كانت الصين تدعم بصمت بقاء المملكة المتحدة في الإتحاد الأوروبي. حتى الشهر الماضي، أبقت بكين على الهدوء فيما يتعلق بخروج بريطانيا، و لكنه الآن أدركت بأن لها دور مهم في التبعات الإقتصادية في حال كان التصويت لصالح الخروج، و ظهرت الصين بشكل داعم قوي لبقاء المملكة المتحدة عضواً في المنظمة الدولية.
العلاقات بين الصين و بريطانيا في تحسن خلال السنوات الماضية و كان هناك زيادة في الإرتباطات الإقتصادية. الصين لجأت إلى بريطانيا من أجل المساعدة في تطوير الأسواق و التشريعات المالية الخاصة بها، و بريطانيا سعت إلى الإستثمارات الصينية في حقول مثل الطاقة و السكك الحديدية عالية السرعة.
أقر "ياو لينج" نائب مدير مركز الأبحاث تحت وزارة التجارة في شهر مايو بأن الصين تستخدم بريطانيا كجسر نحو الدول الـ 27 الأخرى في الإتحاد الأوروبي، و في حال غادرت بريطانيا الإتحاد الأوروبي، فإن ذلك الجسر سوف ينهار.
تفهم الصين بأنه في حال غادرت بريطانيا، فإنها لن تكون قادرة على الوصول إلى وصول مفضل للشركات الأوروبية إلى السوق الصينية و كانت تعمل بشكل سري في وسائل الإعلام لكي يفهم الناخبين التبعات الإقتصادية و المالية المحتملة لخروج بريطانيا و لماذا عليهم إختيار خيار البقاء خلال إستفتاء تاريخ 23 يونيو.
قال بعض المحللين بأن ترك الإتحاد الأوروبي سوف ينتج فرص إضافية للمملكة المتحدة لكي تتفاوض على إتفاقيات خاصة بها مع الصين، و مبنية فقط على المملكة المتحدة، بدلاً من الإهتمامات الأوروبية. النقاد لهذا الموقف يشيرون إلى الحجم الصغير نسبياً لسوق المملكة المتحدة و يحذرون من أن الصين قد تكون قلقة أكثر بشأن التفاوض مع الإتحاد الأوروبي بدلاً مع المملكة المتحدة إلا إذا ما حصلت على شروط أكثر تفضيلاً من لندن مقارنة بما تحصل عليه من الإتحاد الأوروبي.
لماذا الآن؟
العلاقة بين الصين و بريطانيا لم تكن ممتازة، و هناك تاريخ من الخلافات بشأن حقوق الإنسان و مستقبل المستعمرة البريطانية السابقة "هونج كونج". إذاً لماذا تقفز بكين إلى جدل خروج بريطانيا الآن؟
يشير المحللين إلى أن الصين بكونها واقعية إقتصادية و بريطانيا كانت داعم رئيسي للصين في الإتحاد الأوروبي خصوصاً فيما يتعلق بسعي الصين للحصول على وضع إقتصاد سوق و تداول حر، و هو الأمر الذي تحتاجه الدولة من أجل التصدير إلى الإتحاد و تخطي إجراءات الحماية.
العام الماضي وحده، بلغ حجم التجارة الأوروبية مع الصين 600 مليار دولار بين الجهتين. خرج بريطانيا يهدد بتعطيل و إضعاف الروابط الحالية مع السوق الأوروبي من خلال إزالة أحد أهم اللاعبين في عالم المال و الخدمات و التكنولوجيا المتقدمة. المستثمرين و رجال الأعمال في الصين سوف يكون عليهم البحث في مكان آخر من أجل الدخول إلى السوق الأوروبية.
السبب الآخر الذي يدفع الصين إلى التخلي عن موقفها الحيادي بشأن خروج بريطانيا عند هذا الوقت هو أنها تعتقد بشكل ثابت بأن المملكة المتحدة تحصل على المزيد من وجودها في الإتحاد الأوروبي و بأن بكين على إستعداد إتخاذ موقف صارم بهذا الصدد. الصين تتعامل مع سيادتها بشكل جدي جداً و لكنها تعتقد بأنه تحت ظروف معينة، مثل هذه القائمة حالياً مع المملكة المتحدة، فإن الأمر يستحق أن تساوم الدولة على إستقلاليتها.
في الواقع، منذ العام 1970 مع إنهيار الماوية، الصين قامت بالعديد من الخطوات من أجل الخروج من العزلة الدبلوماسية و الإقتصادية، و قامت بالإنضمام إلى الأمم المتحدة و منظمة التجارة العالمية و صندوق النقد الدولي و غيرها من الجهات. و قد قامت بهذه الخطوات لأنها إستنتجت بأن واقعها سوف يكون أفضل داخل هذه الأنظمة من خارجها.
هذا هو السبب الذي يدفع بالقادة الصينين للتسائل بشأن كيف من الممكن أن تختار بريطانيا الإنفصال عن الإتحاد الأوروبي بدلاً من البقاء عضواً فيه، حيث أن ذلك سوف يجعلها بلا نفوذ و بدون أي قدرة على تكوين أو تغيير هذه المنظمة العالمية. تفهم الصين أهمية الدفاع عن التكامل الوطني و السيادة الوطنية و تعتبر بأن خيار المملكة المتحدة بالمغادرة سوف يكون مدمراً و في غير وقته.
مع بقاء 18 يوم فقط على يوم الإستفتاء، قررت الصين أن تكسر صمتها و أن تظهر بشكل قوي معارضة ما تعتبره قرار غير حكيم.