برنامج التحول الوطني 2020

أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في 2015 سلسلة من الإصلاحات والمبادرات التي أطلق عليها، (برنامج التحول الوطني 2020) لتتجة المملكة العربية السعودية نحو أكبر عملية إصلاح لتحسين سبل العيش للمواطنين السعوديين، حيث تمر المملكة العربية السعودية بعملية تغيير في هياكلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي لم ترها منذ تأسيسها في عام 1932.

ويسعى الأمير محمد بن سلمان وفريقه إلى إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، من خلال برنامج التحول الوطني، وتقليل اعتماده على النفط وخلق المزيد من الفرص الاجتماعية والاقتصادية للشعب السعودي، وذلك من خلال الإستعانة بمجموعة من المستشارين المقربين، ويساعدهم مجموعة من الاستشاريين متعددي الجنسيات ومصرفي الاستثمار.

الأسباب وراء إطلاق البرنامج

ومن الجدير بالذكر أن، المملكة العربية السعودية تمتلك من النفط والغاز حوالي 20٪ من احتياطي النفط العالمي، ويمثل حوالي نصف الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية، ومثل هذا الاقتصاد غير المتوازن الذى يعتمد بشكل رئيسي وأساسي علي قطاع النفط يمثل تحدٍ كبير لاقتصاد المملكة السعودية، فعندما تنخفض أسعار الطاقة، كما حدث عام 2014 ، حيث انخفض سعر النفط الخام من 100 دولار للبرميل إلى حوالي 50 دولارًا، أدى ذلك إلى إحداث فجوة في الميزانية السعودية، مما أجبرها على حرق احتياطياتها واقتراض المليارات لتمويل عجزها وفي ظل هذه الازمة نبتت فكرة برنامج التحول الوطني.

كذلك ظل العمال الأجانب جزءًا لا يتجزأ من الاقتصاد على الرغم من سياسات "السعودة" التي تنص على أن نسبة أعلى من وظائف البلاد تذهب للمواطنين. وبالرغم من ذلك، في الوقت الذي يستمر فيه القطاع الخاص في المملكة العربية السعودية في النمو، لا يزال عدد السعوديين العاملين فيه منخفضًا نسبيًا، حيث يقدر عدد العاملين في القطاع العام بحوالي 70 في المائة.

أهداف البرنامج التحولي

ومن هنا جاءت مبادرة الأمير محمد بن سلمان، برنامج التحول الوطني، والتى تشمل توفير 1.2 مليون وظيفة في القطاع الخاص وخفض البطالة إلى 9٪ بحلول عام 2020، من 11.6٪، وتعكف المملكة على إنفاق 100 مليار دولار لبناء (مدينة الملك عبد الله الاقتصادية)، والتي تهدف إلى أن تكون مركزًا للأعمال يجذب الاستثمارات الأجنبية في مجالات التصنيع والتكنولوجيا والأدوية، بالإضافة الي تنشيط القطاع السياحي في المملكة.

انخفاض ملحوظ فى معدلات البطالة الي إرقام قياسية

ومن حيث السياسة المالية، لم تكن الحكومة أقل طموحًا، حيث تهدف الحكومة إلى تخفيض العجز المالي إلى 7.7% من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2017، وتحقيق التوازن في الميزانية بحلول عام 2019، وتوليد فائض مالي بحلول عام 2020. والمفتاح لتحقيق هذه الأهداف هو الزيادة المتوقعة في الإيرادات غير النفطية، بما في ذلك الاستثمار الأجنبي، وزيادة النمو في قطاع السياحة ، والضرائب والرسوم الجديدة.

إنخفاض متتالي في العجز المالي للمملكة

وتأمل المملكة أيضًا في جذب الاستثمارات في قطاع التعدين غير النفطي، مثل الذهب والفوسفات واليورانيوم. كذلك ستفرض المملكة العربية السعودية ضرائب على منتجات التبغ والمشروبات الغازية، وتطبق ضريبة القيمة المضافة ، وتزيد رسوم ضريبة العمال المغتربين ، وترفع أسعار الطاقة والمياه ، وتضيف مجموعة متنوعة من الضرائب والرسوم.

أدوات ووسائل المملكة لتنفيذ خطة التحول

وفي ظل الإعداد لبدء العمل علي برنامج التحول الوطني، أنشأت الحكومة المركز الوطني لإدارة الأداء، لرصد التقدم المحرز في إصلاح القطاع العام والإبلاغ عنه، والذى يتضمن أيضًا حتمية زيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، بالإضافة الي برنامج "إزالة العقبات أمام القطاع الخاص" لتحديد الروتين غير الضروري الذي قد يعيق نمو القطاع الخاص.

 كذلك أنشأت الحكومة سلطة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لدعم تطوير هذه الشركات من خلال التدريب والتمويل. ونفذت الدولة أيضًا عددًا من الإصلاحات التنظيمية والقانونية المصممة لتحفيز المزيد من النمو في الاقتصاد. وتشمل هذه القوانين، قانون الشركات الجديد، والإفلاس، وقوانين الامتياز، وطلبات الحصول على تأشيرة عمل سريعة، وقانون الرهون التجارية.

الأبعاد المختلفة لهذه الإصلاحات الجارية

اولا الابعاد التمويلية:

أظهرت جميع المقاييس الاجتماعية والاقتصادية تقريبًا تطوراً ملحوظًا في عام 2019، بعد 3 سنوات تقريباً من أطلاق برنامج التحول الوطنى 2020، نجد أن صندوق الثروة السيادية السعودي نما ليصل الي 2 تريليون دولار، وهو الأكبر في العالم حاليا، خاصاً عقب طرح جزء من أسهم شركة النفط السعودية (أرامكو) للإكتتاب العام والخاص فى 2019، والذى سجل أنه أكبر إكتتاب شهده العالم حتى وقتنا الحالي.

ثانيا الأبعاد الإجتماعية:

في تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016 ، احتلت المملكة العربية السعودية المرتبة 141 ، متقدماً على سوريا وباكستان واليمن فقط في نظام الوصاية الذكورية علي النساء، فعلي سبيل المثال تحتاج النساء السعوديات إلى موافقة ولي الأمر الذكر للوصول إلى الرعاية الصحية أو الزواج أو السفر أو العمل أو فتح مشروع تجاري، ولا يحق لهم قيادة السيارات .

وعلى مدى العقود الماضية ، حققت المملكة العربية السعودية تقدماً مذهلاً في مجال تعليم المرأة ، حيث أن أكثر من نصف خريجي الجامعات حالياً من النساء. وعلى الرغم من هذا التقدم ، يبلغ معدل البطالة بين النساء 32.7%،وكانت المرأة السعودية تواجه عقبات ثقافية وتنظيمية هائلة أمام دخول سوق العمل.

ليأتي برنامج التحول الوطني بهدف زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة من 22% إلى 30%، وتم إنهاء حظر القيادة للمرأة السعودية في خطوة نحو تحقيق أهداف الخطة علي المستوي الإجتماعي، كذلك تحركت الحكومة لإزالة عدد من القيود المفروضة على النساء خلال السنوات الماضية بما في ذلك القدرة على الوصول إلى بعض الخدمات العامة وحضور الأحداث الرياضية في الملاعب.

مساهمات برنامج التحول الوطني في الإقتصاد الكلي للمملكة