بقلم: خالد سرحان
لا يوجد هناك شك بأن ما دفع الإتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي لتقديم حزمة الإنقاذ الأولى لليونان هو مساعدتها لتتجنب مخاطر التخلف عن إلتزاماتها المالية القائمة. وضعت الشروط و الأحكام من أجل دفع مبلغ 110 مليار يورو على شكل حزمة إنقاذ، حيث جذب هذا القرض مستوى كبير من الفوائد (بين 3 و 5%)، و بالطبع، يجب أن يدفع هذا القرض في النهاية.
إلا أن الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي قد تشعر بأنها خدعت من قبل اليونان حين قامت الحكومة اليونانية السابقة "بتلفيق" الأرقام (لجعلها معتدلة) بطريقة تظهر أن اليونان قادرة على الإيفاء بشروط الإنضمام للإتحاد الأوروبي. بوجود حكومة جديدة في السلطة و الأزمة المالية العالمية في أوجها، ظهر الوضع الحقيقي المتعلق بالديون اليونانية و العجز في الميزانية. المعيار المجمع عليه تطلب بأن يكون العجز اليوناني يمكن المحافظة عليه بما لا يزيد عن 3% من الناتج القومي الإجمالي- و في الواقع كان عند 13.6% عام 2009، و كان عجز القطاع العام 115% على الأقل من الناتج القومي الإجمالي، في حين كان معيار الإجماع عند 60% كحد أقصى.
يتم دفع مبالغ الإنقاذ من قبل الإتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي على شكل شرائح من الدفعات، و يجب أن تحقق اليونان تقدماً في وجه الظروف حتى يتم صرف كل شريحة من الدفعات، الهدف من هذا الأمر هو أن يعمل على تنظيم الوضع المالي في اليونان. إلا أن اليونانيين صرحوا مؤخراً بأنهم لن يتمكنوا من تحقيق نسبة الخفض في العجز المقررة هذا العام.
هذا الوضع يترك الإتحاد الأوروبي في مأزق كبير، فهل عليهم أن يرفضوا صرف الشريحة التالية من الدفعات و يساهموا في تخلف اليونان عن إلتزاماتها، أو هل يقوموا بتخفيف الشروط؟ في نهاية المطاف، فإن السلطات اليونانية تقوم بكل ما يمكنها القيام به بهدف الخفض من العجز، و هو الأمر الواضح من خلال المظاهرات التي خرجت في وجه الإجراءات التقشفية التي قامت الحكومة بتطبيقها. في الوقت الحالي، قام الإتحاد الأوروبي بتأجيل النقاش بشأن الشريحة التالية من الدعم المالي.
المطلوب هو أن يقوم الأوروبيون و السلطات السياسية الأوسع بالتصريح بأنهم سوف يدعمون جهود اليونان الإصلاحية و تخفيض قيمة الديون المترتبة عليها. على المدى الأطول، تعتمد مصداقية اليونان على قيام اليونانيون بحل مشاكلهم الخاصة، أما حالياً، فهم بحاجة لمساعدة الأصدقاء.