من غير العادي أن تعلق الدول على عملية إتخاذ قرار محلي في دول أخرى، و لكن للمرة الثانية خلال التاريخ المعاصر، تبدو قوى خارجية متحمسة لإبداء رئيها بشأن ما يجب على الشعب البريطاني (أو جزء منهم في حالة الإستفتاء على إستقلال سكوتلندا) تقريره في الإستفتاء. الموضوع المطروح بالطبع هو ما إذا كان على الشعب البريطاني التصويت لصالح البقاء في الإتحاد الأوروبي بتاريخ 23 يونيو 2016، أو إختيار الخروج المخيف.
جاءت الأصوات هذه المرة من مجموعة ذات تأثير هام: مجموعة العشرين التي تضم أقوى 20 إقتصاد في العالم. عقد وزراء مالية مجموعة العشرين إجتماعهم على مدى يومين في الصين، و كان رأيهم هو أنه في حال قررت المملكة المتحدة مغادرة الإتحاد الأوروبي، فإن ذلك سوف يتسبب بصدمة للإقتصاد العالمي (المملكة المتحدة هي عضو في مجموعة العشرين و الموقف الحكومي الرسمي هو البقاء في الإتحاد الأوروبي بعد التفاوض بشأن 4 نقاط رئيسية – و لكن الوزراء و أعضاء مجلس النواب المستقلين سوف يسمح لهم بالتصويت الشخصي)
يبدو بأن إستفتاء البقاء أو الخروج سوف يكون مبني على أراء خاصة بدلاً من وقائع. من الممكن أن نغفر للشعب تخيل بأن مثل هذا الإعلان من مجموعة العشرين هو دليل على أنهم سوف يلعبون بالنار في حال صوتوا لصالح الخروج. و لكن، شخصية مهمة مثل المستشار (المحافظ) السابق "نيل لاوسسون" الذي قال بأن موقف مجموعة العشرين كان "سخيفاً"، مشيراً : "الشعب البريطاني لن يعجبه أن تملي عليه مجموعة العشرين ما يجب القيام به. و فكرة أن خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي سوف تتسبب بصدمة إقتصادية تعد سخيفة. 15 عضو من أعضاء مجموعة العشرين هم من خارج الإتحاد الأوروبي، و لم يتسبب ذلك بصدمة إقتصادية. بالفعل، فإن أداء أغلبهم أفضل من أغلبية أعضاء الإتحاد الأوروبي".
موقف اللورد لاوسون مخادع قليلاً هنا. الدول الخمس عشر من مجموعة العشرين الذين هم ليسوا أعضاء في الإتحاد الأوروبي لا يستفيدون من العلاقات التجارية الخاصة التي تتمع بها المملكة المتحدة حالياً. إن كان الأمر مختلفاً، فكم سوف تكون حماستهم للخروج من تلك العلاق و الثقة بفكرة أنه الأمر سوف يكون طبيعياً بعد ذلك؟ الولايات المتحدة و كندا في نهاية الأمر تأملان بعقد روابط تجارية أقوى مع الإتحاد الأوروبي من خلال إتفاقية TTIP. في حال كانت الأعمال التجارية بالسهولة التي قد يعتقدها البعض، عندها لن تبذل كل هذه الجهود في التفاوض بشأن إتفاقيات تجارية إقليمية و السعي نحو الإتفاقات العالمية الهادفة لخفض الحواجز التجارية بين الدول. في حين أنه سوف يكون من الرائع أن يكون لدينا نقاش علمي و حيادي بشأن منافع عضوية المملكة المتحدة في الإتحاد الأوروبي و المخاطر أو الفرص التي سوف تظهر من قطع العلاقات، يبدو بأن الخطابة (كالعادة) سوف تسود اليوم.