ثلاثة بنوك مركزية ستعلن عن قرارات سياستها النقدية هذا الاسبوع وسيكون الاهم قرار بنك الاحتياطى الفيدرالى الامريكى حيث أن التوقعات تشير بقوة الى أن البنك قد يخفض معدلات الفائدة الامريكية للمرة الثالثة هذا الشهر لمواجهة المخاطر التى تؤثر سلبا على قطاعات الاقتصاد الامريكى فى ظل حرب تجارية شرسة لاتزال قائمة مع الصين. زادت تلك التوقعات بعد سلسلة من نتائج البيانات الاقتصادية الامريكية السلبية فى الاونة الاخيرة. وبالنسبة للبنك المركزى اليابانى وبنك كندا فيتوقع لها أن تبقى على سياستها بدون تغيير.
خلال جلسات التداول الاخيرة لاحظنا أرتفاعا لسعر الدولار مقابل العملات الرئيسية الاخرى وسط عمليات بيع وأتخاذ مراكز جديد قبيل أعلان بنك الاحتياطى الفيدرالى. وتراجع الجنيه الاسترلينى من أعلى مستوياته منذ أكثر من خمسة شهور مع تجدد المخاوف من خروج فوضوى لبريطانيا من الاتحاد الاوروبى مع تجدد الصراع ما بين حكومة بوريس جونسون والمعارضة حول الاتفاق الاخير مع الاتحاد الاوروبى لانهاء البريكسيت فى الموعد المحدد 31 أكتوبر. وأخر محطات الصراع طلب تمديد موعد البريكسيت ولكن لاتزال الضبابية تهيمن على الملف الهام.
اليورو على موعد هام مع تولى كريستين لاجارد منصب حاكم البنك المركزى الاوروبى خلفا لماريو دراجى وتترقب الاسواق التعرف على رؤية لاجارد لانعاش أقتصاد منطقة اليورو والذى تأثر كثيرا بالحرب التجارية العالمية.
فى العرض التالى سنلقى الضوء على أهم البيانات والاحداث التى تهم متداولى الفوركس:
يوم الثلاثاء: ثقة المستهلك الامريكى. ورغم الصراع المستمر بين أدارة ترامب والصين الذى زاد من توقعات البنوك والمؤسسات العالمية بأن الاقتصادى العالمى سيتعرض للركود والاقتصاد الامريكى نفسه ليس بمنأى عن ذلك الا أن المستهلك الامريكى لايزال يثق بقوة فى أداء الاقتصاد الامريكى وأن تلك المخاوف لعوامل مؤقتة. وفى أخر قراءة سجلت الثقة قراءة 125.1 ويتوقع لها الارتفاع بقوة الى قراءة 128.2 .
يوم الاربعاء: وهو الاهم من بين أيام هذا الاسبوع. حيث ستراقب الاسواق المالية والمستثمرون اولا الاعلان عن معدل نمو الاقتصاد الامريكى للربع الثالث لعام 2019. وقد أنتعش الاقتصاد الأمريكي مرة أخرى في الربع الأول من عام 2019 إلى نمو بنسبة 3.1٪ على أساس سنوي بعد معدل مخيب للآمال بنسبة 1.1٪ في الربع الرابع لعام 2018. وتباطأ النمو إلى 2.0٪ في الربع الثاني. ومن المتوقع ضعف النشاط الاقتصادى فى الربع الثالث الى 1.6%. والزخم الضعيف الذي شوهد في نهاية الربع الثالث وبعض البيانات الأولية يحذر من أن النمو قد يتباطأ نحو 1.0٪ في الربع الرابع لعام 2019.
فى نفس اليوم. الاعلان عن معدل الفائدة من بنك كندا. ومن المتوقع على نطاق واسع بأن يبقى البنك على المعدل حول 1.75% بدون تغيير وعلى النقيض من جاره الذى سيخفض الفائدة ربع نقطة للمرة الثالثة خلال عام 2019 . وقد أشار محافظ بنك كندا بولوز بوضوح إلى سياسة ثابتة. وفي السابق ، اعتقد العديد من المراقبين بأن بنك كندا سيكون مستعدا لخفض أسعار الفائدة ، خاصة فى ظل التباطؤ الاقتصادى وخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة والمخاطر الأخرى الناشئة عن التوترات التجارية والجيوسياسية العالمية. وما زلنا نتوقع أن تؤثر هذه الاعتبارات على بنك كندا ، ولكن قد يحدث ذلك فى النصف الاول من عام 2020 .
