رمز أوروبوروس يرسم أفعى تبتلع ذيلها، وتأكل نفسها، فهل ذلك هو النوع الوحيد الذي نراه لبركسيت؟
بركسيت متناقض بالشروط ويعني كل شيء لكل الناس. في أقصاه، يرغب أكثر الداعمين للخروج أن يروا انفصال كامل بين الإتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة مع إنهاء لأي تأثير للقانون الأوروبي (التوجيهات) بشأن المملكة المتحدة يوم الخروج. هؤلاء المتعصبين يريدون أن تخرج المملكة المتحدة من أي نقاشات إضافية مع الإتحاد الأوروبي، ورفض دفع أي تسوية "إنفصال" أو أن يقلقوا أنفسهم بالأسئلة المتعلقة بالحدود المادية وحقوق المواطنين. يتخيلون بأن المملكة المتحدة يمكنها ببساطة التداول بناءاً على قوانين منظمة التجارة الدولية وأنه سوف يكون من ضمن حقوق المملكة المتحدة أن تأسس حدود "مادية" مع عمليات فحص ملموس على البضائع والأفراد إن كان ذلك ما يريدونه. هذا الأمر لا يتطابق مع رغبتهم "بالسيطرة على حدودنا" بالطبع، وإلتزامات منظمة التجارة الدولية تتطلب أن التفتيش الجمركي قائم بحيث يمكن حساب وتحصيل التعريفات بشكل صحيح. وهم غير قلقين بشأن تبعات مستقبل التجارة البريطانية/الأوروبية أو البريطانية/العالمية في حال لم تحترم المملكة المتحدة إلتزاماتها، ولكن بعض أنصار هذا الموقف هم من أعضاء الحزب الحاكم في مجلس العموم، إن لم يكونوا في الحكومة حتى.
المتعصبين تجاه بريكسيت يعارضون السماح للحكومة بدفع فاتورة الإنفصال (التي تقدر حالياً بمبلغ 50 مليار جنيه) ولن يسمحوا بإستمرار الإنتظام بين تشريعات الإتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة (في خطوة مقفلة) بعد يوم الخروج بشكل مثالي، أو بعد الفترة الإنتقالية على أبعد مدى. هذا الأمر مهم لأن الحكومة البريطانية اقتربت من اتفاقية خطوط عريضة مع الإتحاد الأوروبي قبل اجتماع المجلس الأوروبي الأسبوع القادم والتي كانت سوف تمكن المحادثات من الإنتقال إلى المرحلة الثانية حيث يتم نقاش موضوع التجارة. كان هناك اتفاقية تبنى كانت سوف تعطي إيرلندا الشمالية وضعية خاصة حيث يسمح انتظام قواعد التجارة الرئيسية للحدود بالعمل بكونها "حدود خفيفة". ولكن، قبل عقد المؤتمر الصحفي الذي كان سوف يعرض الإتفاقية، قام حزب DUP، الذي مد الحكومة بترتيب "الثقة والتوريد" والذي أعطى حكومة تروي من الأقلية، أغلبية عاملة في مجلس العموم، بالتصويت ضد الإتفاقية.
اعتراض حزب DUP من الناحية الجوهرية هو أن الحكومة سوف تنشئ فرق بين إيرلندا الشمالية وبقية المملكة المتحدة، ما يؤدي إلى حواجز داخلية للتجارة في النهاية، مع بقية الدولة. المتعصبين تجاه الخروج سارعوا بالموافقة على هذا الموقف، كما فعل بعض داعمي البقاء، بسبب المخاوف أن هذا الأمر سوف يضعف الإتحاد بين أسكتلندا وإنجلترا وويلز وإيرلندا الشمالية.
في محاولة للتفكير بشكل مختلف، قام السيد/ ديفيس، الوزير المسؤول عن مغادرة الإتحاد الأوروبي، بالإشارة إلى أن نفس الإتفاقية يمكن أن تطبق على بقية المملكة المتحدة (لو كان هذا الأمرجزء من الخطة الأصلية، فإن حزب DUP لن يعترض). ولكن، بما أن هذا يعني بحكم الواقع استمرار عضوية المملكة المتحدة في الإتحاد الجمركي (على الأقل)، فإنه سوف يرفض من قبل المتعصبين للخروج. الهدف الرئيسي من مغادرة الإتحاد الجمركي كان أنه سوف يعطي المملكة المتحدة الحرية التي هي بحاجة لها من أجل السعي للحصول على اتفاقيات تجارية مع دول أخرى، ربما تحت قواعد ليست متوافقة مع معايير الإتحاد الأوروبي (مثل الإستخدام الزائد للمحاصيل المعدلة جينياً، اللحون المعالجة بالهرمونات أو الدجاج المغسول بالكلورين). سوف يوضح داعمي البقاء أنه في حال كان على المملكة المتحدة أن تستمر بالمساهمة بالإتحاد الأوروبي وتطبيق معاييره التجارية وتشريعاته، فإن الموقع الأكثر منطقية سوف يكون إلغاء بريكسيت والتمتع بالتجارة الحررة والتمرير والسوق الموحدة وامتلاك الصوت وحق النقض الفيتو على الشؤون الأوروبية من خلال البقاء في الإتحاد.
إن لم يقبل الجناح المتطرف من بريكسيت بالتوسات التي على ماي القيام بها من أجل المحافظة على ميزات تجارية قوية مع أكبر شريك تجاري لنا في الأما، فإن الأفعى قد تأكل نفسها.
الخروج يعني الخروج. بالطبع.