لاتزال حالة الاضطراب مسيطرة على الأسواق على الرغمن من تحسن بيانات سوق العمل التي صدرت اليوم من أكبر اقتصاديات منطقة اليورو، حيث لايزال تركيز الأسواق منصب على كل ما يتعلق بالديون السيادية الأوروبية.
يظهر هذا الإضطراب جليا على السندات المصدرة من قبل الحكومات السيادية حيث لاتزال تكلفة التأمين ضد عدم سداد تلك السندات يسجل ارقاما قياسية في الوقت الذي لم تهدئ فيه الخطوات التي اتخذتها الحكومة الأيرلندية من أجل تقليص العجز و دعم القطاع المصرفي من حالة المخاوف المسيطرة على الأسواق.
و تتضح تلك المخاوف جليا في ايطاليا حيث ارتفعت فروق العائد بين السندات الايطالية و مثيلتها الألمانية لأجل عشر سنوات بنحو 200 نقطة أساس و هذا أعلى مستوى منذ عام 1997 في الوقت الذي تراجعت فيه القيمة السوقية للسندات، و بالتوازي مع ذلك فقد انخفضت القيمة السوقية للسندات الأسبانية لأجل عشر سنوات خلال معاملات الأمس إلى أدنى مستوى منذ بدء العمل بالعملة الأوروبية الموحدة. فيما ارتفع العائد عليها اليوم ليصل إلى 5.68% و بارتفاع قدره 22 نقطة عن الأمس.
في الواقع فإن تصديق الاتحاد الأوروبي و صندوق النقد الدولي على حزمة مساعدات بقيمة 85 بليون يورو إلى أيرلندا فتح الباب نحو التكهن بالمزيد من اقبال الدول المثقلة بالديون في المنطقة إلى المضي في نفس الإتجاه، و لا سيما بالنسبة للحكومة البرتغالية التي تعد أكثر المرشحين بعد اليونان و أيرلندا في الإقدام على تكل الخطوة،ثم يأتي بعده اسبانيا و إيطاليا.
وهذه التكهنات هي التي تعد العامل الرئيسي وراء ارتفاع العائد على السندات و فروق العائد بينها و بين السندات الألمانية التي تعد أكثر استقرار في منطقة اليورو، لكن الأمر السلبي الذي ينعكس وراء ذلك هو انخفاض قيمة اليورو أمام العملات الرئيسية، لكن في ذات الوقت يعد هذا الإنخفاض بمثابة غاية و هدف للبنك المركزي الأوروبي إذ من شأن ذلك أن يدعم من صادرات المنطقة التي تساهم بشكل كبير في دفع عملية النمو.
في سياق متصل، فعلى الرغم من تحسن بيانات سوق العمل في ألمانيا إلا أنها لم تساعد على دعم الاتجاه الايجابي في الأسواق، حيث واصل معدل البطالة انخفاضه في ألمانيا للشهر السابع عشر على التوالي، إذ تقلص عدد العاطلين عن العمل في نوفمبر/تشرين الثاني بنحو 9 الآف شخص ليصل إجمالي عدد العاطلين عن العمل إلى 3.14 مليون شخص و هو أدنى مستوى منذ ديسمبر/تشرين الثاني من عام 1992. بينما بقي معدل البطالة ثابتا و متوافقا مع التوقعات عند نسبة 7.5%.
مجرد إشارات إيجابية لكن ليس لها تأثبر على الأسواق في الوقت الحالي، إذ أن أزمة الديون السيادية لها التأثير الأكبر، على الجانب الآخر فإن معدل البطالة في منطقة اليورو التي تضم 16 عشر اقتصاد جاء دون تغير ومتوافقا مع التوقعات بنسبة 10.1% و إن كان لايزال عند أعلى مستوياته منذ 12 عاما.
جدير بالذكر أن المفوضية الأوروبية عن خفض توقعاتها بشأن النمو في منطقة اليورو خلال العام القادم ليصبح بنسبة 1.5% بعد أن تحقق المنطقة نمو بنسبة 1.7%. ويرجع ذلك إلى تطبيق الحكومة لسياسات خفض الإنفاق العام هذا بجانب ضعف وتيرة النمو العالمي الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على مستويات الطلب و بالتالي ضعف الصادرات.
فيما سوف تواصل اليونان و البرتغال وحدهما دون عن باقي اقتصاديات المنطقة انكماشهما في العام القادم .
وقالت المفوضية أن ألمانيا ستواصل قيادة نمو المنطقة و تتوقع أن تحقق نمو بنسبة 2.2% في عام 2011 و في فرنسا تتوقع بأن ينمو بنسبة 1.6% ويتبعه الاقتصاد الايطالي بتحقيق نمو بنسبة 1.1%.