كلما كانت أقوى، كلما كان وقوعها أصعب. ما سرعة إنتقال شركة فولكس واجن من كونها واحد من أفضل صناع السيارات في العالم إلى مركز آخر فضيحة في مجال صناعة السيارات.
مالذي حدث بالضبط؟ في لحظة ما، الشركة التي صنعت سيارات البيتل و الجولف الشهيرة كانت في أوجها، و في اللحظة الثانية، أصبحت تصارع من أجل موقعها في الأسواق العالمية الرئيسية.
في خطة موضوعة بذكاء، توصلت فولكس واجن من إكتشاف طريقة لتركيب برنامج متطور يعرف بإسم "Defeat Devices" في وحدة التحكم الإلكترونية للسيارات التي تعمل على الديزل و المنتجة خلال الفترة ما بين 2008 و 2015.
البرنامج مصمم لتحري وقت القيام بإختبار الإنبعاثات من خلال وضعية مقود القيادة بالإضافة إلى سرعة المركبة و فترة عمل المحرك و مقياس الضغط. عند توفر هذه الشروط، فإن البرنامج معد للتحول بشكل آلي إلى "وضعية الفحص" عندما يتم إختباره، و يعطي فقط جزء صغير من الإنبعاثات الصحيحة التي عادة ما تنتجها نفس السيارة عند قيادتها في الشارع. في الحقيقة، ما يعرف بالسيارة ذات الإنبعاثات الأقل، كان ينبعث منها غاز أكثر من "ثاني أكسيد النيتروجين" إلى الجو من السيارات العادية.
بعد أن تم تقديم الإدعاءات من وكالة الحماية البيئية الأمريكية بتاريخ 18 سبتمبر، أقرت شركة فولكس واجن بالخطئ، و قدمت إعتذارها، حيث قال رئيس الشركة في الولايات المتحدة "مايكل هورن" بأن الشركة قد "أخطئت بشكل فادع".
السيارات التي قد تكون تأثرت بالفضيحة يقارب عددها من 11 مليون سيارة، و قد خصصت الشركة مبلغ 6.5 مليار يورو (7.3 مليار دولار) لتغطية تكاليف إسترجاع هذه السيارات و غيرها من التكاليف للحد من الضرر، مما يمحي كامل أرباح الشركة لهذا العام.
إتهام كرايسلر عام 1987
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إتهام شركة كبيرة بإرتكاب الخطئ. في الواقع، كانت شركات السيارات تعمل على تخطي القوانين و التشريعات منذ بداية هذه الصناعة، مع كون أكبر الفضائح تتعلق بأمن السائقين.
فيما يلي بعض الفضائح الأخيرة:
عام 1987، أدانت هيئة محلفين إتحادية بأن شركة كرايسلر بتهمة الإحتيال في عداد المسافات. يدعى بأن الشركة قامت بفصل كابلات العداد عن أكثر من 60,000 سيارة تنفيذية و قيادتها لما يزيد عن 400 ميل قبل إعادة ربط الكابلات. أي سيارة تبين بأنها متورطة في الحادث أصلحت و بيعت على أنها سيارة جديدة.
أنكرت الشركة أي أعمال غير قانونية، و لكن تم إدانة إثنين من التنفيذيين في الشركة و أجبرت الشركة على إرسال شيكات بقيمة 500$ لـ 32,000 عميل تأثروا بالحادث.
إسترجاع تويوتا
في العام 2012، بعد سنوات من إنكار خطأ تسارع غير مقصود في العديد من سيارات تويوتا و لكزيس على الرغم من الكثير من الأدلة، وافقت شركة تويوتا على دفع مبلغ 1.2 مليار دولار للحكومة الأمريكية لتجنب الملاحقة القانونية، و التي تعد أكبر غرامة جنائية تدفعها شركة سيارات على الإطلاق.
على الرغم من إخفاء الوثائق التي أظهرت عطلاً في تركيب دواسة البنزين، كان الرد الأولي من شركة تويوتا إلى الأدعاءات التي وجهت لها عام 2009 هو وضع اللوم على السائق. عندما لم ينجح هذا الأمر، أشارت الشركة إلى أن السجادات كانت تعيق عودة الدواسة. و لكن بعد سماع إتصال مسجل لغرفة الطوارئ 911 من على جهاز سيارة شرطي الخط الخارجي في كاليفورنيا "مارك سايلور" الليكزيس التي بدأت بالتسارع لوحدها و وصلت إلى سرعة 125 ميل بالساعة قبل أن يرتطم و ينتهي الأمر بقتل الركاب الأربعة، لم يكن هناك مجال أمام الشركة إلا بالإعتراف بالذنب.
تاكاتا و هوندا
و خلال العام الماضي، مورد السيارات اليابانية "تاكاتا" و شركة "هوندا" كانتا مذنبتني بتثبيت أكياس هوائية معيوبة في حوالي 30 مليون سيارة حولل العالم بيعت من قبل أكثر 10 مصنعي سيارات حول العالم.
الفضائح تتراوح بشكل كبير من حيث الضرر النفسي و المادي الذي تتسبب به، و غالباً ما تصبح مشكلة رأي عام تؤدي إلى زوال الشركة أو دفع مبالغ طائلة كتعويضات للمتضررين.
و في الواقع، تأتي أزمة فولكس واجن الحالية على أعقاب وضع محرج آخر للشركة. قبل عامين، كان هناك شكاوى من أستراليا ضد الشركة بسبب مشاكل في علبة التروس. في ذلك الوقت، أنكرت فولكس واجن الأمر، و بعد ذلك إعترفت بالمسؤولية و إسترجعت 34,000 سيارة بتكلفة تجاوزت 150 مليون دولار. الإعتراف كان بطيئاً و قام خبراء السوق بإنتقاد الشركة للضرر الذي وقع على العلامة التجارية، بسبب مواضيع الجودة وأيضاً طريقة التعامل مع الأزمة.
فولكس واجن تعترف بالخطوات
يبدو بأن الشركة قد تعلمت من الوضع الأسترالي، و هي الآن تتعامل مع العلاقات العامة بشكل مختلف. هناك حاجة ماسة لإدراة أزمات قوية لإعادة السمعة الطيبة لواحدة من أقوى الشركات في المجال. و قد بدأ هذا الأمر بالفعل.
بعد 48 ساعة فقط من وصول أخبار الإتهامات إلى وسائل الإعلام بشأن قيام فولكس واجن بالغش في بيانات الإنبعاثات، حتى قام المدير التنفيذي للشركة "مارتن وينتركورن" بإصدار بيان تحمل فيه كامل المسؤولية عن المشكلة و وعد بالقيام بما يلزم. "أنا شخصياً أسف جداً بأننا خنا ثقة عملائنا و جمهورنا" قال في بيانه الذي صدر يوم الأحد، و أضاف: "سوف نقوم بكل ما يلزم من أجل تعويض الضرر الذي تسببنا به".
حتى أنه إعترف بأن عدد السيارات التي تحتوي على برنامج Defeat Devices لم يكن نصف مليون، بل 11 مليون سيارة، و أن الأمر ليس مقتصراً على الولايات المتحدة، بل يمتد على العالم و على مدى سنوات.
أخيراً، أعلن وينتيركون إستقلاته مساء الأربعاء.
حركات سوقية جيدة. نأمل بأنها سوف تنقذ حياة الشركة و الناس.