يتفق أغلبية الناس على أن التغير المناخي ضروري إن أردنا أن نعيش حياة صحية. و لكن التفكير بالتحرك بعيداً عن إستخدام الوقود الحجري و نحو مصادر الطاقة المتجددة ليست مقبولة بشكل واسع من قبل الجميع و تقديم مشاريع الطاقة المتجددة شهد سنوات من المعاملات البيطئة و التطبيق البطيئ.
مع وصول أسعار النفط إلى مستويات متدنية و تراكم المخزونات من الخام في الشرق الأوسط، فإن موضوع الطاقة و المكان الذي تتجه إليه أصبح موضوعاً ساخناً هذه الأيام. الطاقة هي مركز المشاكل الإجتماعية و الإقتصادية و المناخية حول العالم و تشكل عنصراً هاماً من المسقبل المستدام. قد ينتج عن الإستخدام الصناعي للطاقة المتجددة زيادة في الدخول و مستويات حياة أعلى لملايين الناس حول العالم.
التمويل العالمي
مؤسسة البيئة العالمية هي الآلية المالي لإتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغيير المناخ و قد إستثمرت أكثر من 1.2 مليار دولار خلال العشرين عاماً الماضية في أكثر من 200 مشروع طاقة متجددة في ما يقارب 100 دولة و إقتصاد نامي في حالة تحول مثل البرازيل و الأرجنتين و الهند و المكسيك و جنوب أفريقيا و المغرب و تركيا و روسيا و حتى باربودوس.
التميل الغضافي من دول أخرى ساعد في دعم هذه المشاريع و التي تتضمن محطات طاقة كبيرة، إلى ما يصل إلى 8.3 مليار دولار من التمويل المشترك.
التمويل و التطبيق المباشر لمشاريع الطاقة المتجددة هو الجزء السهل فعلاً من التحول إلى إقتصاد الطاقة النظيفة. وفقاً للمؤسسة، فإن التحول ينتج عنه خسار وظائف في صناعة الفحم. و لكن، تتوفر وظائف أخرى في مناطق مثل محطات طاقة الرياح و الطاقة الشمسية . في الواقع، المؤسسة تتوقع بأنه بحلول العام 2030، فإن الوظائف في هذه القطاعات قد تصل إلى ما يقارب 8.4 مليون .
كما أعلن من قبل مركز التقدم الأمريكي (CAP) الذي أشار إلى أن الطاقة المتجددة حول العالم توظف حالياً 2.3 مليون شخص، إما بشكل مباشر أو من خلال الصناعات المرتبطة، و يعود ذلك بشكل جزئي إلى التكنولوجيا التي تحتاج إلى العمالة و توفر وظائف أكثر لكل دولار مستثمر من مصادر الطاقة الكهربائية التقليدية. و يقدر محللوا CAP بأنه من خلال خفض 40% في غاز الدفيئة من مستويات 2005 بحلول 2035، فإنه قد يتم إنشاء 4.2 ملين وظيفة. وفقاً لـ CAP، فإن التأثير العام سوف يكون خفض 1.5% في معطل البطالة.
ليس تحولاً سهلاً
يتفق أغلبية المحللين على أن التحول إلى الطاقة النظيفة لن يكون سهلاً. في الواقع، الخفض في الوقود الأحفوري قد يكون له تأثير معاكس. وفقاً لأحد المحللين، في حال أن الإستثمارات في الطاقة النظيفة قللت من الطلب على الوقود الأحفوري حتى لو بنسبة 5%، فإن ذلك قد يؤدي إلى تراجع حاد في أسعار الوقود الأحفوري ما بين 25% إلى 30%، و الذي سوف يؤدي إلى زيادة في الإنجذاب لشراءه من قبل المستهلكين الغير مهتمين بالطاقة المتجددة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن شركات الوقود الأحفوري تعمل لأن الناس يريديون المنتاجات التي ينتجها الوقود الأحفوري، و الطاقة التي يعطيها. الأمر متعلق بالعرض و الطلب مع كون أغلبية الناس غير مستعدين للتخلي عن المزيد و المزيد من الأدوات الإلكترونية و التي يؤدي إستمرار شرائها إلى دعم صناعة التجزئة.
