من دون شك، مغادرة الإتحاد الأوروبي وتعديل القطاعات الضخمة في النظام الأساسي البريطاني التي تمس بعضوية المملكة المتحدة في الإتحاد الأوروبي منذ 43 عاماً، هي الحدث الأهم في التاريخ السياسي البريطاني منذ الحرب العالمية الثانية. استفتاء بريكسيت نفسه ما يزال مثيراً للخلاف بدرجة عالية لعدة أسباب:
في حين أن التصويت كان بتكليف أغلبية ثقيلة في البرلمان، فهو يعتبر "استشاري" فقط من حيث القانون.
الأغلبية البسيطة كانت مقبولة (على التصويت الإستشاري) للسماح بمثل هذا التغير الكبير بدلاً من المطالبة بأغلبية فائقة وأساس ملزم قانونياً في البداية.
في حين أن 52% من المصوتين دعموا بريكسيت ذلك اليوم، فإن هذه النسبة تشكل فقط 37% من المؤهلين للتصويت، والبريطانيون الذين يعيشون في الخارج (بإستثناء إيرلندا وجبل طارق) لم يحصلوا على التصويت ويقال بأنهم كانوا سوف يغيرون النتائج لصالح وضعية البقاء.
تعهدات الداعمين للخروج كانت مبنية على أكاذيب والوعد الرئيسي (ضمناً على أقل تقدير) هو أن النظام الصحي الوطني سوف يحصل على 350 مليون جنيه إضافية أسبوعياً إن تركت المملكة المتحدة المنطقة، كان وعداً زائفاً بشكل معلوم.
لم يتم تقدير المدى الكامل لتبعات التصويت من قبل السياسيين ولا الجمهور عند وقت التصويت، وبدأ فقط بالظهور البطيئ منذ ذلك الحين.
في حين قد يكون هناك تعهد بترك الإتحاد الأوروبي، فإن الوضع النهائي الدقيق لم يناقش أو يوضح في الإستفتاء.
أشارت حملة المغادرة إلى أنهم في حال خسروا بهامش 48% إلى 52%، فإن ذلك سوف يعتبر "عمل غير منتهي".
بإختصار، العملية عرضة لبعض الإنتقادات الجدية، وليس أقلها هو أنه لم يكن هناك أبداً خطة اقتصادية مناسبة لبريكسيت. ولكن، الحكومة كانت واضحة في أنها لن تجري استفتاءاً ثانياً، لا للتأكيد على النتيجة الأصلية ولا للموافقة على الصفقة (أو عدم وجودها) التي سوف يتم التصول لها بين المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي بعد بريكسيت.
أحد المحركين الرئيسيين لبريكسيت كانت القائد السابق لحزب UKIP، نيل فاراج. وقد التقى مع مايكل بارنير الأسبوع الماضي، وادعى بأنه يتحدث نيابة عن الناخبين الـ 17.4 مليون الذين صوتوا لصالح المغادرة وبأن مخاوفهم بشأن الهجرة قد تم تجاهلها. ما يزال عضو في البرلمان، ولكنه لم يعد قائد حزب UKIP وبالفعل، القيادة الحالية، تختلف بشدة مع الموقف الذي اتخذه يوم الأمس فقط. وقد أشار إلى الحاجة لوجود استفتاء آخر، والذي يدعي بأنه سوف يعطي جانب المغادرة تكليفاً حاسماً، لتسوية موضوع الجيل. حصلت دعوته على الدعم من بعض القطاعات في حلف المغادرة ورحب بها (بشكل مثير للسخرية) من قبل داعمي البقاء.
الموقف مهم لأن الحكومة سوف تجد من الصعب أن تجادل ضد هذا العرض إن أثبت أن هناك دعم واسع له. يقوم حزب الديمقراطيون الأحرار بالمطالبة بإستفتاء ثاني بشأن الصفقة النهائية، والذي يبقي على خيار البقاء موجوداً. في حين أن قيادة حزب العمال تعارض التصويت الثاني، فإن العديد من الحزب في البرلمان والدولة سوف يدعمون الأمر (80% من داعمي حزب العمال يدعمون البقاء في الإتحاد الأوروبي وفقاً للتصويت). التصويت سوف يحصل على الدعم من قبل SNP في ويستمينيستر و في التجمعات الأسكتلندية والإيرلندية الشمالية، حيث أن أغلبية السكان ترغب في البقاء.
مع العديد (بما في ذلك فيليب هاموند و ديفيد دافيس) يحذرون من مخاطر سيناريو عدم وجود صفقة، فإن تبني فقرة الخروج من السجل مجاناً قد يصبح أمراً لا يقاوم، وخصوصاً إن حكمت محكمة العدل الأوروبية بأن المملكة المتحدة يمكنها، من جانب واحد، سحب الإشعار بالمغادرة من الإتحاد الأوروبي من خلال العدول عن إشعار المادة 50 الذي، في الظاهر، يجب أن يكون الحق السيادي للمملكة المتحدة حتى انتهاء الإشعار في مارس 2019.
ما يزال (عذرا على التروية) من غير المعروف إن كانت فكرة التصويت الثاني سوف تحصل على القوة، ولكن مجموعات حملة المغادرة أكدت على ثقتها بأنها سوف تفوز في حال تم إجراء توصيت آخر، على الرغم من التحول الظاهر في الرأي العام ضد بريكسيت. جمهور الناخبين المصوتين لصالح البقاء متأكدين بنفس الدرجة من أنهم سوف يفوزون. يبدو بأننا نعيش في أوقات مثيرة للإهتمام، كما تقول اللعنة الصينية.