تراجعت الأسواق العالمية يوم الجمعة بعد صدور الأخبار الصادمة عن تصويت بريطانيا لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، ولكن هذا التداعيات السياسية والاقتصادية هي مجرد بداية.
ستمر سنوات عديدة قبل أن نعرف ما هو المعنى الحقيقي للتصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. يمكن استخدام آلية المادة 50 للخروج من الاتحاد الأوروبي فقط في وقت لاحق من هذا العام، حيث ترك رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي استقال من منصبه يوم الجمعة، لخليفته خيار الضغط على الزناد. ومن ثم ستبدأ مفاوضات مكثفة حول ما إذا كان سيكون هناك أي تغيير على العلاقة الحالية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من أنه ومن الناحية النظرية سيتم فض الروابط رسمياً بعد عامين فقط، إلا أنه يمكن تمديد تلك الفترة وكمية العمل القانوني وغيره الذي سيتم بهذا الشأن على جميع المستويات يفوق التصور.
نظرياً، يمكن الحصول إعفاء من الالتزام بنتائج التصويت ولكنها ستكون عملية طويلة، غير مضمونة ومتقلبة، والتي لا يمكن أن تكون جيدة للمملكة المتحدة أو للعالم.
ومن الناحية السياسية تشير نتائج الاستفتاء المتقاربة إلى أن وحدة المملكة المتحدة نفسها معرضة للخطر، حيث تسعى اسكتلندا لعقد لاستفتاء آخر وهناك احتمال حقيقي بأن تنفصل هذه المرة. وهناك سؤال حول وضع ايرلندا أيضاً.
يختلف حزبي العمل وحزب المحافظين في خضم معارك داخلية على القيادة، حيث تسعى زعامة حزب العمل الرائدة للإطاحة جيريمي كوربين، بينما يقود توريس في حزب المحافظين الفريق المعارض لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الصراع ضد زعيم الحملة بوريس جونسون. التركيبة السكانية للاستفتاء تظهر أمة المقسمة بين السكان الشباب والمسنين، المدن والناس في المحافظات الريفية والخريجين وغيرهم.
ويحاصر الاتحاد الأوروبي نفسه أيضاً السؤال حول مدى الحزم الذي يجب التعامل فيه مع المملكة المتحدة، بسبب احتمال قرار المزيد من الأعضاء مغادرة الاتحاد.
ولكن بالإضافة للمشهد السياسي المقلق في مرحلة ما بعد احتمال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إلا أن المشهد الاقتصادي مقلق أكثر من ذلك حتى. لقد محت الأنباء عن قرار المملكة المتحدة حوالي 2 تريليون دولار من الأسواق على مستوى العالم، ويمكن أن تستمر الاضطرابات. ولكن حتى بغض النظر عن تأثير ذلك على الأسواق، فإن عدم اليقين يؤثر أيضاً على قرارات الاستثمار والإنفاق، وعلى آفاق النمو في المملكة المتحدة وشركائها التجاريين. وكالة التصنيف Moody’s، التي وضعت توقعات سلبية على بريطانيا توقعت بأن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في المملكة المتحدة بنسبة 0.5% خلال عام 2016 وبنسبة 1% خلال عام 2017. وبالنسبة لمنطقة اليورو، أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة، قدرت وكالة التصنيف العالمية S&P بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قد يخفض النمو في منطقة اليورو بحوالي 0.5% خلال عام 2017.
ستعتمد الآثار الاقتصادية على المدى الطويل على نتائج المفاوضات وسيتضح التأثير الكامل فقط بعد عدة سنوات، ولكن ليس هناك من شك بأن المملكة المتحدة ستكون أسوأ حالاً على المدى الطويل مما كان يمكن أن تكون، وهذا ينطبق على أوروبا أيضاً.