عندما تحتد العواصف المالية، و تنخفض العملات الرئيسية، يبحث المستثمرون الأذكياء عن مكانٍ آمن يضعون فيه نقودهم إلى أن تنقضي العاصفة و يحين الوقت لكي يعودوا إلى السوق بحثاً عن الصفقات. أحد هذه الأماكن الآمنة هو الذهب، و القارئ الدائم لهذه المقالات يكون قد لاحظ الإرتفاع الكبير لسعر الذهب إلى مستويات جديدة، و هو النمط الذي ما يزال بإمكانه الإستمرار مع إستمرار إضطراب الأسواق العالمية. المكان الآمن التقليدي الآخر هو البحث عن عملة يعتبرها المستثمرون عملة صلبة و تحويل المال إليها. في هذا النموذج، و فضلاً عن إنخفاض قيم العملات، فإن قيمة العملات الآمنة محافظٌ عليه، و يرتفع مقابل العملة المنخفضة. عندما تزول العاصفة، يقوم المستثمر بإعادة تحويل الأموال إلى العملة الأصلية، و يحصل على أرباح كبيرة، حسب ما تقول هذه النظرية.
و لكن ما هو الوضع من منظور الدولة التي تعتبر مكاناً أمناً؟ ترى الدولة بأن قيمة عملتها في إرتفاع، و في حين أن لهذا الأمر تأثير بسيط داخل الدولة بالنسبة للمنتجات المصنعة محلياً، فإن هذا قد يعني أن الواردات تصبح أرخص، و لكن نادراً ما يستفيد العامة من هذا الأمر، حيث أن الموردين عادة ما يجنون هم الأرباح الزائدة. الجانب السيئ بالنسبة للدولة هو أن إرتفاع قيمة صادراتها في الأسواق المستوردة و هو الأمر الذي يؤدي بالنهاية إلى تقليل الطلب (بدأت اليابان بالمرور بهذا الأمر). إذا إستمر هذا الوضع من دون رادع، تصبح الشركات غير قادرة على المواكبة من ناحية إقتصادية و تبدأ في تسريح الموظفين بسبب قلة الطلب و لغاية توفير المصاريف.
يعتبر الإقتصاد السويسري إقتصاداً حكيماً و قادراً على التحمل (إلا أنه، و كبقية الدول الديمقراطية الحديثة، عليه ديون خاصة تشكل ما نسبته 38% من الناتج المحلي الإجمالي حالياً). بالتالي، فقد رأت سويسرا تدفق الأموال التي آدت إلى رفع قيمة الفرنك السويسري أمام الدولار الأمريكي بنسبة 30% خلال العام الماضي فقط. صرح السويسريون بأنهم سوف يتدخلون من أجل خفض قيمة عملتهم، و لكنهم لم يوضحوا الطريقة التي سوف يقومون من خلالها بذلك. المكون الأول لهذا الأمر كان من خلال خفض معدلات الفائدة إلى 0.25% لجعل العملة أقل جاذبية للمستثمرين. سوف يكون لهذه الحركة تأثيراً قليلاً كون إنخفاض قيم العملات الأخرى ذات الصلة بالفرنك السويسري هي في مضاعفات هذه النسبة. السيناريو الأكثر إحتمالية هو تدخل البنك المركزي السويسري في الأسواق لبيع الفرنك السويسري و بالتالي خفض قيمته. إلا أن الحركة المماثلة التي قام بها بنك اليابان خلال الأسبوع الماضي أدت إلى خفض قيمة الين اليابان لمدة أيامٍ معدودة، قد يكون حظ الفرنك السويسري أفضل. من المحتمل أن يتداول المستثمرون بوضعيات قصيرة مع الفرنك السويسري،و من ثم يحتفضون بوضعياتهم في وقت لاحق عندما يستأنف الإرتفاع.