يطل علينا الاسبوع الاول من شهر شباط و الذي يحمل في طياته قرار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي بعد ان ارتفعت معدلات التضخم في البلاد خلال الشهر الماضي فوق المستويات المقبولة من البنك , و يتنتظر المستثمرين بيانات القطاع الصناعي و الخدمي في كلا من المملكة المتحدة و منطقة اليورو.
منطقة اليورو تنتظر قرار الفائدة
نبدأ المقالة بقرار الفائدة من البنك المركزي الأوروبي و الذي من المتوقع ان يبقى عند مستويات 1.0% الادنى منذ تأسيس البنك في 1999 فعلى الرغم من ارتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو فوق المستويات المقبولة من البنك إلا العديد و على رأسهم تريشيت يرون ان السياسة النقدية في المنطقة هي الانسب للوقت الراهن .
أشار رئيس البنك المركزي الأوروبي جون كلود تريشيت بأن البنك المركزي لا يتخد أي اجراء نحو الارتفاع المؤقت في معدلات التضخم المتأثرة بارتفاع أسعار السلع الاساسية و التي لم تصب في تحسين أجور العاملين, و أكد تريشيت في المؤتمر الصحفي الاخير للبنك المركزي بأن ارتفاع معدلات لن يدفع البنك لتعديل السياسة النقدية خاصة بعد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين لمستويات 2.2% خلال كانون الأول فوق الحد المسموح للبنك عند 2.0%.
يعيرالمستثمرين حاليا اهتماما أكبر لأزمة الديون السيادية في منطقة اليورو و انتشار العدوى بين اقتصاديات منطقة اليورو التي تواجه ارتفاعا مطردا في تكلفة الاقتراض على السندات العامة لمستويات تاريخية,حيث باتت الأوضاع الاقتصادية في منطقة اليورو أكثر تعقيدا بعد أن حصلت ايرلندا على خطة انقاذ من الاتحاد الاوروبي و صندوق النقد الدولي متبوعة باليونان التي كانت اول اقتصاد في منطقة اليورو التي تتقدم بطلب مساعدة خارجية لمواجهة ازمة الديون السيادية.
ضمن مساعي صانعي القرار في منطقة اليورو لاحتواء أزمة الديون السيادية , ادرج الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي((European Financial Stability Facility اليوم لأول مرة سندات أوروبية لتمويل الصندوق المخصص لانقاذ دول منطقة اليورو المعرضة لخطر عدم القدرة على سداد ديونها و المقدر 750 بليون يورو .
استطاع الصندوق في الخامس و عشرين من الشهر الجاري تمويل 45 بليون يورو من السندات للمساهمة في مساعدة ايرلندا حيث جمع الصندوق 5 بليون يورو من السندات الحكومية ذات امد استحقاق 5 سنوات من 500 مستثمر, و باعت الصندوق الاوروبي سندات ذات افضل تصنيفات أئتمانية و المدعومة بالاقتصاديات الاوروبية و الساعية لحل أزمة الديون السيادية في المنطقة, صرحت الصين في وقت لاحق هذا الشهر بأنها ستقوم بشراء سندات اوروبية و انضمت اليابان في وقت لاحق لها , و صرحت روسيا باحتمالية قيامها بشراء السندات.
من المتوقع أن يكون التقرير الصحفي لجون كلود تريشيت مصدرا رئيسيا للقلق ، و يرى العديد من المحللين أن سيكرر موقفه بشأن سعر الفائدة و ليذكرنا بأنها عند مستوى "مناسب"، و أن الارتفاع الأخير في أسعار الفائدة على السندات لا يمكن اعتباره كتغير في السياسة النقدية للبلاد, و لكن وظيفة تريشيت تهدئة الاسواق بشأن احتواء أزمة الديون السيادية التي تعد المؤرق الاول للمنطقة حاليا.
