من غير المفاجئ أن هناك العديد من الناس حول العالم غير مبهورين بالسياسة و السياسيين في المجتمع المعاصر. يجب التملق للنا و إخافتهم و تغذيتهم باللف و الدوران حتى يتم إكمتال العملية الديمقراطية و تتمكن الحكومة الجديدة من القيام بما تعتقد بأنه يصب في مصلحة البلاد (أو الحزب)، و تأمين سلطتهم الجديدة من قبل المنتخب المرتبك و المشمئز على الأغلب. سوف يكون إستفتاء المملكة المتحدة بشأن إستمرار عضوية البلاد في الإتحاد الأوروبي مثال واضح آخر على هذه الحقيقة السياسية. كلا الجانبين متهمين بنفس القدر بمحاولة إخافة الجمهور من أجل توجيههم نحو وجهة نظرهم بإستخدام أسلوب الحملات السلبي.
الجانب الذي يدعو للبقاء (بحسب ما نعلم) لديه أدلة إقتصادية قاهرة لجانبهم و الذي يظهر بوضوح بأن المملكة المتحدة سوف تكون في وضع أسوء إن تركت الإتحاد الأوروبي، و هناك ندرة في أي جهاز إقتصادي أو شخصية إقتصادية يعتد بها تقول خلاف ذلك. في حين أنه من الأساسي بأن يتم توضيح الحقائق الإقتصادية لخروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي للناخبين بحيث يتمكنوا من إتخاذ قرار مدروس، الأمر الناقص جداً هو الرؤية القوية للمستقبل ضمن الإتحاد الأوروبي، و كيف تحتاج للإصلاح، و تحسين الشفافية و زيادة الملائمة و المسؤولية الأكبر و المنافع الإقتصادية للأعضاء الذين يتداولون داخل أو خراج السوق المشتركة، و المستقبل حيث تتحدث فيه أوروبا بصوت واحد في الحين الذي يتم فيه تقدير الإختلافات التي تميز عضو عن الآخر من خلال الجوانب المميزة و التاريخ إلخ . المغادرة سوف تعني الدخول نحو الظلام مقابل إحتمالية أنه ربما تكون الأمور أفضل في المستقبل.
تم تداول الخوف من قبل الحملة الداعية للمغادرة و المبني على الكره الضبابي لبروكسل، في إشارة إلى أننا سوف نشد إلى الخطة الألمانية الرئيسية للسيطرة على أوروبا بطريقة سرية حيث فشلت من خلال حربين داميتين خلال القرن الماضي (و لكنهم لم يفسروا أبداً السبب الذي قد ترغب فيه ألمانيا بهذا الأمر، بالطبع). و تأكل السيادة و إستعادتها (مهما كان المعنى من هذا) و الوعد الفارغ باننا سوف نكون قادرين على الحصول على صفقات تجارية أفضل من الحالية و بأنه لن تكون هناك أي تبعات سلبية لمغادرة إمبراطورية الظل حيث أنها سوف تستمر في رغبتها في التداول مع الممكلة المتحدة كإقتصاد رئيسي، و أخيراً و ليس آخرا، الخوف من المهاجرين.
ما تزال الحقيقة هي أن أكثر من نصف المهاجرين بقليل الذين يصلون إلى المملكة المتحدة من أجل العمل، يأتون من خارج الإتحاد الأوروبي، و بالتالي، إن أرادت الحكومة البريطانية، فإن بإمكانها خفض عدد المهاجرين بمقدار النصف و سوف تكون ما تزال ملتزمة بالكامل نحو السوق الأوروبية الموحدة التي تقتضي ضمان حرية الحياة و العمل في أي مكان في الإتحاد الأوروبي. و لكن هذا لا يعني بالطبع بأن الحكومة تريد ذلك، لأن المملكة المتحدة تريد هؤلاء العاملين، كما هو الحال دائماً، فإن الحكومة (سواء من حزب العمال أو حزب المحافظين) لا تريد الإعتراف بذلك. و لذلك حتى إن قررت المملكة المتحدة مغادرة الإتحاد الأوروبي، فإن الهجرة سوف تستمر.
المواطنين الأوروبيون يأتون إلى المملكة المتحدة لأنهم يستطيعون العثور على العمل، و هذا يغطي كامل المجموعة من العمال الزراعيين الغير ماهرة حتى المهنيين ذوي الخبرات و الكفاءات العالية في جميع المجالات. قبل أي نقاش جدي بشأن الهجرة إلى المملكة المتحدة، يتوجب علينا أن نرى تقسيم لطبيع و عدد الوظائف التي تعمل بها هذه المجموعات من العمال. قد يكون أن هناك جزء كبير من العمال الذين يقومون بالأعمال التي يرفض المواطنين المحليين القيام بها (جمع المحاصيل على سبيل المثال) قبل أن نقوم بالمصادقة على أي قصص تقال بأن هؤلاء المهاجرين يأخذون الوظائف البريطانية من العمال البريطانيين.
الفشل الرئيسي لحملة المغادرة هو توفير أي صورة ذات مصداقية لوضع المملكة المتحدة بعد الخروج من الإتحاد الأوروبي. لم يقولوا ما هي العلاقة التي سوف يرغبون بها مع أكبر كتلة تجارية في العالم. الوضعية التي تشبه إتفاقية EFTA تطلب بأن تدفع المملكة المتحدة للإتحاد الأوروبي، و أن تقبل بحرية الحركة للشعوب و الشركات ضمن "الشريط الأحمر" للإتحاد الأوروبي، و لكن لا يمكنها أن تتدخل في القرارات التي تتخذ. بالتأكيد أن هذا الوضع أسوء من الوضع الحالي. البديل الثاني (مثل ما لدى كندا) سوف يكون الوصول المحدود للسوق الحرة، و لا تحتاج إلى قبول حرية الحركة أو الإشتراك، و لكن ما يزال عليها الإيفاء بمعايير الإتحاد الأوروبي. البديل الثالث سوف يكون وضع المملكة المتحدة في نفس المجموعة مع بقية العالم. لا يبدو بأن أي من هذه البدائل يعطي المملكة المتحدة وضعاً إقتصادي بجودة الوضع الحالي. في حال قامت المملكة المتحدة بمغادرة الإتحاد الأوروبي، فلا يوجد ما يضمن بأنها قد تتمكن من الحصول على صفقة بمثل جودة و تميز الوضع الذي تتمع به الآن. يجب على مؤيدي الخروج وضع نقاش إقتصادي دامغ يدعم قضيتهم بالإضافة إلى اللعب على جانب المخاوف و الإستياء الذي لدى الشعب، و لكن حتى الآن، لم يتمكنوا من القيم بذلك. يبدو و كأنهم يلعبون لعبة "الروليت الروسي" مع مستقبل الدولة البريطانية و بدون أي غرض ملموس.