارنة المستثمرين للاداء الاقتصادى بينهما حيث سجل اليورو 1.0942 دولار. ويوم الجمعة سيتم الاعلان عن التقدير الأولي لنمو
الناتج المحلي الإجمالي الألماني للربع الأخير ، وفي نفس اليوم ستعلن وكالة الاحصاءات الاوروبية يوروستات عن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو ، والذي تم تقديره مبدئيًا بنسبة 0.1٪ على اساس شهرى. والتوقعات تشير الى نمو بنسبة 0.1٪ في ألمانيا يعقبه تكرار النمو بنسبة 0.1٪ المتوقعة بالفعل في منطقة اليورو ، رغم أنه بعد أرقام الأسبوع الماضي قد تكون المخاطر في الجانب السلبي بسبب تفشى فيروس كورونا.
وكشفت بيانات الإنتاج الصناعي وطلبيات المصانع الألمانية الاسبوع الماضى عن انخفاض حاد في الإنتاج لأكبر اقتصاد في أوروبا، وذلك بعد أيام فقط من انخفاض مبيعات التجزئة أيضًا في نهاية العام. وكان نمو الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي والإيطالي سالبًا في الربع الأخير ، وإذا سارت ألمانيا بنفس المسار ، فإن هذا يعني أن ثلاثة من أكبر اقتصادات القارة قد تقلصت في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2019. وهو ما قد يترجم الى مزيد من الخسائر لليورو.
من بريطانيا – الجنيه الاسترلينى- يوم الثلاثاء سيكون اليوم الاكثر أهمية لاداء الباوند مع خلو المفكرة الاقتصادية فى باقى أيام الاسبوع من أى أصدارات هامة. وفى هذا اليوم سيتم الاعلان عن معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى وسط توقعات بتباطء النمو الاقتصادى بقراءة 0.0% من تحسن فى الاصدار السابق 0.4% . الاقتصاد البريطانى أصبح يعانى من حالة عدم اليقين تجاه مستقبل العلاقات التجارية ما بين البلاد والاتحاد الاوروبى بعد أنتهاء الفترة الانتقالية فبداية المحادثات بينهما حادة وأستمرار هذا المسار سينتهى بخروج بريطانى من الكتلة بدون أتفاق وهو ما سيكون كاثيا للجانبين. وفى نفس اليوم سيتم الاعلان عن معدل الانتاج التصنيعى ويتوقع له التحسن بقراءة 0.5% من تراجع فى السابق بنسبة -1.7% هذا القطاع وكما هو الحال فى باقى الاقتصادات العالمية الكبرى تأثر سلبا بالحرب التجارية العالمية ما بين الولايات المتحدة الامريكية والصين يضاف اليه المخاوف من بريكسيت صعب فى نهاية المطاف.
أبقى بنك إنجلترا على سعر الفائدة في الشهر الماضي لأنه في أعقاب انتخابات ديسمبر 2019 ، لاحظ مجالًا للانتعاش الاقتصادي في الأشهر المقبلة ، ورغم قراره لايزال المستثمرون يتوقعون احتمال خفض سعر الفائدة قبل شهر سبتمبر. ومع ذلك ، فإن أداء النمو الأسوأ من المتوقع للربع الأخير قد يدفع بعض المستثمرين للتشكيك في هذا الافتراض وأن يتم الخفض فى أقرب من هذا الموعد.