تبادل العملات عن طريق الإنترنت

عنوان الفتوى : تبادل العملات عن طريق الإنترنت
تاريخ الفتوى : 12 ذو القعدة 1426 الموافق 13/12/2005
الشيخ المفتي: مجموعة من المفتين
 
السؤال : ما الحكم في تجارة العملة على الإنترنت في المواقع ذات التعاملات الفورية، فبمجرد موافقة العميل على السعر يتم البيع في 15 ثانية، وتضاف لحساب العميل فوراً؟
 
وهل إضافة المبلغ لحساب العميل تغني عن التقابض مع العلم أن التعامل في حدود الرصيد المودع بالحساب، وعدم أخذ فوائد ربوية على المال المودع في الحساب؟. وشكراً
 
الرد:
بسم الله،والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله،وبعد:-
 
مبادلة العملات في الأسواق المالية لا تتفق ممارستها العملية مع قواعد الصرف الشرعية التي تحكم التبادل بين العملات؛ وعلى هذا فلا يجوز منها إلا ما تدعو إليه الضرورة والحاجة، وأما دخول السوق للمضاربة ( أي المقامرة) فلا يجوز .
 
يقول الشيخ الدكتور : سامي بن إبراهيم السويلم(باحث في الاقتصاد الإسلامي من علماء المملكة العربية السعودية ):-
 
هناك فرق بين إجراء البيع والشراء وبين التسوية، فإجراء العقد يتم في ثوان كما أشار الأخ الكريم. أما التسوية (settlement)، فهي تعني دخول المبلغ في حساب المشتري، ودخول العوض في حساب البائع، بحيث يمكن لكل طرف أن يتصرف في المبلغ لمصلحته الخاصة بالسحب وغيره، وبهذا يتحقق التقابض بين الطرفين.
 
لا يوجد حتى الآن في سوق العملات الدولية تقابض أو تسوية فورية تتم في لحظة إنجاز العقد، بل يتأخر التقابض لمدة يومين (ويشار إليه بـ( T+2) أو أكثر. في بعض الحالات يمكن للمتعامل اشتراط أن تتم التسوية في نفس اليوم (T+0) لكن الأصل هو التأخر.
 
وقول الأخ: إن المبلغ يضاف لحساب العميل في ثوان، ربما يقصد أن حسابه لدى السمسار يظهر تنفيذ العقد (البيع أو الشراء)، بحيث يمكنه إجراء عملية أخرى. لكن هذا ليس هو التسوية المشار إليها. وأقترح أن يتأكد الأخ من السمسار عن موعد إتمام التسوية، ومتى يمكنه أن يتصرف في المبلغ بالسحب وغيره، وليس مجرد إجراء صفقة أخرى. انتهى.
 
ويقول الشيخ حامد العطار الباحث الشرعي بالموقع:-
 
يوجد نوعان من التعامل في أسواق العملات: نوع يسمى التعامل العاجل (SPOT)، ونوع يسمى التعامل الآجل (Forward)، فما الذي يعنونه بالتعامل العاجل؟؟
 
يعنون بهذا أن العملات المتبادلة المباعة والمشتراة يتم تسليمها خلال يومي عمل بخلاف اليوم الذي تم التعاقد فيه على إجراء العملية، مع مراعاة أيام العطلات الرسمية في حساب تواريخ الاستحقاق وهي: السبت والأحد في أوروبا و أمريكا والجمعة في الشرق الأوسط .
 
ويترتب على ذلك أنه إذا تم تبادل بين عملة أوروبية أو أمريكية مقابل عملة أوروبية يوم الجمعة فسيكون التسليم الفعلي يوم الثلاثاء بإهدار يومي السبت والأحد لأنهما عطلة رسمية في أوروبا وأمريكا.
 
وإذا تم تبادل بين عملة أوروبية أو أمريكية مقابل عملة شرق أوسطية يوم السبت فسيكون التسليم الفعلي يوم الأربعاء بإهدار أيام الجمعة والسبت والأحد ؛ لأنها أيام عطلة في الشرق الأوسط فكأن العملية تمت يوم الإثنين فيكون التسليم يوم الأربعاء بعد يومي عمل، وما يحدث يوم التعاقد هو تسجيل للعملية فقط.
 
ويعود السبب في ذلك لأمور تنظيمية وإدارية لتمكين الأطراف المعنية من التأكد من صحة كل جوانب العملية وتدقيقها وإنجاز الوثائق الخاصة بها.( كتاب محاكاة سوق القطع الأجنبي ليزيد المفتي نقلا عن مجلة مجمع الفقه الإسلامي ).
 
ولا شك أن التأخر على هذا النحو به إخلال بالقواعد الحاكمة بتبادل العملات، والتي بينها نحو حديث عبادة بن الصامت :" حيث قال:" سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينًا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى." رواه مسلم وغيره.
ونحو حديث عمر بن الخطاب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء، والبر بالبر إلا هاء وهاء، والتمر بالتمر إلا هاء وهاء، والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء" أي إلا يدًا بيد." رواه البخاري ومسلم .
 
وهذا التأخر قد يجوز للضرورة وللحاجة التي تنزل منزلتها، من كل محتاج للعملة للاستيراد وغيره، وأما أن يرخص في هذا للمقامرات على العملة فلا.
 
وهذا، فضلا عما في المقامرة بالعملات من مخاطر اقتصادية على العملات.
يقول الدكتور محمد بن سعود العصيمي- أستاذ الاقتصاد الإسلامي المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية- :-
 
إن جعل العملات مجالا للمضاربة أمر فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة. وما آثار الاضطرابات في العملات المحلية والدولية في الغالب إلا من جراء جعل العملات مجالا للمضاربة. وقد نهى السلف رحمهم الله عن جعل العملات مجالا لذلك.
 
ولذلك لا أتردد في القول بتحريم المضاربة في عملات البلدان الإسلامية خاصة الفقيرة؛ لما فيها من الضرر المتعدي على جميع مسلمي تلك الديار.
 
والله أعلم .
 
مصدر الفتوى : إسلام أون لاين