لقد جددت إدارة أوباما العلاقات الدبلوماسية مع كوبا في ديسمبر من عام 2014. وبعد أقل من شهر تم تحديد قواعد جديدة لتخفيف القيود على السفر والتجارة مع الحكومة الشيوعية في جزيرة كوبا.
يمكن للأميركيين الآن السفر إلى كوبا ولكن ضمن قيود معينة ويمكنهم العودة مع ما تبلغ قيمته حتى 400 $ من السلع الكوبية، بما في ذلك 100 $ دولار من الكحول والتبغ. تعتبر هذه بالتأكيد خطوة كبيرة بالنسبة لأولئك الذين يتوقون لحصول على الإمدادات التي لا تنتهي من السيجار الكوبي منذ عام 1960 عندما فرضت الولايات المتحدة حظراً على الجزيرة. لقد كان ذلك قبل خمسة وخمسين عاماً، وهو وقت للبلدين الجارين لتجنب العلاقات مع بعضها البعض اقتصادياً وسياسياً.
ووصف هذا الحظر بأنه الأطول في أي علاقة ثنائية مشابهة لواشنطن، الذي تم التمسك بها وتمديده من قبل 11 إدارة رئاسية - ستة جمهورية وخمسة ديمقراطية.
الآن، وبعد عقود من انتهاء الحرب الباردة يقترب الفصل الذي فرضته الولايات المتحدة عن كوبا من نهايته، وعلى الرغم من استخدام الرئيس أوباما للسلطة التنفيذية لتحقيق هدف سياسي دون إشراك الكونغرس فقد يتم اعتبار هذا التحرك الدبلوماسي الجديد كإحدى المبادرات الخارجية الناجحة لأوباما.
السفر
إن المجالان الرئيسيان اللذين سيتم تحريرهما أولاً نتيجة لهذا الاتفاق هما السفر والتجارة. وعلى الرغم من أنه كان هناك رحلات من فلوريدا إلى كوبا لسنوات، ستتم الآن إزالة القيود المفروضة على شركات الطيران الأمريكية التجارية وسيسمح الطائرات بالطيران في مسارات مقررة إلى كوبا دون الحاجة إلى ترخيص خاص للمرة الأولى منذ عقود.
حتى الآن تم السماح بالسفر السياحي إلى كوبا فقط لزوار محدودين وتم منح الإذن فقط لمن هم ضمن 12 فئة مختلفة. مع التغييرات الجديدة يمكن لمعظم المواطنين الأمريكيين والأشخاص الخاضعين لولاية لولايات المتحدة الراغبين في زيارة كوبا القيام بذلك دون الحصول على الترخيص اللازم. ومع ذلك، قد يكون معظم المسافرين من الولايات المتحدة إلى كوبا في البداية ربما أفراد أسرة والمعلمين والسفراء الثقافيين والعاملين في المجال الطبي ووسائل الإعلام.
وتزيل القواعد الجديدة أيضاً كافة القيود عن كمية المال اليتي مكن للمسافر أن ينفقها يومياً عند زيارة الجزيرة. وفي خطوة أكثر دراماتيكية، يمكن للبنوك الأمريكية التعامل مع العملاء الكوبيين دون التوسط من خلال دولة ثالثة. حتى إرسال الأموال إلى أفراد أسرتهم في كوبا سيكون الآن الأسهل بكثير. ليس هناك أي قيود على كمية المال التي يمكن للأقارب الكوبيين إرسالها وسيسمح للأميركيين من أصل غير كوبي بإرسال ما يصل الى 8000 $ سنويا لأي مواطن كوبي. عند تواجدهم في كوبا سيسمح لمواطني الولايات المتحدة استخدام بطاقات الائتمان الخاصة بهم لدفع ثمن المشتريات والخدمات هناك.
