يرى بعض الخبراء والمحللين إنه في ظل استحواذ شركة تسلا لصناعة السيارات حاليًا على نسبة 1 بالمائة فقط من سوق السيارات بالولايات المتحدة الأمريكية، فإن تسلا لديها مجالًا كبيرًا لتشهد مزيد من النمو. لقد حققت شركات قليلة الشهرة العالمية التي حققتها تسلا (NYSE: TSLA) في غضون ثلاثة عشر عامًا فقط منذ تأسيسها. ولعل أن سبب شهرة الشركة يرجع جزئيًا لشهرة رئيسها التنفيذي "إيلون ماسك"، ولهدف الشركة الثوري المتمثل في أن تصبح "شركة تصنيع سيارات وشركة تكنولوجيا". تأسست شركة Tesla في عام 2007، باسم تيسلا موتورز، بينما شهدت اكتتابها الأولي في يونيو/ حزيران من عام 2010، حينها كان سهم تسلا يتداول بسعر 17 دولار أمريكي فقط. ففي وقت نشر هذا المقال، يتم تداول سهم تسلا بما يزيد عن 800 دولار أمريكي لكل سهم. وبذلك حصد مستثمري الاكتتاب العام الخاص بتسلا عائدًا إجماليًا قدره 4759 بالمائة، أي بمتوسط عائد سنوي قدره 44.75 بالمائة. يتوقع ثيران تسلا 2021 أن يستمر هذا الاتجاه الصعودي للعقد القادم من التداول. سنستعرض خلال هذا المقال، ما إذا كانت توقعات هؤلاء الثيران مبررة، وكذلك يحلل آفاق النمو لبعض مصنعي السيارات الآخرين، بما في ذلك شركات السيارات الكهربائية (EV) ومحركات الاحتراق.
التوقعات الإيجابية لشركات تصنيع السيارات الكهربائية وتيسلا
بتولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وتولى الديمقراطيون السيطرة على مجلسي الكونجرس، فمن المتوقع حدوث تغييرات كبيرة في السياسة البيئية بعد اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب بايدن جينيفر جرانهولم، الحاكمة السابقة لولاية ميشيغان، عاصمة تصنيع السيارات في أمريكا لشغل منصب وزيرة الطاقة. كحاكمة سابقة، حصلت جرانهولم على تمويل بقيمة 1.35 مليار دولار لتطوير شركات تصنيع السيارات الكهربائية والبطاريات بميشيغان. لذا فمن المتوقع، أن تتابع جرانهولم هذه المهمة لأبعد من ذلك، بهدف مساعدة بايدن في جعل الولايات المتحدة قادرة على منافسة الصين في مجال السيارات الكهربائية. فلقد تعهد بايدن ببناء 550 ألف محطة شحن كهربائية وخلق أكثر من مليون وظيفة في مجال الطاقة النظيفة خلال فترة ولايته. ومن المتوقع أيضًا أن يواصل بايدن منح الإعفاءات الضريبية على مشتريات المركبات الكهربائية. ولكن، ماذا يعني كل هذا بالنسبة لشركات تصنيع السيارات الكهربائية بالولايات المتحدة الأمريكية؟
من وجهة نظر أساسية بحتة، يبدو منطقيا أن تستفيد كافة شركات السيارات الكهربائية الأمريكية، بما في ذلك Tesla، من تشريعات الطاقة النظيفة القادمة، وبالتالي ستشهد زيادة في الحوافز التي ستؤدي لمزيد من المبيعات، مما سيعزز سعر سهم تسلا. ففي الواقع، تشكل مبيعات السيارات الكهربائية ما يقرب من 3٪ من إجمالي مبيعات سيارات الحالية، ولكن من المتوقع أن يقفز هذا الرقم إلى 10٪ بحلول عام 2025.
