يطل علينا يوم حماسي جدا في أوروبا يحمل في طياته قرارات الفائدة من البنكين المركزين العملاقين بعد أن قرر البنك الفدرالي أمس توسيع نطاق سياسة شراء السندات الحكومية, فالتوقعات تدور حول إبقاء السياسة النقدية للبنك المركزي الأوروبي على حالها دون تعديلات مع التطورات الاقتصادية التي تشهدها المنطقة , أما عن المركزي البريطاني فالوضع مختلف تماما يرى العديد من المحللين بأن البنك سيلجأ إلى توسيع سياسة التخفيف الكمي.
أعلن البنك الفدرالي بأنه سيوسع عملية شراء الأصول أو السندات بمقدار 600 مليار دولار أمريكي عن طريق ضخ مبلغ 75 مليار دولار أمريكي حتى شهر حزيران المقبل, و يأتي ذلك بعد أن ألمح البنك أنه قد يتدخل قريباً لدعم النمو في جولة ثانية من خلال المزيد من إجراءات تيسير سياساته النقدية لمواصلة مسيرة الانتعاش الاقتصادي و تجنب الوقوع في ركود اقتصادي مزدوج, فالاتجاه العالمي في الوقت الراهن لتوسيع هذه السياسات المالية الغير اعتيادية بعد أن كان المركزي الياباني السباق بذلك.
ننتظر اليوم قبيل الإعلان عن قرارات الفائدة القراءات النهائية لمؤشر مدراء المشتريات للخدمات في ألمانيا و منطقة اليوور, حيث تزداد التوقعات بأن لا يتم التعديل عليها لتبقى عند ما أشارت إليه القراءة التمهيدية و التي أكدت نمو القطاع الخدمي بوتيرة أفضل من التوقعات و قراءة شهر أيلول.
ساهم القطاع الخدمي صاحب المساهمة الكبرى في الناتج المحلي الإجمالي بدعم مستويات النمو في المنطقة و لكننا لا نستطيع نكران الفضل الأكبر لقطاع الصناعة الذي استفاد بشكل أساسي من نمو الصادرات بعد أن تراجع اليورو بشكل كبير , فالقطاعات الاقتصادية في منطقة اليورو تحاول جاهدة مواصلة مسيرة النمو و لكن إقرار الحكومات الاوروربية لسياسات تخفيض الإنفاق العام ستقف دون تحقيق المنشود.
قرار البنك المركزي البريطاني
لننقل للخبر الأكثر اهتماما من المستثمرين اليوم و هو قرار البنك المركزي البريطاني حيث يرى المحللين بأنه سيبقي سعر الفائدة المرجعي عند ادنى مستويات 0.50% , و سيلجأ لتوسيع نطاق سياسة التخفيف الكمي لمستويات 300 بليون جنيه مقارنة 200 بليون جنيه لكن هنالك تطورات اقتصادية تدعم موقف لجنة السياسة النقدية لعدم اللجوء لذلك.
استطاع الاقتصاد البريطاني خلال الاسبوع الماضي أن يبرهن للجميع بأنه قادر على تخطي الصعاب و النمو خلال الربع الثالث بأفضل مرتين من التوقعات مدعوما بنمو أداء القطاع الخدمي و البناء, وجميع البيانات الاقتصادية التي جاءت أفضل من التوقعات مثل نمو قطاع الخدمات و الصناعة.
أقرت الحكومة الائتلافية أكبر خطة تخفيض في الإنفاق العام متضمنة رفع الضرائب و تخفيض أجور العاملين في القطاع العام أو تسريحهم بهدف تقليص العجز في الميزانية العامة الذي تجاوز الحد الأعلى الذي وضعه الاتحاد الأوروبي عند 3.0% من الناتج المحلي الإجمالي, و ليسجل 11.1% خلال العام الماضي, يضع تخفيض الإنفاق العام المزيد من الأعباء على عملية التعافي الاقتصادي , خاصة أن البنك المركزي البريطاني يواجه موجة من انقسام الآراء بين أعضاء لجنة السياسة النقدية حول كيفية التعامل مع الارتفاع الكبير في معدلات التضخم.
أسفر محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني خلال الاجتماع الماضي عن تثبيت سعر الفائدة المرجعي عند 0.50% و إبقاء سياسة شراء السندات الحكومية عند 200 بليون جنيه, و جاءت نتيجة التصويت بواقع 7-1-1 , فيرى سنتس ضرورة رفع سعر الفائدة المرجعي بهدف الحد من ارتفاع معدلات التضخم اما بولسين فيرى ضرورة توسيع سياسة التخفيف الكمي لدعم مسيرة الانتعاش الاقتصادي.
ما الذي سيقوم به البنك البريطاني؟
يتوقع بحوث الأعمال و الاقتصاد البريطاني حيث أشارت إلى إمكانية قيام البنك البريطاني بتوسيع قيمة برنامج شراء الأصول ضمن موجة جديدة تقدر بقيمة 100 بليون جنيه إسترليني بل و الإبقاء على سعر الفائدة المتدني حتى نهاية عام 2012 وذلك بهدف دعم عملية تعافي الاقتصاد البريطاني. و التي بدأت تتأثر بما تقوم به الحكومة بأكبر خفض للإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية.
ما اتجاه البنك المركزي الأوروبي فانه مختلف ، يرى البنك أن معدل الفائدة الحالي يعد مناسبا ولن يتبع الاتجاه العالمي نحو التوسع في برامج التخفيف الكمي، لكن الواقع يفرض بعداً آخر على البنك بضرورة العمل على تمديد الوقت المخصص لسياسة التخفيف الكمي , حيث طالب رئيس البنك المركزي الألماني السيد اليكس ويبر من رئيس البنك المركزي السيد جون كلود تريشيت ايقاف سياسة شراء السندات الحكومية طويلة الأمد , و رد تريشيت اليوم بالرفض مبررا ذلك بأن سياسة شراء السندات الحكومية قد انعشت الحكومات الأوروبية و البنوك في محاولاتهم المتكررة لمهاجهة الركود الاقتصادية و الحاجة لتمويل الديون.
إذن البنك المركزي الأوروبي سيبقي سياسته النقدية ثابتة , فالتوقعات تدور حول ابقاء سعر الفائدة المرجعي عند المستويات 1.0% الأدنى منذ ولادة البنوك خاصة و أن معدلات التضخم في منطقة اليورو مسيطر عليها أي حول 2%.