في الأسبوع الماضي، اغتال جيش الولايات المتحدة الزعيم الإيراني قاسم سليماني، الذي كان قائد قوة القدس وجنرال كبير في فيلق الحرس الثوري الإسلامي. يوصف بأنه ثاني أقوى زعيم إيراني (خلف آية الله علي خامنئي فقط)، وليس من المستغرب أن موته ينطوي على تصعيد الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.
تدهورت العلاقة بين الولايات المتحدة وإيران بشكل مستمر منذ أن وضع الرئيس دونالد ترامب حداً لمشاركة الولايات المتحدة في إطار الاتفاق النووي في مايو 2018. كانت الصفقة بمثابة اتفاق بين إيران والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وكان الغرض الرئيسي منها الحد من المنشآت النووية الإيرانية في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية والمالية ضد إيران.
بعد الهجمات، لم تهدد القيادة الإيرانية بالانتقام فحسب، بل أعلنت أيضاً أنها لم تكن تنوي الامتثال للقيود النووية بعد الآن، مما وضع مسمار آخر في نعش الصفقة التي تعرضت لانتقادات شديدة، وأثارت مخاوف بشأن مواجهة مباشرة محتملة مع إسرائيل، وهي واحدة من الأعداء الرئيسيين في المنطقة.
تشهد أسواق النفط ارتفاعاً منذ شهر ديسمبر، حيث زاد تفاؤل المستثمرين بمستقبل الاقتصاد العالمي في أعقاب الإعلان عن توقيع اتفاقية "المرحلة الأولى" التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والبيانات التي أظهرت بعض الإشارات نحو نمو الاقتصاد العالمي.
تلك الأحداث الأخيرة جاءت لتساعد التقدم. أغلقت عقود خام برنت الآجلة في المنطقة الإيجابية في يوم مقتل الزعيم الإيراني، حيث تقدمت بنحو 3.55%، وخلال جلسة الأحد، أضافت عقود خام برنت الآجلة 1.43% أخرى. يمكن قول الشيء نفسه عن عقود خام WTI، التي ارتفعت بنسبة 3.06% يوم الجمعة و 1.28% يوم الأحد.
ومع ذلك، سلط العديد من المحللين الضوء على عدم استدامة ارتفاع النفط على المدى الطويل، إلا إذا حدث اضطراب كبير في الإمدادات في السوق. في الواقع، أغلقت أسواق العقود الآجلة للنفط في المنطقة السلبية يوم الإثنين، ويرجع ذلك في الغالب إلى انتعاش الدولار الأمريكي، وبعد ادعاءات الولايات المتحدة حول صفقة نووية محتملة مع إيران، وحتى أن البعض شكك في أن الانتقام الإيراني سوف يؤثر على أي مصدر مهم للنفط العالمي.
وقال محلل في جولدمان ساكس يوم الإثنين، نقلاً عن الحادث الأخير الذي وقع في السفارة الأمريكية في العراق، والذي لا يشير إلى أي اضطراب مهم في الإمدادات، "إنه ليس من المسلم به أن أي انتقام محتمل من جانب إيران سيستهدف الأصول المنتجة للنفط". مضيفاً أنه حتى لو كان هناك هجوم على أي منشآت إنتاج نفط مهمة، فإن السوق لا يزال يتمتع بمرونة إمداد كبيرة.
ادعاءات المحلل ليست بدون أساس، فبتاريخ 14 سبتمبر 2019، استخدمت الطائرات بدون طيار لمهاجمة منشآت معالجة النفط التابعة لشركة أرامكو السعودية في بقيق والخريص، مما تسبب في انخفاض الإنتاج العالمي من النفط بنسبة 5%، مما أدى إلى تعطل الإمداد السعودي الذي تمكنت السعودية من إدارته من خلال مخزونها الاحتياطي. بحلول 27 سبتمبر ذكرت وسائل الإعلام الدولية أن الطاقة الإنتاجية ومستويات التصدير قد عادت إلى طبيعتها.
الآن تزعم الصحافة أن القيادة الإيرانية تقيم 13 "سيناريو انتقامي" ضد الولايات المتحدة وأن السفير الإيراني لدى الصين يهدد بالقيام بأعمال عسكرية. قد يعيد هذا الخوف إلى أسواق العقود المستقبلية للنفط، على الرغم من أنه عندما يتعلق الأمر بأسواق النفط، فمن المرجح أن تتحدث الإجراءات بصوت أعلى من الكلمات، ومن المرجح أن ترى الأسواق أكبر تحركاتها فقط عند اتخاذ إجراء ما.