يشكل كل هذا بداية رائعة لنوع من العلاقات الاقتصادية المتبادلة بين البلدين ولا شك بأنه سيكون لها تأثير أوسع في جميع أنحاء العالم. وعلى الرغم من أنه لدى الولايات المتحدة مكتب دبلوماسي في السفارة السويسرية في هافانا الذي يدعى مكتب "رعاية المصالح" ولدى كوبا مكتب مماثل داخل السفارة السويسرية في واشنطن العاصمة، إلا أنه سيكون هناك حاجة لمبادرات اقتصادية جديدة من جانب الحكومتين.
وفقاً لوزير الخزانة جاك ليو، "هناك امكانيات حقيقية للنمو الاقتصادي ولزيادة السفر والتجارة والاتصالات وتطوير الأعمال بين الولايات المتحدة وكوبا، ويمكن للولايات المتحدة أن تساعد الشعب الكوبي على تحديد مستقبله."
التجارة
التجارة هي مرادف للنمو الاقتصادي. إن طرح اتفاقيات تجارية كبيرة بين الولايات المتحدة وكوبا يمكن أن يشكل دفعة حقيقية لاقتصاديات كلا البلدين.
صادرات كوبا الرئيسية هي التبغ والسكر الخام. تشكل صادرات السكر الخام ربع صادرات كوبا وتبلغ قيمتها أقل من نصف مليار دولار وهو رقم ليس بالكبير جداً من حيث القيمة المطلقة. "التبغ الملفوف" هو المنتج الرابع على قائمة صادرات البلاد وتشكل المشروبات الروحية المقطرة من جميع الأنواع بما في ذلك الروم أقل من عشر من جميع المنتجات المصدرة الى خارج البلاد.
إن أكبر سوق مستهلكة لتلك الصادرات حالياً هي الصين، الشريك الشيوعي السابق لكوبا. كون الاقتصاد الأميركي في حالة ازدهار في الوقت الراهن فإن الجهود المبذولة للدخول الى هذه الأسواق لا ينبغي أن تكون صعبة. مقابل الروم والسيجار يمكن لكوبا استيراد النفط المكرر، وهو المنتج الذي لدى الولايات المتحدة وفرة منه. ولأن المنتجات الزراعية قليلة في كوبا، يمكن لهافانا استيراد المواد الغذائية الأخرى مثل القمح والذرة واللحوم والحليب وفول الصويا.
مع دخول هذه النظم الجديدة حيز التنفيذ سيستمر فرض قيود تجارية معينة وسوف يستغرق بعض الوقت للقضاء عليها تدريجياً. وفي الوقت نفسه يجب إعادة النظر في القيود على العملة وفي تأثير تعزيز البيزو الكوبي على الدولار الأمريكي. تبلغ قيمة البيزو الكوبي حالياً 0.0377358 دولار أمريكي.
في الوقت الحالي المجال الآخر الذي يتطلب إيلاء اهتمام فوري هو البنية التحتية للاتصالات في كوبا. هناك حاجة إلى شبكات اتصالات سلكية ولاسلكية جديدة من أجل إعطاء الكوبيين فرصة أكبر للوصول إلى شبكة الإنترنت، وهذا ليس مشروعاً على المدى القصير. هناك في كوبا الآن إمكانية وصول إلى الإنترنت في موقع الذي تديره الدولة ويدعى Cubadebate ولكنه محدود. ولقد أشار مسؤولون حكوميون إلى أن هدفهم هو زيادة الوصول إلى الانترنت على الجزيرة بسرعة وبتكلفة منخفضة. لم تقدم تفاصيل إضافية.
لا شك بأنه لدى كل من كوبا والولايات المتحدة الكثير مما يمكن الاستفادة منه من هذا التطور الجديد ولكن الأمر سيحتاج إلى وقت للتغاضي عن عقود من عدم الثقة والعداء. يتطلب هذا قدراً كبيراً من الثقة، ولكن عندما يحدث ذلك من المتوقع أن يكون له تأثير كبير على كل الأمم وفي جميع أنحاء العالم.