تتصرف الحكومة بإسم الشعب الذي تخدمه. في حين أن لا أحد يقول فعلاً بأن الديون الكبيرة التي تجمعت على الحكومات بإسمنا هي إحتيالية، حيث يشعر رجل الشارع العادي (بشكل مفهوم) بأن مشاكل الديون السيادية ليست من صنعه، الأمر الذي أدى إلى إنقطاع كبير بين الشعب والحكومات المنتخبة لخدمتهم، حيث ظهر هذا الأمر في سقوط الحكومات و/أو القادة في اليونان، إيرلندا، البرتغال، إسبانيا وإيطاليا. حتى الآن، التعبير الأكبر عن غضب الشعب على هذا الوضع ووجودهم على الطرف الحاد من الإجراءات التقشفية، كان في اليونان التي شهدت أعمال شغب وتخريب الممتلكات وحتى الوفيات.
مع العلم بأن نفس الحكومات التي تقوم عادةً بحث المواطنين على "العيش في حدود إمكانياتهم" وتجنب الديون الشخصية الكبيرة، كانوا يضعون الأمور على اللائحة لسنوات، مكدسين ديوناً كبيرة تؤدي إلى معدلات فائدة عالية لخدمتها. كان كل هذا مناسباً إلى أن شعر الدائنون بالتردد إتجاه آفاق قدرة الدول المدينة على الإيفاء بإلتزاماتها، خصوصاً في ضوء ما بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة. حيث خسرت وكالات التصنيف الإئتماني ثقتها في حتمية بأن بعض الدول قادرة على الإستمرار بالقيام بذلك وقامت بخفض التصنيف الإئتماني الخاص بتلك الدول بناءاً على هذه الحقيقة، الأمر الذي رفع العوائد على السندات السيادية لهذه الدول والتي صدرت للإيفاء بالإلتزامات وتمويل مشاريعٍ أخرى، بالتالي زيادة أحتمالية التعثر والبدء في دائرة مفرغة.
إن الطريق الوحيد الذي يمكن للدول أن تسير فيه هو التقليل من المصروفات من خلال القيام بتقليص الإنفاقات – الإجراءات التقشفية اللعينة- التي هي غير محبوبة أبداً من قبل الناخب الذي يتحمل بالطبع أعباء المنافع المقللة والضرائب المرتفعة والبطالة إلخ. ولكن، في حال كانت التخفيضات كبيرة لدرجة تجعل منها أمر موثوق به وفعال، من المحتمل أن تعيق النمو الإقتصادي مما يؤدي إلى معدلات بطالة مرتفعة والمخاطرة بمستويات أعلى من المظاهرات في الشوارع. كما قامت النقابات في إسبانيا بدعوة إلى إضرابٍ عام يوم الأمس، الأمر الذي دعمه آلاف المتظاهرين في برشلونة ومدريد. أشير إلى أنه من المفترض أن تعلن الحكومة عن إجراءات إضافية لخفض الدين العام في ميزانية تقشفية في وقتٍ لاحقٍ اليوم.