"لا يمكن لرجل أن يشكل جزيرة لوحدة"، بحسب شاعر القرن السابع عشر، جون دوني – من الممكن القول بأنه لن يكون من بين أفضل عشر شعراء لبريكسيت، إن قرأت بقية قصيدته. ولكن، بريكسيت تعمل على أن تدير المملكة المتحدة ظهرها للإتحاد الأوروبي بطريقة أكثر شمولية من مجرد نواحي اقتصادية. فهي عملية إحراق للجسور وقطع للروابط التي تكونت بين المملكة المتحدة والدول الأعضاء الأخرى في ما يعرف بإسم الإتحاد الأوروبي.
حلم بريكسيت هو أن على المملكة المتحدة أن تحرر نفسها من أغلال تشريعات الإتحاد الأوروبي وأن تصبح حرة في الدخول في اتفاقيات تجارية جديدة مع بقية العالم (بالطبع، يقوم الإتحاد الأوروبي بهذا الأمر نيابة عنا جميعاً كأعضاء، وعند عدم وجود اتفاقية مفيدة، فإن الأعضاء يتاجرون مع بقية العالم تحت برنامج الإتحاد الأوروبي في منظمة التجارة العالمية). من خلال مغادرة الإتحاد الأوروبي، فإن المملكة المتحدة لا تخسر فقط عضويتها في السوق الموحدة،ولكنها لن تستفيد من أي صفقات تجارة حرة بين الإتحاد الأوروبي وبقية العالم. تأمل المملكة المتحدة أن تكون قادرة على نسخ هذه الإتفاقيات، ولكن في حين أن هذا الأمر في مصلحة المملكة المتحدة، فهو في مصلحة الإتحاد الأوروبي، وليس بالضرورة في مصلحة الأطراف الخارجية التي قد تكون قادرة على الحصول على اتفاقيات أفضل مع المملكة المتحدة وحدها أكثر منها كعضو في منطقة تجارية مكونة من 28 عضو.
يدعي منطق بريكسيت أن جميع المناطق التجارية حمائية، وتستفيد من أعضائها من خلال اقصاء العالم الخارجي. وبالتالي يكون من الغريب أن المملكة المتحدة قد بدأت محادثات رسمية بشأن الإنضمام إلى "الشراكة عبر المحيط الهادئ" والتي تتضمن 11 دولة، حيث أن القيام بهذا الأمر سوف يؤدي بالتأكيد إلى ربطها بالإلتزام بالمعايير والتشريعات التجارية لتلك المنطقة. تقوم المملكة المتحدة بإرسال 8% من صادراتها إلى الدول الحالي في اتفاقية TPP، مع كون حصة الأسد تذهب إلى اليابان (التي قام الإتحاد الأوروبي مؤخراً بتوقيع اتفاقية تجارة حرة معها).
المتشككين سوف يقولون بأن تمديد المحادثات الإستكشافية مع TPP، الجهاز الذي يقع حرفياً على الطرف الثاني من العالم، هو سمة مميزة على يأس حكومة المملكة المتحدة أثناء سعيها لمغادرة منطقة تجارية هي الأكبر والأنجح في العالم والتي تتشارك معها بقرب جغرافي كبير وحدود برية.