بالإضافة إلى ذلك، لقد قامت تسلا بتسليم 499.550 سيارة خلال العام المنصرف 2020، والتي لا تشمل فقط سيارات وشحنات من طرازات تسلا الحالية، ولكنها أيضًا قامت بتوصيل شاحنات كهربائية بأسعار معقولة، تبدأ من سعر 25000 دولار أمريكي، والتي لم يتم الكشف عنها بعد. لذا يري ثيران تيسلا، بأنه تلك التوسعات حتما ستؤتي ثمارها، ولو جزئيًا، وبالتالي فإن تقييم الشركة وسعر سهمها سيستمر في الارتفاع خلال السنوات القادمة. وبالتالي، إذا كان هذا التحليل صحيحًا، فذلك يعطي إشارة بإنه لم يفت الأوان بعد لشراء أسهم Tesla بأسعارها الحالية. في الواقع، أفصح إيلون ماسك – الرئيس التنفيذي لتسلا بإنه يتوقع أن تقدم الشركة 20 مليون سيارة سنويًا على مدار العقد المقبل.
ذلك في الوقت الذي غير فيه آدم جوناس أحد خبراء مورجان ستانلي اتجاه توقعاته، فهو أحد أشهر دببة تسلا على المدى الطويل، والذي توقع سابقا ألا يتخطى سعر سهم تسلا مستوي 250 دولارًا أمريكيًا فقط للسهم الواحد في ديسمبر 2019، إلا إنه غير قناعاته التحليلية مؤخرًا، فهو يتنبـأ الآن بتوقعات إيجابية لسعر سهم تسلا تصل لمستوي 810 دولار أمريكي لكل سهم. أخيرًا، يجادل العديد من محللي الأسهم بأنه منذ إدراج تسلا ضمن مؤشر ستاندرز آند بورز في 21 ديسمبر/ كانون الأول 2020، فإنه تعيين على كلا من صناديق الاستثمار ومتعقبي المؤشرات شراء السهم لإعادة التوازن لمراكزهم المالية. فمرجعيا، تشهد أسعار الشركات المنضمة مؤخرا للمؤشر بطفرة سعرية قصيرة الأجل.
التوقعات الإيجابية لشركات تصنيع السيارات الكهربائية وتيسلا
على الرغم من رؤية ماسك المثيرة للإعجاب حول التدفق الإنتاجي لمنتجات تسلا المستقبلي، إلا أن النقاد مازالوا يتشدقون بما لديه من سجل حافل بالفشل في الالتزام بالمواعيد النهائية، ويشيرون إلى أن مثل هذه الإخفاقات غالبًا ما يكون لها تأثير ضار على سعر السهم في السوق. ففي الواقع، أفصح ماسك نفسه عبر مكالمة جماعية للشركة في الربع الأول من العام المنصرف 2020 أن "الالتزام بالمواعيد ليس نقطتي القوية، لكنني دائمًا ما أصل في النهاية". على جانب أخر، وبسبب شخصية إيلون ماسك المتقلبة وميله للإدلاء بتعليقات عامة مفاجئة ويتابعها الكثيرين باهتمام، فإن سعر سهم تسلا بذلك يكون أكثر عرضة للهبوط المفاجئ من أسعار الأسهم الأخرى. فعلى سبيل المثال، في مايو/أيار 2020، غرد ماسك أن سعر سهم تسلا “مرتفعًا للغاية"، الأمر الذي أدى لانخفاض سعر أسهم تسلا بنسبة 12٪ في غضون نصف ساعة ومحق 14 مليار دولار من قيمة الشركة خلال ثلاثون دقيقة. بالطبع، انتعش السهم وارتفع بعدها لمستويات قياسية جديدة بعد ذلك الموقف.
قد يؤدي العدد الكبير من المنافسين الجدد في مجال تصنيع شركات السيارات الكهربائية أيضًا لتشتيت الانتباه عن تسلا. فأصبح هنالك العديد من منتجي السيارات الكهربائية الصينيين، والذين أطلق عليهم مؤخرًا لقب المنافسين الجادين لشركة Tesla، بما في ذلك شركة نيو (NYSE: NIO) وشركة لي أوتو ( (NASDAQ: LI وشركة إكس بينج (NYSE: XPEV). بالطبع كل تلك الشركات ستستفيد من نفس القوى والعوامل التي تدفع أسعار أسهم تسلا لأعلى، بما في ذلك التنظيمات والتشريعات الصديقة للبيئة وإمكانية إنهاء أو على الأقل تهدئة الحرب التجارية المحتدة بين الولايات المتحدة والصين بمجرد تولي الرئيس المنتخب بايدن منصبه. فلا شك من حقيقة أن الصين هي أكبر منتج للمركبات الجديدة في العالم، بفضل مساعدة الشركات المصنعة الموجودة في الصين.
