هناك العديد من الأصوات الجاهلة صراحة في المملكة المتحدة التي تدعي بأن الإتحاد الأوروبي يحتاج المملكة المتحدة أكثر بكثير من حاجة المملكة المتحدة للإتحاد الأوروبي، وذلك أثناء الحملات التي سبقت الإستفتاء (ومنذ ذلك الحين). يعتقدون بأنه فور التصويت لمغادرة الإتحاد الأوروبي حتى تسعى بروكسل لعقد اتفاقيات حرة مع بريطانيا في مجال التجارة الحرة والتي سوف تمنح بريطانيا أفضل مزايا السوق الموحدة من دون الحاجة لدفع رسوم الإشتراك أو قبلو حرية حركة المواطنين الأوروبيين. هؤلاء الأشخاص كانوا موهومين ببساطة.
لقد تم الإيضاح بشكل جلي من قبل المفوضية الأوروبية (والتي مقرها في بروكسل، ولكنها ليست العصب الممتد للدولة الأقوى في الفدرالية الأوروبية والتي هي غير موجودة إلا في مخيلاتهم المحمومة) و رؤساء الحكومات الوطنية بأن استمرار نفاذ المملكة المتحدة للسوق الموحدة يأتي بسعر قبول حقوق المواطنين الأوروبيون في الحياة والعمل في المملكة المتحدة والمساهمة في الخزائن العامة.
إن لم تتمتع المملكة المتحدة بإمكانية نفاذ كامل مستمر للسوق الموحدة، فإن مدينة لندن سوف تفقد الميزة الهامة المعروفة "بالتمرير". هذه الإتفاقية تسمح للشركات الغير بريطانية (والغير أوروبية) التي لها مقرات في لندن من تقديم الخدمات المالية مع بقية الإتحاد الأوروبي من دون عائق و قد ساعدت في تقوية وضعية لندن كأحد أشهر المراكز المالية في العالم. من الواضح أن مراكز أوروبية أخرى، مثل باريس وفرانكفورت، سوف يسرها تعبئة الفجوة في حال وجدت الشركات المالية الموجودة في المملكة المتحدة بأنها لم تعد قادرة على التداول مع بقية الإتحاد الأوروبي من المملكة المتحدة، و هي الحقيقة التي سوف تتجسد فعلاً بعد مفاوضات المادة 50 مقابل وضعية المملكة المتحدة (بغض النظر عما هي تلك الوضعية).
يقوم المصرفيون في الولايات المتحدة بالضغط على "جاكوب ليو" وزير الخزانة الأمريكية لمحاولة ضمان أن مفاوضات خروج المملكة المتحدة تكون شفافة للمساعدة في استقرار السوق. سوف يكون هذا الأمر أمر طويل حيث أن رئيسة الوزراء البريطانية "ثريزا ماي" لن تناقشها حتى مع البرلمان البريطاني خوفاً من تعريض وضعية التفاوض الخاصة بها للخطر! من ناحية دور لندن كمركز تجاري عالمي، فإن المصرفيين يعتقدون بأن تبعات خروج بريطانيا سوف تكون كبيرة، وتؤثر ليس فقط على المملكة المتحدة، ولكن على العالم المالي الأوسع. و يشيرون إلى ملايين الناس في الولايات المتحدة يعملون لصالح شركات بريطانية أو أوروبية، وبالتالي فإن عملية خروج بريطانيا لها قلق مباشر على الولايات المتحدة، حتى لو كان لذلك السبب فحسب.
في رسالة إلى السيد "ليو" موقعة من قبل رؤساء "رابطة المصرفيين الأمريكيين" و"منتدى الخدمات المالية" و "الطاولة المستديرة للخدمات المالية" و "جمعية الأسواق والأوراق المالية"، أشار المصرفيون إلى أنه "من أجل ازدهار اقتصاديات الولايات المتحدة والعالم" من المهم جداً بأن الغموض "يكون عند المستويات الأدنى" و بأن إعاقة الروابط التجارية القائمة "تكون بأقل درجة ممكنة".
فيما يقرأ بالتأكيد على أنه رسالة طفل لبابا نويل، طلبوا بأن تكون مفاوضات خروج بريطانيا شفافة، و أن تكون الإتفاقيات بين المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي متماشية مع المعايير الدولية وأن الترتيبات الإنتقالية المؤقتة الموضوعة أن تقلل من الغموض و أن تتم استشارة المشاركين من مجتمع الأعمال التجارية بشكل فعال. نأمل بأن لديهم البصيرة الكافية لإرسال نسخة من هذه الرسالة إلى السيدة/ ماي.