بقلم: خالد سرحان
تعتبر السندات مركبات مالية تقوم الحكومات و الشركات من خلالها بجمع الأموال لتمويل نشاطاتها. كما هو الحال مع القروض الأخرى، يجب على مصدر السندات أن يدفع فوائد للمستثمرين مقابل الأموال التي يستثمرونها في هذه السندات. ترتبط الفوائد على هذه السندات بشكل مباشر بدرجة الأمن المتوقعة على الإستثمار (إحتمالية السداد حسب الإتفاق). في تاريخ إستحقاق السندات، يتهد المصدر بأن يدفع للمستثمر كامل رأس المال الذي إستثمروه بالأصل في السندات. يحصل التخلف في حال عدم قدرة المصدر على دفع الفوائد المستحقة على السندات ، أو في حال عدم قدرته على دفع كامل الإستثمار في وقت إستحقاق السندات.
تعتبر السندات الحكومية (الجيدة و الثابتة للحكومات الديمقراطية ذات الإقتصاد الممتاز نظرياً عند أي معدل) بمثابة إستثمارات مذهبة الأطراف تتضمن إحتماليات تخلف ضئيلة جداً، و بالتالي، تكون الفوائد المفروضة على السندات الحكومية متدنية ، و تصنف في المحفظة الإستثمارية من ضمن المركبات المالية ذات المخاطر المتدنية و العوائد المضمونة. إلا أن الفوضى التي أوصلنا إليها المجتمع المالي بسبب أزمة الرهن العقاري غيرت هذه الحقيقة.
في تبعات الأزمة الإقتصادية العالمية، ركزت وكالات التصنيف الإئتماني إنتباهها على الديون السيادية التي خرجت عن السيطرة في العديد من الدول. تسبب التدقيق في الديون اليونانية إلى رفع تكاليفها بشكل كبير، مما أدى إلى عدم قدرتها على دعم حاجاتها الإقتراضية عن طريق السوق. في النهاية، تبعت كلٌ من البرتغال و إيرلندا اليونان في تلقي المساعدات من الإتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي، إلا أن المشكلة لم تنتهي.
أصبحت إيطاليا المرشح التالي لتلقي المساعدات، حيث أن تكاليف الإقتراض على السندات الخاصة بها وصل إلى نسبة لا يمكن تحملها عند 7%. أدى هذا الأمر إلى إيقاظ الحديث عن إنفصال الإتحاد الأوروبي، حيث تزايد عدد الدول المديونة و الضعيفة التي قد تجبر على مغادرة اليورو، و من المستحيل حساب تبعات مثل هذا الأمر على الإقتصاد العالمي.
السياسيون يسعون لإيجاد حلول لهذه المشكلة، إلا أن المطلوب هو أن يدرك مجتمع الإستثمار أنه من خلال المطالبة بعوائد مرتفعة على الديون السيادية، فإنهم يؤذون أنفسهم. في النهاية يكون الحل للأزمة الكبرى هو من خلال التوضيح للأسواق بأن التخلف هو إحتمالية حقيقية في حال رفع العوائد و أنه في هذه الظروف، سوف يتحمل المستثمرون الجانب الأكبر من الخسائر، ففي النهاية، هذا هو السبب الذي أدى إلى رفع العوائد منذ البداية.