الغموض بشأن ما إذا كان البنك الفدرالي سوف يرفع معدلات الفائدة أبقى الأسواق العالمية على أعصابها أغلبية العام الماضي. مع كون رفع المعدلات في شهر ديسمبر يلوح في الأفق، و هي العملية التي سوف ترفع المعدلات الحالية من مستوياتها القريبة من الصفر و سوف تكون الأولى من نوعها منذ عام 2008، فإن هناك المزيد من البنوك المركزية حول العالم قامت بتأجيل تحركاتها في إنتظار قرار البنك الفدرالي.
ما هي أهمية رفع معدلاات الفائدة و لماذا يعتبر تحرك البنك الفدرالي محوري جداً حالياً؟
بنك الإحتياطي الفدرالي هو البنك المركزي في الولايات المتحدة. أحد أهم وظائفه هو السيطرة على السياسة المالية و هو يقوم بهذا الأمر من خلال رفع معدلات الفائدة عندما يكون النمو الإقتصادي سريع جداً. يشجع هذا الأمر الناس على توفير المال و التقليل من الإنفاق، مما يقوي من الدولار و يقلل من الضغط التضخمي. بالعكس، عندما يكون الإقتصاد في ركود أو نمو بطيئ جداً، يقوم البنك الفدرالي بخفض معدلات الفائدة لتحفيز الإنفاق و الذي يزيد من التضخم.
السيطرة على التضخم
يستخدم البنك الفدرالي هذا الضابط للسياة المالية من خلال تحديد معدل تضخم معين يعتقد بأنه سوف يحافظ على إنفاق إستهلاكي ثابت و مستوى صحيح من التوظيف. عندما يكون الإقتصاد ضعيفاً، فإن التضخم يهبط بشكل طبيعي، و عندما يكون الإقتصاد قوياً، فإن الأجور المرتفعة تزيد من التضخم. في عام 2011، قام البنك الفدرالي بتني معدل نمو عند 2% بشكل رسمي من أجل مساعدة الإقتصاد على النمو بوتيرة صحية أكثر.
عندما قام البنك الفدرالي بتقديم معدلات فائدة قريبة من الصفر خلال الأزمة عام 2007، توقع بأن يزيد التضخم بشكل ثابت خلال السنوات، و لكن هذا الأمر لم يحدث حتى الآن، و في العام 2015، فإن التضخم مايزال مادون المستوى 2% ، و الذي يعتبر عكس التأثيرات الطبيعية لمعدلات الفائدة المنخفضة. الأسباب وراء التضخم المنخفض في بيئة إستثمار منخفض هي التراجع في أسعار النفط و الأزمات الإقتصادية العالمية.
مع كون رفع المعدلات في شهر ديسمبر يلوح في الأفق، و هي العملية التي سوف ترفع المعدلات الحالية من مستوياتها القريبة من الصفر و سوف تكون الأولى من نوعها منذ عام 2008، فإن هناك المزيد من البنوك المركزية حول العالم قامت بتأجيل تحركاتها في إنتظار قرار البنك الفدرالي
تساعد معدلات الفائدة المنخفضة الأعمال التجارية على التوسع، و الذي بدوره يؤدي إلى وظائف أكثر و إستهلاك أكبر. تحت الأوضاع الإقتصادية الطبيعية، الزيادات في معدل النقد الفدرالي يقلل من التضخم و يزيد من إرتفاع الدولار الأمريكي. بالإضافة إلى ذلك، عندما يقوم البنك الفدرالي بزيادة معدلات الفائدة، فإنه يجذب الأموال الأجنبية إلى الولايات المتحدة الأمر الذي يؤدي إلى إرتفاع طبيعي في الدولار الأمريكي، على الرغم من الأجور الراكدة و الإستهلاك المحلي الضعيف.
رفع معدلات الفائدة الآن، مع البيئة الإقتصادية الحالية خلال العام 2015، سوف تبقي على نمو التضخم قريباً من 2% في حين تزيد من إرتفاع الدولار.
كيف سوف يؤثر رفع معدلات الفائدة على المستهلك الأمريكي؟
معدلات الفائدة الأعلى تعمل بإتجاهين: من ناحية، فإن المعدلات الأعلى سوف توفر زيادة في التوفير على الحسابات البنكية و السندات الحكومية طويلة الأجل. بعض الأدوات الإستثمارية الأخرى سوف تعكس أيضاً رفع معدلات الفائدة.
