مع كل الضجة المثارة حول الحملة الرئاسية للمرشحين الحاليين و ما يمكنهم وما لا يمكنهم تقديمه للشعب الأمريكي، لم يتم قول كلمة واحدة بشأن الدين الوطني الحالي. العجز الأمريكي الحالي عند 19.3 تريليون دولار هو أربع مرات أكثر، مع إجراءات مواجهة التضخم، مما كان عليه عندما تحسر رونالد ريغان على حجمه خلال كلمة الوداع التي ألقاها عام 1989.
الدين الوطني الأمريكي يعادل حالياً 105% من الناتج القومي الإجمالي، تقريباً عند ضعفي حجم الإقتصاد تقريباً السابق في أي وقتٍ ماضي. من السهل بالنسبة للأمريكيين تجاهل أية مؤشرات على إحتمالية أزمة نقدية قد تضع هذا الدين محل الشك و أن يختاروا بدلاً من ذلك التغاضي عن حقيقة أن الحكومة ما تزال تنفق 500 مليار دولار سنوياً أكثر مما تنتج. بالتالي، فإن الدين يستمر بالنمو بشكل غير نهائي و في حال لم يقم الكونغريس بأي شيء، فإن العجز عند نقطة معينة قد يعيق قدرة الحكومة على تمويل الرعاية الصحية و الضمان الإجتماعي و غيرها من الخدمات التي تغطيها الحكومة.
لماذا يعتبر هذا الأمر مهم، و ما هو الدين الوطني بالضبط؟
لدى الحكومة الفدرالية عجزين رئيسيين – العجز في الميزانية السنية و الدين الوطني للبلاد. عندما تقوم الحكومة الفدرالية بإنفاق أكثر مما يدخل عليها من خلال الأنشطة التي تعود عليها بالدخل مثل الضرائب التي تقوم بتحصيلها، فإن هذا الأمر يؤدي إلى عجز في الميزانية. بما أن المال اللازم لدفع الدين يجب أن يأتي من مكان ما، تقوم وزارة الخزانة بإصدار سندات و أذون الخزانة للتعويض عن الفرق و جمع النقد التي هي بحاجة له للدفع من أجل الخدمات الحكومية. الدين الوطني ببساطة هو إجمالي العجز في الميزانية الفدرالية السنوية.
العجز يؤدي إلى التشويش
لا يفكر الأمريكيون كثيراً بشأن الدين الوطني. طالما أن العوائد تستمر بتحفيز النمو الإقتصادي بالطريقة التي تؤدي إلى الإزدهار طويل الأجل في البلاد، فهم راضين عن أنفسهم بشأن إستمرارية تراكم الدين. و لكن عندما يبدأ الأمر بالتأثير على الإستهلاك العام، مثل الرعاية الطبية و الضمان الإجتماعي، فإنهم ينتبهون. خفض الدين الوطني هو غالباً ما يكون الموضوع الذي يتم إخفائه و لا يظهر إلا عندما يعود الحديث عن الركود أو عن معدلات الفائدة للظهور.
وفقاً لمتحدث رسمي من "مركز الميزانية الفدرالية المسؤولة"، فإن على الرغم من حقيقة أن العجز الفعلي – أي الحجم المقترض كل عام – يتراجع خلال السنوات القليلة الماضية، بسبب تحسن الإقتصاد، فإن فرصة حدوث أزمة لم تختفي. بدلاً من ذلك، فإن البلاد تتهادى من دون حل المشكلة و قد نجحت في الإبقاء على الدين عن مستويات يمكن إدارتها تجعل الميزانية الأمريكية تبدو أفضل من أغلبية الدول الأخرى.
و لكن الزيادة في معدلات الفائدة، بغض النظر عن مدى صغرها، قد تؤدي إلى أزمة مالية. و هناك القليل من الشك بأنه بإستثناء مؤشرات مفاجئة على التضخم، فإن البنك الفدرالي سوف يقوم ، خلال فترة قصيرة، برفع المعدلات، و لو ببطئ، و الذي سوف يزيد من تكاليف الإقتراض بالنسبة للجميع. الآن، دفعات الفوائد هي الجزء الأسرع نمواً من الميزانية الفدرالية، و حتى زيادة المعدلات بنسبة 1% قد تضيف 1.3 تريليون دولار إلى تكاليف الفوائد على البلاد.
ربما أن يكون لهاذا الأمر تأثير مباشر على العجز، و ربما لا، و من الممكن أن يكون الدين الوطني الهائل مستمراً في التهادل مع خطة ميزانية من نوع ما يتم تقديمها من وقت لآخر و لكن لديها فرصة ضئيلة جداً بحل المشكلة. مع هذا، سوف يكون مثيراً للأعجاب بشكل كبير إن أشار الرشحين الرئاسيين و لو من خلال التلميح إلى وجود هذا التحدي القائم و أعطوا بعض المؤشر على أفكارهم للتعامل معه.