لم يظهر المستثمرون أى تأثر بنتائج الانتخابات الكندية التي فاز فيها الليبراليون بقيادة ترودو بأغلبية ساحقة ، لكنهم فشلوا في الحصول على أغلبية المقاعد في البرلمان. كنا نظن أن تشكيل حكومة ائتلافية أمر ضروري ، لكن ترودو أشار إلى اعتزامه الحكم مع أقلية على أساس كل حالة على حدة. وعود الحملة تنطوي على بعض التوسع المالي.
الحدث الاهم فى هذا اليوم. هو أعلان بنك الاحتياطى الفيدرالى عن سياسته النقدية وسط توقعات قوية بأن يقوم البنك بخفض معدل الفائدة الامريكية بواقع ربع نقطة أضافية ليصل المعدل الى 1.75% بدلا من المستوى الحالى 2.00 %. وأن حدث ذلك ستتوقع الاسواق أمكانية خفض الفائدة الامريكية مرتين خلال عام 2020 قبيل الانتخابات الرئاسية. ويتوقع أن يؤكد البنك مجددا بأن ما يقوم به ما هو الا تأمين للاداء الاقتصادى للبلاد. وقد أقر رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي باول بأن بعض المخاطر السلبية قد تحققت بالفعل. ومع ذلك ، فقد تمسك أيضًا بإطاره للتحدي كتصحيح لسياسة البنك في منتصف الطريق. ونتوقع أن يواجه هذا التقييم تحديًا متزايدًا مع ضعف نتائج البيانات الاقتصادية مؤخرا. أستمرار تخفيف سياسة البنك سيتوقف بشكل عام على أستمرار الحرب التجارية العالمية. وقد يتوقف البنك عن التخفيف فى حال تم الاتفاق بين طرفى الحرب على أنهاؤها سريعا وهو مستبعد تماما فى الاشهر القليلة المقبلة مع تمسك كل طرف بما يراه الافضل لمستقبل بلاده. وفى حال عدم فوز ترامب فى الانتخابات القادمة فهذا يعنى أنهاء سريعا لتلك الحرب التى تؤرق النمو الاقتصادى العالمى.
يوم الخميس: مؤشر مديري المشتريات الصناعى للصين ولا يزال المؤشر دون عتبة ال 50 التى تفصل النمو عن الانكماس. ويتوقع للمؤشر الارتفاع الطفيف الى 49.9 من 49.8 سجلت فى الماضى. أستمرار الصراع التجارى مع الولايات المتحدة لايزال يضعف النشاط الصناعى لثانى أكبر أقتصاد فى العالم ولا يتوقع له العودة الى النمو بدون حل هذا النزاع فى وقت قريب. بما أن القطاع من أهم قطاعات الاقتصاد الصينى فكان لزاما على الحكومة الصينية تقديم المزيد من التحفيز لهذا القطاع وسط توقعات بأن تستمر تلك الحرب لاشهر طويلة على الرغم من التهدئة الاخيرة بين الجانبين.
فى نفس اليوم. أرقام التضخم فى منطقة اليورو. ولاتزال ضغوط الأسعار في منطقة اليورو صامتة. حيث من المتوقع أن يتباطأ التضخم الرئيسي في أكتوبر لاسعار المستهلك إلى قراءة 0.7٪ على أساس سنوي من 0.9٪. وسيكون هذا أدنى مستوى جديد للتضخم فى الكتلة منذ ثلاث سنوات. والهدف هو قريب من 2 ٪. ويشير التأثير الأساسي إلى مقارنات مواتية على أساس سنوي في الفترة من نوفمبر إلى يناير. ودائما يعتمد البنك المركزي الأوروبي على التضخم الأساسي ، والذي يستثني الغذاء والطاقة التى تتميز بالتقلب الشديد ويتوقع له أن يظل ثابتا حول 1.0٪ ، وهو أيضًا عند أدنى مستوى خلال ثلاث سنوات.
وفى هذا الاسبوع ستبدأ مبادرات السياسة الجديدة للبنك المركزي الأوروبي. ويشمل ذلك استئناف عمليات شراء السندات السيادية. مع عمليات شراء بقيمة 20 مليار يورو شهريًا في 30 أكتوبر. وستبدأ الميزانية العمومية للبنك المركزي الأوروبي في التوسع في 1 نوفمبر. يعني في الممارسة العملية وبحوالي 800 مليار يورو على الودائع في البنك المركزي الأوروبي لن تخضع بعد ذلك لأسعار الفائدة السلبية. وفي مؤتمره الصحفي الأخير ، عزز دراجي التقييم الذي قدمه لين كبير الاقتصاديين بالبنك المركزي الأوروبي ، بأن القيود المفروضة على السندات لن يتم فرضها لمدة عام على الأقل.