من الناحية الأخرى، سوف يشعر أغلبية المستهلكين بزيادة في الرهون العقارية و الرسوم البنكية و قروض السيارات و غيرها من برامج الإقتراض قصيرة الأجل.
و لكن مع تراجع أسعار الوقود، فإن المستهلكين بالفعل يحصلون على أمول إضافية يمكن إنفاقها و مع سوق الأسهم القوي و سوق العمل الذي يستمر بالتحسن، فإن المزاج العام يجب أن يستمر بكونه إيجابياً حتى مع زيادة طفيفة في المعدلات.
التأثير على الإقتصاديات الأجنبية
رفع معدلات الفائدة يسير جنباً لجنب مع إرتفاع العملات. هذا الأمر يؤثر على الجوانب الإقتصادية المحليةو العالمية، خصوصاً في سوق الإئتمان و السلع الأساسية و الأسهم و الفرص الإستثمارية.
في العديد من الأماكن حول العالم، يستخدم الدولار الأمريكي كمعيار لنمو السلع الأساسية الحالي و المستقبلي. الدولار القوي يعتبر أمر إيجابي في الدول المتطورة حيث أن رفع معدلات الفائدة يتسفيد من التجارة الأجنبية من خلال دعم الطلب الأمريكي على المنتجات حول العالم، مما يزيد من أرباح الشركات المحلية و الأجنبية. و بما أن التقلبات في سوق الأسهم تعرض وجهات نظر بشأن نمو أو إنكماش الصناعة، فإن الزيادة الناتجة في الأرباح من المفترض أن تؤدي إلى تقدم في سوق الأسهم.
الأسواق الناشئة
في الأسواق الناشئة، ردة الفعل على رفع معدلات الفائدة تبدو مختلفة.
زيادة معدلات الفائدة الفدرالية سوف تزيد من القلق في الأسواق الناشئة التي هي قلقة فعلاً بشأن تأثيرات إرتفاع الدولار الأمريكي و خروج رأس المال. هذا العام كان صعباً فعلياً للعديد من الإقتصاديات النامية مع إستمرار التراجع في الصين و تراجع أسعار السلع الأساسية في دول تعتمد عليها بشكل رئيسي.
معدلات الفائدة الأعلى سوف تقوي الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى و سوف تجذب رأس المال للخروج من الأسواق الناشئة، حيث تم تسجيل تدفقات نقدية إجمالية بمقدار 4.5 تريليون دولار بين 2009 و 2013. في حال تراجعت الواردات، سوف تجد الحكومات صعوبة في تمويل ديونها و سوف تتراجع الإستثمارات التجارية.
الحجم الكبير من الإئتمان المسيطر عليه بالدولار يضغط بشدة على الحكومة و الشركات حول العالم. معدلات الفائدة المنخفضة دفعت بالمقترضين لإقتراض تريليونات الدولارات على شكل ديون مرتبطة بالدولار. في حال تم رفع معدلات الفائدة، الكثير من هذه الديون سوف تصبح من الصعب إدارتها.
يخشى بعض المحللين من أن الفائض في الإئتمان المسيطر عليه من قبل الدولار و الذي سوف ينتج عن رفع معدلات الفائدة سوف يزيد من أزمة الديون العالمية و من تقلبات سوق الإئتمان التي وصلت بالفعل إلى ذورتها.
بالإضافة إلى ذلك، بما أن النفط و الذهب و القطن و غيرها من السلع الأساسية تسعر بالدولار الأمريكي، فإن الدولار الأقوى نتيجة رفع معدلات الفائدة سوف يزيد من اسعار السلع الأساسية بالنسبة للدول التي لا تتعامل بالدولار. سوف يكون لهذا الأمر تأثير مباشر على الإقتصاديات التي تعتمد بشكل أساسي على إنتاج السلع الأساسية و على وفرة الموراد الطبيعية. مع تراجع قيمة هذه الموارد، فإن الإئتمان المتوفر سوف يتقلص.
معدلات الفائدة تعد مؤشرات أساسية للنمو الإقتصادي. في الولايات المتحدة، فإن تحرك البنك الفدرالي لرفع معدلات الفائدة يتوقع بأن يدعم النمو و الحماس من قبل المستثمرين، في حين أنه سوف يعدل الإقتصاد نفسه. في حين أن الإهتمام الرئيسي للبنك الفدرالي هو للإقتصاد الأمريكي ، فإنه لن يكون قادراً على تجنب المراقبة الكثيفة لتأثير رفع معدلات الفائدة على التجاررة الأجنبية و على أسواق الإئتمان و السلع الأساسية العالمية.