هل سعر سهم تسلا مبالغ فيه؟
ربما تكون أقوى حجة لدى الدببة بالسوق، هي أن سعر سهم تسلا الحالي يبدو مبالغًا فيه وغير معقولة وأعلى من التقييم الفعلي. ففي عام 2020، سلمت تسلا ما يقل قليلاً عن 500.000 سيارة، إلا أن سعر السهم الحالي يعزي أن قيمة الشركة تقدر بنحو 750 مليار دولار أمريكي. في حين أن جنرال موتورز (والمدرجة في بورصة نيويورك تحت برمز NYSE: GM)، والتي تأسست قبل قرن كامل من تسلا، وقامت بتسليم 2.5 مليون سيارة لنفس العام 2020، إلا السعر السوقي لأسهمها يعزي أن تقييم الشركة لا يتجاوز 62 مليار دولار أمريكي. علاوة على ذلك، تبلغ نسبة السعر إلى الأرباح لسهم تسلا ما يقرب من 128 ضعفًا، بينما يظل معيار الصناعة والذي يكافئ 15 ضعفا مقبولا. بعبارة أخرى، وبناءً على البحث الذي أجرته شركة زاكس انفستمت ريسيرش الأمريكية والمختصة بالدراسات والبحوث الاستثمارية، بأن الأمر سيستغرق من Tesla العمل الدؤوب لمدة 1600 عام لتوليد تدفق الإيرادات الذي يعنيه سعر السهم السوقي الحالي. وبالتالي، فإن المنطق الذي يتوقع الاتجاه الهابط لتسلا يفرض عليك عدم شراء أسهم تسلا عبر الإنترنت بالسعر الحالي، لأن تقييم السهم مرتفع للغاية.
.jpg "صورة توضيحية")
الرأي العام
نرى أن احتمالية الاتجاه الصاعد لسهم شركة تسلا أكثر إقناعًا من الاتجاه الهابط. فإذا كنت مقتنعًا بالحالة الصعودية، فسيظل السؤال هو ما إذا كان من الجيد الاستثمار في سهم تسلا الآن أو التريث والانتظار حتى ينخفض السعر الحالي لمستويات شراء مناسبة. ولعل هذا سؤال يصعب الإجابة عليه، لأن الإجابة عليه تعتمد بشكل كبير على نوع المستثمر ودرجة تحمله للمخاطر، وكذلك على أهداف الإطار الزمني للربح. فإذا كنت تبحث عن مكاسب سريعة، فقد يكون سهم تسلا خيارًا ممتازًا، لأن سعر السهم سيميل للتقلب بشكل كبير خلال اليوم أكثر من معظم الأسهم الأخرى. ومع ذلك، لا تنسي إنك قد تكون عرضة لخسائر فادحة أيضا إذا لم يتحرك السوق لصالحك. ما هي درجة تحملك وتقبلك للمخاطر؟ هل حسابك مؤهل وعلى استعداد لتحمل فترات الخسارة أم أن الخسائر ستدمر حسابك؟ اسأل نفسك هذه الأسئلة قبل أن تقرر ما إذا كان عليك شراء سهم تسلا الآن أو الانتظار. هناك بعض الأشياء التي تتمتع بها Tesla ولا تمتلكها الشركات الأخرى حاليًا:
- من المرجح أن تظل تسلا خيارًا عصريًا لمشتري السيارات، حتى مع ظهور شركات أخرى تقدم سيارات كهربائية تنافسية.
- على الأغلب أن تستمر تسلا بمفاجأة المساهمين والمستهلكين بطريقة إيجابية لسنوات قادمة، لما تتمتع به من سمعة تفوق كونها شركة تصنيع سيارات، بل تمتد لكونها شركة تكنولوجيا مبتكرة ومذهلة.
- أنتجت الشركة ما يقرب من 180 ألف سيارة في الربع الرابع من عام 2020، وهو ما يعادل معدل تشغيل سنوي يبلغ 719 ألف مركبة، إذا ظلت مستمرة في الإنتاج بنفس الوتيرة. ومع ذلك، نعلم أن تسلا تخطط لفتح مصانع جديدة في تكساس وبرلين خلال الأسابيع المقبلة، مما سيسمح للشركة بتوسيع معدل إنتاجها باستمرار. كما أن الطاقة الإنتاجية الإضافية لطراز Tesla Model Y في شنغهاي سيساهم أيضا لتحسين أرقام إنتاج الشركة.