تباطأت وتيرة النمو للاقتصاديات الأوروبية 16 خلال الربع الثالث متأثرة بالتراجع الكبير في الصادرات الاوروبية و سياسات التقشف التي أقرتها الحكومات الاوروبية, عدلت القراءة النهائية للناتج المحلي الاجمالي خلال الثلاثة أشهر المنتهية في أيلول لتسجل 0.3% أسوأ من أداء الاقتصاديات خلال النصف الأول من العام الحالي و الذي قد شهدت فيه انتعاشا إلى حد ما بفعل تراجع سعر الصرف و التحسن النسبي لمستويات الطلب العالمي.
ننتظر هذا الاسبوع بيانات اداء كلا من القطاعين الصناعي و الخدمي و التي من المتوقع أن تباطأ وتيرة نموها خلال كانون الأول بعد اقرار السياسات التقشفية لدى العديد من الاقتصاديات الاوروبية مما سيكون لها الاثر السلبي الواضح على أداء القطاعات الاقتصادية.
المملكة المتحدة تعود لدائرة الركود الاقتصادي
فاجأنا الاقتصاد البريطاني الاسبوع الماضي بالعودة لدائرة الركود الاقتصادي من جديد بعد أن عانى طويلا خلال عام 2008 للخروج من الانكماش الاقتصادي الذي دام ستة أرباع متتالية , و تعزى العودة للانكماش الاقتصادي بشكل أساسي للتخفيضات الكبيرة في الانفاق العام التي أقرتها حكومة كاميرون و التي كان لها الاثر السلبي الواضح على أداء القطاعات الاقتصادية.
انكمش اداء القطاع الخدمي و البناء في المملكة المتحدة خلال كانون الأول بعد أن تأترت المملكة بموجة من الطقس البارد القارص التي شلت حركة المرور و عطلت المطارات و القطارات و اوقفت عمليات في قطاع البناء الذي لم يستطع الانتعاش , و لم يقتصر الامر على قطاع البناء بل أمتد لقطاع الخدمات الذي شهد أول انكماش في كانون الأول منذ أكثر 12 شهر متأثرا بالعديد من الصعاب التي تواجهها المملكة.
اقرار حكومة كاميرون أكبر تخفيضات في الانفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية المتضمنة رفع ضريبة المبيعات لمستويات 17.5% ,و استمرار ارتفاع معدلات البطالة في البلاد حيث سجل معدل البطالة خلال الثلاثة أشهر المنتهية في تشرين الثاني ارتفاعا لمستويات 7.9%, و الارتفاع المطرد في معدلات التضخم في المملكة فوق المستويات المقبولة للحكومة فوق 3% كل هذه العوامل ساهمت في شل أداء القطاعات الاقتصادية.
الداعم الرئيسي للمملكة المتحدة في الوقت الراهن هو القطاع الصناعي الذي يعتمد على الصادرات بعد أن انخفاض الجنيه الاسترليني الذي اعطى المنتجات الميزة النتافسية , و لكن ارتفاع الجنيه خلال الاشهر القليلة الماضية سيهدم جميع الامال المعلقة على القطاع.
لا بد للاشارة إلى نتيجة التصويت في محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني التي كانت 1-2-6 مما يعني أن ستة أعضاء من لجنة السياسة النقدية صوتوا لابقاء السياسة النقدية عند المستويات الراهنة , فيما يرى اندروس سنتس و مارتن ويل ضروروة البدء برفع سعر الفائدة المرجعي بمقدار25 نقطة أساس بعد ارتفاع الضغوط التضخمية في المملكة, اما آدام بولسين فيرى ضرورة توسيع نطاق سياسة شراء السندات الحكومية.
عزيزي القارئ, جميع المعطيات الراهن ئؤكد هشاشة الاقتصاديات الاوروبية التي تواجه تحديات عديدة ضمن مسيرتها للعودة إلى الطريق الصحيح, و لكن الخوف كلا الحوف من الوقوع في الركود الاقتصادي ذو القاعين التي سيكبد الاقتصاديات الكثير لمواجهته.