ومن منطقة اليورو أيضا سيتم الاعلان عن معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى للربع الثالث. ومن المتوقع أنخفاض النمو إلى النصف في الربع الثاني من 0.4٪ في الربع الأول. ومن المتوقع أن يتم خفضه إلى النصف مرة أخرى في الربع الثالث إلى 0.1٪. ويتوقع العديد من الاقتصاديين ، بما في ذلك البنك المركزي الألماني ، الانكماش الفصلي الثاني على التوالي في أكبر اقتصاد في أوروبا (ولن يتم الإبلاغ عن الناتج المحلي الإجمالي الألماني حتى 14 نوفمبر). والذى قد يتباطأ على اساس سنوى إلى 1.1 ٪ ، وسيكون الأضعف منذ الربع الرابع من عام 2013.
وفى وقت غير محدد سيعلن البنك المركزى اليابانى عن قرارات سياسته النقدية. ويتوقع أن يظل معدل الفائدة اليابانية عند المستوى السلبى حول -0.10% بدون تغيير. ولكن يبدو أن حاكم بنك اليابان كورودا سيتخذ إجراء في هذا الاجتماع. حيث اعترف قبل أسابيع قليلة ، بأنه يميل أكثر إلى التحفيز ، وعليه فمن المرجح أن يخفض أسعار الفائدة على المدى القصير ، والتي تعد أيضًا جزءًا من استراتيجية البنك المركزي الياباني للسيطرة على منحنى العائد. ومع ذلك ، أظهر استطلاع تانكان أن معنويات الشركات الكبيرة صامدة ، والأسواق المالية هادئة نسبيًا ، ومؤشر نيكي وتوبيكس مرتفعان بقوة.
وقد تلاشى اعتقاد السوق بأن بنك اليابان سوف يقوم بخفض سعر الفائدة بمقدار 10 نقاط أساس. خاصة بعد التقارير الصحفية التي تشير إلى أن بعض مسؤولي بنك اليابان يشككون في أن خفض الفائدة سيكون له تأثير كبير ، فقد تم زيادة الاحتمالات بنسبة تصل إلى حوالي 65 ٪ ، بعدم اتخاذ إجراء بشأن رفع قيمة الين وقد يسعى البنك المركزى الياباني إلى التحقق من ذلك عن طريق تغيير التوجيه إلى الأمام. وقد يتعهد بالحفاظ على معدلات منخفضة للغاية حتى الربيع المقبل. مع عدم وجود هدف قريب للتضخم.
يوم الجمعة: كل الاهتمام سيكون على الاعلان عن أرقام الوظائف الامريكية. ويتوقع لمتوسط الاجور فى الساعة الارتفاع بنسبة 0.3% بعد خيبة الآمل من تراجع الى نسبة 0.0% فى الاصدار الاخير. ويتوقع أستمرار تراجع أعداد الوظائف الامريكية فى القطاع الغير زراعى الى 90 الف وظيفة فقط من نسبة 135 الف وظيفة فى أخر أصدار. أما معدل البطالة فيتوقع له الارتفاع الطفيف الى 3.6% من نسبة 3.5% والتى سجلها الاصدار الاخير وكان المعدل هو الادنى منذ 50 عاما.
ولابد فى الاخذ بالاعتبار تطورات ملف البريكسيت والذى يؤثر ايضا على معنويات متداولى العملات الفوركس. وكانت أخر الاحداث تقديم طلب من الحكومة البريطانية الى الاتحاد لطلب تمديد موعد البريكسيت بعيدا عن يوم 31 أكتوبر لاعطاء الفرصة لاقناع المعارضة داخل البلاد لتمرير صفقة البريكسيت. ومع تمسك المعارضة بموقفها قام رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون بالدعوة الى أجراء أنتخابات مبكرة وهو ما رفضته المعارضة ايضا. الصراع السياسى الداخل فى المملكة المتحدة قد يؤدى فى نهاية المطاف الى خروج فوضوى من الاتحاد الاوروبى وهو ما سيكون كارثيا لطرفى البريكسيت.