- كشركة جديدة نسبيًا، تمتلك تسلا مدخلا متميزا من حيث تحسين إجراءات التشغيل وخفض التكاليف، مما قد يكون له تأثير إيجابي كبير على إجمالي أرباح الشركة لعام 2021 وما بعده. فإذا تمكنت تسلا، فعلىا من زيادة عمليات التسليم بنسبة 60 بالمائة هذا العام، كما يتوقع العديد من المحللين، فقد تشهد بالتأكيد نموًا كبيرًا في الأرباح، خاصة إذا استمرت في الحفاظ على هوامش ربح مناسبة.
الملخص
ليس هناك شك في أن المستثمرين الراغبين في تحمل المخاطرة لديهم فرص ربح هائلة. فأولئك الذين استثمروا في أسهم شركة أبل قبل عشر سنوات، عندما كان مفهوم تكنولوجيا الإيفون مفهومًا جديدًا، شهدوا مكاسب تقريبية تقدر بنسبة 1200 بالمائة، أي ما يقرب من عائد سنوي قدره 30 بالمائة. وبالمثل، فإن أنصار تسلا يشعرون بالتفاؤل بشأن عروض الشركة وقدرتها على إحداث ثورة في صناعة السيارات الكهربائية وما هو يمتد لأكثر من ذلك. ففي الواقع، هناك العديد من الـ "تسلانير" وهو لفظ تم إطلاقه على من أصبحوا أغنياء بفضل استثماراتهم في سهم تسلا، والذي ارتفع بنسبة 700٪ في عام 2020. وفي ظل، استحواذ تسلا حاليًا على 1٪ فقط من سوق السيارات في الولايات المتحدة، قد يجادل القليل بأن لديها فرص كبيرة لمزيدا من النمو المستقبلي. فعلى الرغم من أن هناك العديد من المحللين المهتمين بتقديم تنبؤات حول الحركة السعرية لأسهم تسلا، وحتى أكثرهم تأييدا للاتجاه الصاعد لتسلا، يتفقون على أن ارتفاع سعر سهم الشركة بنسبة 700% أخري سيناريو غير مرجح، إلا إنهم في الوقت ذاته يتفقون على أن الشركة ستستمر في التفوق على أداء مؤشر ستاندرد آند بورز 500 وخلق فرص استثمارية لمتقبلي المخاطرة.
الأسئلة الشائعة
هل ما زالت تسلا تمثل فرصة شراء؟
إن الإجابة تعتمد بشكل كبير بالنوع الذي تنتمي إليه كمستثمر ولدرجة تحملك للمخاطر، وكذلك على أهدافك الاستثمارية والإطار الزمني المخطط للربح. فإذا كنت تبحث عن مكاسب سريعة، فقد يكون سهم تسلا خيارًا ممتازًا، لأن سعر السهم سيميل لأداء متقلب خلال اليوم أكثر من معظم الأسهم الأخرى.
ما هي مبررات توقعات انخفاض سعر سهم تسلا؟
- سجل ايلون ماسك الحافل بالفشل في الالتزام بالمواعيد النهائية، سيكون له تأثير ضار على سعر السهم في السوق.
- شخصية إيلون ماسك المتقلبة وميله للإدلاء بتعليقات عامة مفاجئة ويتابعها الكثيرين باهتمام، ستعرض سعر سهم تسلا لأي هبوط مفاجئ.
- دخول عدد كبير من المنافسين الجدد في مجال تصنيع شركات السيارات الكهربائية أيضًا سيشتت الانتباه عن تسلا.
من هم أبرز المنافسين الجدد لتسلا؟
شركة نيو وشركة لي أوتو وشركة إكس بينج
ما الذي تتمتع به تسلا ولا يتمتع بها أغلب المنافسين الجدد؟
من المرجح أن تظل تسلا خيارًا عصريًا لمشتري السيارات الكهربائية، حتى مع ظهور منافسين جدد، لما تتمتع به من سمعة تفوق كونها شركة تصنيع سيارات، بل تمتد لكونها شركة تكنولوجيا مبتكرة ومذهلة. وبفضل امتلاكها مدخلا متميزا من حيث تحسين إجراءات التشغيل والإنتاج مع خفض التكاليف.