حتى الإفتراض على أن الناس الناجحين في الغرب قد يقتنعوا بالحد من إستهلاكهم، فإن إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون سوف تستمر بالزيادة، لأن النمو الحقيقي في الطلب على الطاقة في الأمام سوف يكون من العالم النامي حيث ملايين الناس لديهم القليل من الطاقة الكهربائية، أو ليس لديهم أي طاقة كهربائية، و لكن حيث إستهلاك الطاقة في تزايد و الصادرات من الوقود الأحفوري تتزايد. أفريقيا على سبيل المثال، لديها إحتياطي كبير من الفحم، و الذي يعتبر من أكثر أنواع الوقود الأحفوري ضرراً، و دول أنجولا و نيجيريا تعد من مصدري النفط الرئيسيين.
إجتماعات في باريس
على الرغم من التردد العالمي في تطبيق إجراءات للتغير المناخي، فإن الدول تتفق على الحاجة للتحرك قدماً. سوف تقوم الأمم المتحدة بعقد مؤتمر في باريس نهاية العام 2015 و سوف يسعون للحصول على الإلتزامات لتقليل الإنباعاثات الكربونية من جميع الدول التي سوف تحضر. الطريقة التي يبدو عليها الأمر الآن هي أن العروض سوف تكون أقل بكثير من ما يقول الخبراء بأنه المستوى المتطابق مع هدف 2C- و هو حالي 12 مليار طن سنوياً و الذي يمكن توفيره من خلال التحسينات الكبيرة في الإستخدام الفعال للطاقة في جميع جوانبها.
وكالة الطاقة الدولية، و هي منظمة مستقلة تعمل من أجل ضمان الحصول على الطاقة النظيفة التي يمكن الإعتماد عليها في الدول الـ 29 الأعضاء و غيرها، تعتقد بأن المزيد من التأخير في تطبيق التغيرات المناخية قد يكون مكلفاً. تشير المنظمة إلى أن هناك 3 طرق محتملة لخفض آثار الكربون: خفض حجم الإستهلاك الفردي، تقليل عدد الناس، أو جعل كل وحدة نمو تحتوي على كثافة كربون أقل.
من الطبيعي أن الطريقتين الأولى و الثانية مستحيلات، مما يترك خياراً واحداً، خفض الكثافة الكربونية للنمو. و تمضي المنظمة في الإشارة إلى أن التنفيذي الأمريكي يجب أن يجعل التغير المناخي مهمة مماثلة للطريقة التي تعهد بها جون كندي بوضع رجل على القمر في الستينات. المهمة تحتاج إلى مراحل في الإستخدام المحلي و صادرات الفحم من خلال تاريخ محدد، أو تحديد موعد نهائي لتحويل 50% من الطاقة الأمريكية إلى المصادر المتجددة. من الممكن حينها أن تقوم الحكومة بضم دول أخرى للتوقيع على نفس الإلتزام.
الأفكار الأخرى تضمنت وضع سعر على الكربون إما من خلال ضريبة الكربون أو من خلال برنامج سقف و تداول. تطبيق التحول المرحلي من الفحم إلى الغاز خلال السنوات الـ 15 إلى الـ 20 القادمة هو إحتمالية أخرى. الغاز بالطبع يعد وقود أحفوري، و لكن له نصف إنبعاثات الفحم و الذي يعد أقذر أنواع الوقود الأحفوري. عندما يتم هذا التحول، وفقاً لـ "ديتير هيلم" البروفيسور في دراسات الطاقة في جامعة أوكسفورد، فإن التقنيات الجديدة للمزيد من الخفض يمكن إختبارها.
التكنولوجيا المتجددة تمضي قدماً. الإستثمار في الطاقة النظيفة ينمو بشكل سريع، و هذه تعد أخبار جيدة للبيئة و الإقتصاد معاً. و لكن، وفقاً لهيلم، فإن الطاقة المتجددة سوف توفر ما نسبته 20% فقط من حاجات الطاقة عند العام 2035، و حتى مع الإفتراض بأن هناك معدلات نمو كافية. العملية سوف تحتاج إلى قرارات قوية و تنازلات رئيسية يجب أن تأخذ بالإعتبار. حتى عند ذلك الحين، سوف نحتاج إلى بعض الوقت حتى تأخذ الطاقة المتجددة مكان الطاقة الحالية.